kayhan.ir

رمز الخبر: 205586
تأريخ النشر : 2025April28 - 21:26

حصانة الدولة برجالها

 ليست الجغرافيا التي تحدد مصير أمة مرت بمخاضات تغور في أعماق التاريخ، فلن يبقى اي عذر لمن يتذرع بضبابية المواقف أو تعصب جهة وتمذهب اخرى. فحتى من لا يقرأ عبر التجارب ودروسها فهو يرى التفاعلات المتسارعة على الارض. كما قالها أمير المؤمنين عليه السلام: "ما اوضح الحق لذي عينين".

 إن التجربة الاسلامية في لبنان انبعاثة طبيعية بين غيارى الجيل الذي يشهد اغتصاب كرامته والعدوان على تربته والتي بلغت ذروتها عام 1982 عام الغزو الصهيوني للاراضي اللبنانية بما يستبطنه من اهداف استراتيجية بدأت بطرد منظمة التحرير الفلسطينية من الجنوب واقامة حكم كتائبي ماروني في لبنان. ولا ردة فعل عربية اذ ان جو الهزيمة هو الغالب. الا ان العدو يغفل دائماً حين يتعامل مع الحكومات ويتجاهل رجال الامة، اذ بدأت نواة المقاومة تتكون في المساجد والاحياء الفقيرة على يد رجال دين هم امتداد لرجال فجروا الثورة الاسلامية في ايران قلبت موازين الصراع واطاحت بمعادلات المستعمر، فنسج علماء لبنان خيوط المقاومة الاسلامية لتصحيح حالة الصراع مع الاحتلال الصهيوني.

فحركت الجانب الفطري بقوة لدى جيل من الشباب الفلسطيني كان قد قرأ اخطاء الماضي وخيانات الانظمة العربية، التي وجدت في الثورة الاسلامية خطراً يهدد بقاءها. وكم كان دقيقاً تشخيص الشهيد "فتحي الشقاقي" حينها: "لقد مر شعبنا بعد احتلال ارضه المباركة بعدة محطات اثرت به بشكل كبير حتى وصل الى الانتفاضة، في هزيمة 1967 وانكشاف عورة الانظمة، الى عام 1979 عام انتصار الثورة الاسلامية في ايران، وتفاعل شعبنا مع جماهيرها المسلمة المجاهدة الى المحطة الاهم وهي المقاومة الاسلامة في حنوب لبنان". بينما نسمع تصريحات زعماء الحكومات العربية المعبرة عن قلقها كما قال رئيس وزراء الاردن حينها "احمد عبيدان" في مؤتمر صحفي: "ان انتشار عقائد آية الله الخميني "ره" في منطقة الشرق الاوسط سيعرض وجودنا ووجود اميركا و"اسرائيل" للخطر".

وفي نيسان من عام 1987 يصدر القرار الكويتي باستدعاء الاساطيل الاوروبية والاميركية الى مياه الخليج الفارسي. وتنعقد قمة عمان في "8/11/1987" لتكرس الخلفية الاستعدادية للبعض من حكام العرب بالوقوف بوجه الحالة الاسلامية، حتى لوتطلب ذلك التحالف مع الصهاينة والاميركان في اي قرار يعادي حتى من يساند الجمهورية الاسلامية في ايران ولو من بعيد، كما رشح عن "جورج بوش" وكان نائباً للرئيس الاميركي حين قصفت اميركا ليبيا مرتين، قائلاً: "ان دول الخليج الفارسي كانت راضية على العمل الاميركي ضد ليبيا".

ناهيك عن التجربة اللبنانية لانها قريبة من برميل البارود ولذا ستكون اخطر في دلالاتها على الساحة العربية وسهلة القراءة في احاسيسها. فساهمت الحركة الاسلامية فيها في صعود التيار الاسلامي في فلسطين المحتلة، اضافة الى المكانة التي يشكلها لبنان في الستراتيجية الصهيونية بالاصل، كما صرح بذلك السفير الاميركي في "اسرائيل" صموئيل لويس لصحيفة اللوموند: "ان وزير الدفاع السابق "آرييل شارون" عرض مخططه لغزو لبنان على المبعوث الاميركي "فيليب حبيبي" في كانون الاول عام 1981 اي قبل ستة أشهر من بدء الحرب".

إلا ان ضربات المقاومة الاسلامية التي كانت تتصاعد وتتسع بسرعة افقدت القيادة الصهيونية توازنها فاجبرتهم التخلي عن شروطهم التي فرضوها للانسحاب من الجنوب من ثم اضطروا للاعتراف بالهزيمة كأول اندحار مذل منيت به القوات الصهيونية فقال اسحاق رابين "سنواجه بالاضافة الى الارهاب الفلسطيني الارهاب الشيعي الذي ليس هناك ما يؤكد بقاؤه ضمن الحدود اللبنانبة".

واضاف وزير الدفاع الاسرائيلي هذا "ان "اسرائيل" تواجه خطراً جديداً يتمثل بالارهاب الشيعي في جنوب لبنان اكثر خطراً من العمليات الارهابية التي نفذتها منظمة التحرير الفلسطينية في المنطقة نفسها".

واليوم اين آلت بنا الامور بعد ان أدارت الانظمة ظهرها للقضية وتحملت المقاومة لوحدها صعاب المواجهة الشرسة، في استمرار الكيان الصهيوني بانتهاك السيادة اللبنانية نهاراً جهاراً، حتى وصف المفتي الجعفري الشيخ "احمد قبلان" الوضع "ان لبنان بلا جيش ومقاومة ليس اكثر من فريسة دولية اقليمية، والبلد من نفق الى نفق والحقيقة مرة...ولعبة الاذلال لاهل الجنوب والبقاع والضاحية لن تعود على الدولة إلا بالوبال...". هذا التحذير يتزامن مع استهداف الطائرات الحربية الصهيونية اول امس في غارة عنيفة الضاحية الجنوبية لبيروت في قلب منطقة سكنية وحيوية، بثلاثة صواريخ بعد شن ثلاث غارات بطائرات مسيرة.

حقاً ان كرامة البلاد لا تصان إلا برجالها