kayhan.ir

رمز الخبر: 205042
تأريخ النشر : 2025April18 - 19:56

مبدأية الثوابت تستوضحها المفاوضات

على مدى عمر الثورة الاسلامية الايرانية تلاحقت مباحثات واجتماعات سواء في مستوى إقليمي أم دولي تحاول غالبيتها استكشاف مدى صدقية مسؤولي النظام الاسلامي، لاسيما وهي تجربة اسلامية معاصرة مستنسخة من أصالة الحكم الاسلامي الذي شرعه رسول الله "ص" في المدينة، فيتقدم الجانب الايراني بكل حسن نية وصراحة بيان وفق الثابت الديني؛ الاصل في الاشياء الطهارة، وعدم القصاص قبل الجريمة. وعند الوهلة الاولى يظن الخصم انها سذاجة من الطرف الايراني إلا انه مع مرور الوقت تنطبع في ذهنه مدى حنكة القيادة الايرانية ولكنها تتورع عن المكر والدجل كما قالها امير المؤمنين "ع": وليس معاوية بأدهى مني ولكنه يمكر ويفجر.

فبالتوكل على الله والاستناد الى قدرة الشعب حول الامام الخميني "ره" نهضته الى ثورة كبرى في العالم الاسلامي لذا جندت اميركا كل امكاناتها لاحتواء الثورة الاسلامية فحرضت المجرم صدام بشن حرب على ايران بهدف تجزئة اراضيها وبالتالي القضاء على الثورة الاسلامية وبث روح اليأس والاحباط في قلوب الشعوب، وهو ما عبر عنه سماحة الامام الخميني "قدس سره" حينها: "ان ما يدعو لبالغ الاسف هو ان القوى الكبرى سيما اميركا ومن خلال تغريرها بصدام وشن الهجوم ضد بلادنا، اجبرت حكومة ايران المقتدرة على الانشغال بالدفاع لتمكين "اسرائبل" المحتلة المجرمة من تنفيذ مخططها المشؤوم....". فكلمة سماحة الامام الخميني "ره" كانت واضحة منذ اليوم الاول للثورة حين وجه كلامه لياسر عرفات خلال زيارته لطهران مع وفد فلسطيني: "انني اسأل الله تبارك وتعالى ان يمكن اخوتنا من ابناء الشعب الفلسطيني من التغلب على مشاكلهم، نحن اخوة لهم، وانني منذ البداية ومنذ ان انطلقت هذه النهضة قبل خمسة عشر عاماً كنت اذكّر دائماً في كتاباتي واحاديثي بفلسطين والجرائم التي ترتكبها "اسرائيل" في هذه الارض .... سوف نقف الى جواركم ونقدم لكم كل انواع الدعم الذي كنا نقدمه لكم في السابق وأمل ان نكون جميعاً كالاخوة في مواجهة مشاكلنا".

وهكذا كانت البنية الفكرية للامام الخامنئي من خلال خطابه الذي تتجه اليه الانظار كدليل متقن لمعرفة الاسباب وجذور تحولات المنطقة والانموذج المناسب لاتخاذ القرارات في حقل العلاقات الدولية والاقليمية، في مواصلة درب الامام الخميني "ره" بمقولته "لا شرقية ولا غربية"، وان الاصل في السياسة الخارجية حماية هوية النظام الاسلامي والاصرار على الاسس والقيم في العزة والحكمة والمصلحة. ويرى سماحة قائد الثورة ان العامل الاساس في احباط الاعداء في تحقيق أهدافهم هو صحوة الشعوب المسلمة، مذكراً؛ "الحقيقة هي ان العالم الغربي... لم يستطع التغلب على الصحوة الاسلامية رغم قدراته. لقد استخدموا القدرة الدعائية والعسكرية والاقتصادية للدعاية ضد الجمهورية الاسلامية والقادة والمصلحين المسلمين الكبار لكنهم لم يحققوا شيئاً". فيعطي سماحته الصورة الواضحة للنهج الاسلامي الذي تتبعه الجمهورية الاسلامية الايرانية، بالقول: "الاسلام الذي يشعر العالم الاسلامي اليوم بصحوته، هو اسلام الفكر والمعرفة وليس الاسلام البعيد عن الحرية الفكرية. اسلامنا اسلام الروحانية والعقلانية والعدالة. لسنا قانعين بأسم الاسلام وان يكون اسلامنا الاسلام الليبرالي، ولا نقبل بالاسلام الطالباني، نحن اخترنا بين هذين صراطنا المستقيم ونسير فيه".

وبخصوص المفاوضات غير المباشرة مع اميركا تباينت الاراء والتحليلات الا ان الخبر اليقين نستقيه من المسؤولين المعنيين في الجمهورية الاسلامية كي لا نستبق النتائج باحكام تنم عن جهل بمواقف القيادة الاسلامية. فقد صرح وزير الخارجية "عباس عراقجي": "يتعين علينا ان نتعرف على وجهات النظر الحقيقية للجانب الاميركي خلال المفاوضات.اذا قدموا مواقف بناءة فاننا نأمل ان نتمكن من البدء في المفاوضات بشأن إطارمأمل  اتفاق محتمل. واذا لم يكن الامر كذلك فان العمل سيصبح صعباً اذا ظلت هناك مواقف متناقضة ومتعارضة". فيما قال رئيس السلطة التنفيذية "مسعود بزشكيان": "المفاوضات تمضي في مسارها الطبيعي وادارة شؤون البلاد مستمرة دون اي تعطيل حتى للحظة واحدة نتيجة هذه المحادثات. وبالطبع نرحب بأي اتفاق يمكن التوصل اليه بما يخدم مصالح الشعب الايراني".

والقول الفصل لسماحة قائد الثورة حول الاتجاه الذي تتخذه السياسة الايرانية بخصوص المفاوضات، قائلاً: "لسنا متفائلين ولا متشائمين...وان القدرات العسكرية لايران خط احمر".

فهي اشارة الى ابقاء باب الحوار مفتوحاً لكن دون تقديم اي تنازلات او المساس بالبنية الاساس للسياسة الخارجية، والتفاوض من موقع قوة فتمكنت ايران من فرض شروطها في هذه المفاوضات. فكما ارادت منذ البدء ان تكون مفاوضات غير مباشرة فجرى تبادل الرسائل بين الطرفين عبر الوسيط العماني. وان البحث انحصر في ملفين؛ البرنامج النووي الايراني وعدم نية ايران امتلاك السلاح النووي والثاني ملف رفع العقوبات الاميركية المفروضة على الجمهورية الاسلامية الايرانية. دون التطرق لمسألة برنامج الصواريخ الباليستية، والنفوذ الايراني في المنطقة، لاسيما مسألة دعمها للحوثيين في اليمن. فاشارة سماحة القائد واضحة لدى استقباله اعضاء الحكومة قبل ايام "الثلاثاء الماضي": "لا ينبغي تكرار الخطأ الذي ارتكب في خطة العمل المشتركة حين تم ربط كل القضايا في البلاد بتقدم المفاوضات...فيمكن ان تؤدي المفاوضات الى نتيجة وقد لا تصل الى نتيجة...لكننا متفائلون بقدراتنا الذاتية".