kayhan.ir

رمز الخبر: 205850
تأريخ النشر : 2025May03 - 20:03

الوصاية الصهيونية على سوريا

 

 بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى والتوقيع على اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 اتفقت كل من بريطانيا وفرنسا على تقسيم الارث الشرق اوسطي فيما بينهما فكان من نصيب بريطانيا العراق وفلسطين وشرق الاردن، بينما كانت سوريا ولبنان من نصيب فرنسا. فأنشأت فرنسا جيشاً عرف بأسم "جيش المشرق" وهي القوات المرسلة الى بلاد الشام، فأطلق قائد القوات الفرنسية الجنرال "ماريانو غوابيه" بعد وصوله دمشق نهاية تموز 1920 وتوجه من فوره الى قبر صلاح الايوبي في دمشق، اطلق مقولته: "ها قد عدنا يا صلاح الدين"، فيما ارسل الجنرال "هنري غورو" الممثل الفرنسي في لبنان انذاراً رسمياً الى حكومة الملك فيصل في دمشق التي حكمت بعد خروج العثمانيين، بالتنحي فحرص غورو على تقسيم سوريا وشرذمتها الى خمس دويلات وفق الاسس الطائفية التي تخدم المصالح الاستعمارية لاطول مدى ممكن، لما ادركه الفرنسيون ان سوريا كانت مركزاً مهماً من مراكز المقاومة الاسلامية في المشرق منذ عصر الحروب الصليبية، ولذلك رأوا أن افضل وسيلة للقضاء على هذه الروح تكمن في تقسيم البلاد. وهذا ما صدر عن الكولونيل "جورج كاترو" رئيس مكتب الاستخبارات في ادارة الانتداب الفرنسي، قوله: "لقد جزأنا سوريا مراعاة منا للخصائص الطائفية وليس لوحدة البلاد الطبيعية والجغرافية". فشمل التقسيم الجديد: دولة في دمشق ودولة حلب ودولة الدروز ودولة العلويين. ولم يتم التطرق عن تقسيم دول اخرى مثل: مصر والسعودية ومساحتها اكبر من سوريا، وذلك لان المهمة هي منع قيام اي حركة مقاومة بوجه احتلال فلسطين، الا ان المقاومة الشعبية دحرت مخططات المستعمرين وقدم السوريون في معركة ميسلون الالاف من الشهداء لتفشل جميع محاولات التقسيم.

واليوم نسمع نفس المؤامرة من وزير المالية الاسرائيلي "سموتريتيش" بخصوص تفكيك سوريا وتفتيتها كهدف جديد من اهداف الحرب التي بدأت غداة طوفان الاقصى، بعد ان حصلت "اسرائيل" على التزام تركي وسوري باحترام خطوطها الحمر بما فيها اعتبار المناطق الجنوبية مساحات عمل اسرائيلية والامتناع عن بناء جيش قوي في سوريا وعن اقامة قواعد تركية، هذا اضافة لرد الحكومة السورية الانتقالية يوم السبت الماضي على الشروط الاميركية لرفع العقوبات جزئياً عن سوريا فوافق الجولاني على مجمل الشروط وفي طليعتها مراقبة انشطة الفصائل الفلسطينية والتعهد بأن لا تكون سوريا منطلقاً لتهديدات تطول المصالح الاميركية او الغربية، وان سوريا لن تشكل مصدر تهديد لاسرائيل.

كما ونقل السيناتور الاميركي "كوري ميلز" رئيس لحنة القوات المسلحة الاميركية عن استعداد الحكومة السورية للانضمام الى اتفاقات ابراهام وعدم اعتبار احتلال الجولان عقبة امام ذلك. وبذلك يكون الجولاني في رسالته الى ترامب والتي نقلها "ميلز" قد قبل بكل المطالب الاميركية التي سبق وطلبها وزير الخارجية الاميركية "كولن باول" من الرئيس بشار الاسد في عام 2003 عقب الغزو الاميركي للعراق، وزيارة "باول" لدمشق ولقائه بالاسد وطلب منه قطع العلاقات مع ايران ووقف دعم المقاومتين اللبنانية والسورية ضد "اسرائيل" واغلاق مكاتب الفصائل الفلسطينية في دمشق وإلا فان واشنطن ستسعى لاسقاطه.

وهكذا جهدت اميركا لافشال مؤتمر "سوتشي" الذي رعته روسيا في 30/1/2018 والاعلان عن تشكيل قوة حدودية – بالتنسيق مع فصائل حليفة – قوامها 30 الف جندي تكون مهمتها الانتشار على الحدود السورية مع تركيا شمالاً والعراق باتجاه الجنوب الشرقي وعلى طول وادي نهر الفرات. وهذا ما علق عليه وزير خارجية روسيا "سيرغي لافروف" بان اقامة منطقة يسيطر عليها مقاتلون تدعمهم اميركا يؤدي الى تقسيم البلاد. وكانت مؤسسة "راند" التي تعد من اهم مراكز الابحاث الاميركية قد كشفت في دراسة عن تفاصيل الخطة الاميركية لتقسيم سوريا، من خلال تشكيل ادارات محلية تتمتع بحكم ذاتي لكل منها سلطاتها المستقلة عن دمشق فيما يشبه الاتحاد "الكونفيدرالي" من خلال وجود دائم للقوات الاميركية بموافقة الامم المتحدة.

 من هنا نشهد عدم جدية اميركا في محاربة تنظيم داعش وسماحها بالتحرك بحرية في المناطق التي يسيطر عليها.

وليس بعيداً عن ذلك المخطط ما نشهده من اعمال عنف طائفي ولاسيما في المناطق ذات الاغلبية الدرزية. فقد اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل 75 شخصاً في الاقل غالبيتهم من الدروز خلال يومين من الاشتباكات ذات الطابع الطائفي في محافظة السويداء. وعلى اثره اتهم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا "حكمت الهجري" الحكومة الحالية بقتل الشعب السوري وطالب بعون دولي واصفاً ما يجري بالمجازر الداعشية التكفيرية، ونافياً صفة العصابات عن اهالي هذه المناطق. وجاءت هذه التطورات بعد اشتباكات شهدتها مدينة جرمانا، ومنطقة اشرفية صحنايا، هذه الاحداث تعطي الضوء الاخضر لكيان الاحتلال بالعدوان، اذ اعلن جيش الاحتلال مهاجمة طائراته منطقة قريبة من القصر الرئاسي في دمشق – على بعد 400 متر من القصر... عقب ذلك قال رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي في بيان مشترك مع وزير الامن "يسرائيل كاتس"؛ ان هذه رسالة واضحة للنظام السوري، فلن نسمح بنشر قوات سوريا جنوبي دمشق او تهديد الطائفة الدرزية بأي شكل من الاشكال...وسترد "اسرائيل" بقدر كبير من القوة.

ان في زمن الصراعات الكبرى يكون النظام السوري قد قدم خدمة استراتيجية مهمة للاميركان، مما يدفعنا للتوصل الى ان هناك مصالح مشتركة تربط الجولاني بالادارة الاميركية، والمستقبل سيشي بما هو أفظع.