ترامب يفكر بصوت عال!
حسين شريعتمداري
1 – خلال الجولة الاولى من المفاوضات غير المباشرة بين ايران واميركا والتي عقدت السبت الماضي في مسقط، كان المقترح الوحيد الذي طرحه المبعوث الاميركي "ستيف ويتكوف" كعنوان لموضوع المفاوضات هو الاطمئنان من عدم كون البرنامج النووي الايراني للاغراض العسكرية ولا تصبو لامتلاك قنبلة نووية. هذا في الوقت الذي لا تسعى الجمهورية الاسلامية الايرانية حسب الفتوى الملزمة الطاعة لسماحة قائد الثورة المعظم بعدم جوازه، لامتلاك السلاح النووي، وإلا فانه وحسب قول سماحة قائد الثورة خلال اللقاء الرمضاني لطلبة الجامعات مع سماحته؛ "ان كنا نريد انتاج السلاح النووي ما كانت اميركا قادرة على منعنا". كما ان العدو على علم بهذه الحقيقة ولكن وحسب اقرار "جورج فريدمن" مدير وكالة المعلومات والمراقبة الستراتيجبة الاميركية، والمستشار في الجيش والحكومة الاميركية في مجال الدفاع والامن القومي: " ليست مشكلة اميركا مع ايران بخصوص القضية النووية الايرانية وانما الامر في ان ايران برهنت انها ليس من دون العلاقة مع اميركا وحسب بل في وضع التخاصم والعداء مع اميركا يمكنها ان تكون اكبر قوة عسكرية وتقنية في المنطقة، وهذا لا يعتبر النموذج المقبول بالنسبة لاميركا"!
2 – ان الرؤية المطروحة من قبل ويتكوف في المفاوضات في مسقط، وبالنظر لما كان يردده رؤساء جمهورية اميركا من رجز ولاسيما تهديدات ترامب وتخرصاته العريضة بأن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة"! كانت غير متوقعة! فهل ان ترامب تخلى عن تذرعاته واحقاده السابقة لعقود ضد ايران الاسلامية؟! وهذا كذلك غير مقبول اذ ان تصريحات "ستيف ويتكوف" بعد انتهاء الجولة الاولى من المفاوضات غير المباشرة في عمان برهنت على ان اقتراحه السابق في الجولة الاولى لا قيمة له الا على مستوى مراوغة سياسية قبيحة، وان اميركا على العكس من النقاب الذي وضعته على وجهها يوم السبت ماضية في سياسة المطالبة الجادة بالاتاوات!
3 – بالامس خلال لقاء مسؤولي النظام مع سماحة قائد الثورة صرح بخصوص المفاوضات الاخيرة بالقول: " لا ننظر الى هذه المفاوضات بتفاؤل مفرط ولا بتشاؤم مفرط، هنالك خطوة تم اتخاذ القرار بشأنها وتم تنفيذها بشكل جيد في مراحلها الاولى، وبعد ذلك ينبغي ان تتم متابعة الامر بدقة كاملة". وشدد سماحة القائد على: "ان الخطوط الحمر واضحة تماماً لنا وللطرف الآخر". مضيفاً: "ان المفاوضات يمكن ان تؤدي الى نتيجة وقد لا تصل الى نتيجة واننا لا ننظر اليها بتفاؤل مفرط ولا بتشاؤم مفرط واننا متشائمون جداً بالطرف الآخر لكننا متفائلون بقدراتنا الذاتية".
4 – وكان الدكتور عراقجي قبل ذلك على اعتاب البدء بالمفاوضات غير المباشرة قد اكد: "انها فرصة واختبار، الكرة في الملعب الاميركي". موضحاً: "في هذه المفاوضات غير المباشرة تتم اختبار مصداقية ادعاءات اميركا بخصوص المحادثات، فان كان الجانب الاميركي وعلى عكس المعتاد كان هذه المرة صادقاً وملتزماً بوعوده، فأن الجمهورية الاسلامية ولمواصلة التفاوض وكيفية اجرائه ستتخذ القرار الجديد".
5 – ان تصريحات "ستيف ويتكوف" الاخيرة لم تترك ادنى شك بأن اميركا لم تراع الخطوط الحمر، وانها قد فشلت في اول اختبار في صدقية ادعاءاتها، ورغم ان ترامب ومبعوثه الى عمان سعيا لإخفاء توقعاتهما في اخذ الاتاوات عن طريق المفاوضات ولكن في نفس الوقت تكشرت علائم افصحت عن باطنهما الخبيث. وبعبارة اخرى "ان ترامب كان يفكر بصوت عال"! وذلك الصوت لم يكن بغير المعروف في هذا الجانب، وما كان الكثير لا يرونه في المرآة أو يرونه ابيضاً واسوداً، يراه قائدنا الحكيم في لبنته الاولى وكان كذلك حيث يقول: "بالطبع نحن متشائمون جداً من الجانب الآخر ولا نقبل به فنحن نعرفه".
6 – إن القرائن والدلائل المذكورة قد بينت بوضوح ان اميركا قد تجاوزت الخطوط الحمر وعلى العكس مما ادعت ان تتحدث في المفاوضات عن اشياء قد اعلناها مراراً بأن لا مجال للنفاوض حولها بالمرة. وبعبارة اخرى وأدق، انها التمهيد لنزع سلاح ايران الاسلامية وتعرية ارض وشعب هذه البلاد!