kayhan.ir

رمز الخبر: 203537
تأريخ النشر : 2025March05 - 20:46

الصراع الناعم على ارض سوريا

 

 ان اكثر المستفيدين من الوضع الحالي في سوريا هما؛ تركيا و"اسرائيل" كوجود اقليمي ينذر بأحتدام الصراع والتنافس على النفوذ.

فاللاعب التركي برز في المشهد السوري لعلاقته القوية بالجماعات الارهابية المسلحة مثل "هيئة تحرير الشام"، وما يسمى "الجيش الوطني السوري" والتي سيطرت الاولى على دمشق والثانية تؤدي دورها في التمهيد للتوغل التركي، بحدود تمتد لاكثر من 900 كم، بذريعة محاربة الادارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، وبالذات في مدينة منبج وتل رفعت وعين العرب "كوبائي"، لانشاء منطقة آمنة بعمق ثلاثين كيلومتر، بعد تعديل اتفاقية اضنة والتي تعادل حالياً 15% من مساحة سوريا، فلدى تركيا 129 نقطة عسكرية وامنية، وحسب "وول ستريت جورنال" فان القوات التي تحشدها انقرة حالياً تضم مقاتلين من الفصائل الموالية لها وقوات كوماندوز، ومدفعية باعداد كبيرة تتركز بالقرب من عين العرب. هذا اضافة لاعلان تركيا عن انشاء قاعدتين عسكريتين كبيرتين بالقرب من حمص، مجهزة بأنظمة دفاع جوي متقدمة والتمهيد لانشاء ثالثة قرب دمشق. والزيارات المتبادلة التي جاءت بعد قطيعة 12عاماً وافتتاح السفارة التركية كأول دولة تعيد فتح سفارتها في دمشق، فكانت زيارة رئيس المخابرات التركية "ابراهيم كالن" ومن ثم وزير الخارجية "هاكان فيدان"، واعلان وزارة الدفاع التركية استعدادها لتأسيس جيش سوري موحد وتقديم خبراتها في مجال الصناعات الدفاعية. اما الجانب الاهم وهو التغلغل الاقتصادي بترسيم الحدود البحرية في شرق البحر المتوسط بما يساهم في تعزيز استكشاف موارد الطاقة، وتطلعها لاحياء مشاريع للطاقة مثل مشروع خط الانابيب الذي يربط حقول الغاز الطبيعي في قطر بتركيا عبر السعودية والاردن وسوريا، ومشروع انشاء خط انابيب جديد لنقل النفط من سوريا الى تركيا ودمجه مع خط الانابيب الذي يربط العراق بتركيا لاسيما وقد استأنفت كردستان العراق تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي بوصاية اميركية. وافادت وكالة رويترز في تقرير لها ان الجولاني خلال زيارته لتركيا قد ناقش الجانب التركي انشاء قواعد دفاع جوي وسط البلاد لحماية الاجواء السورية. فيما كشف "هاكان فيدان" عن مبادرات اقليمية ستطلقها تركيا لمكافحة تنظيم الدولة واتخاذ خطوات تهدف الى انشاء آلية مشتركة بين تركيا والعراق وسوريا والاردن لسحب ورقة مكافحة الارهاب من يد "قسد" واميركا كذريعة لاستمرار تقديم الدعم والحماية لها. كل هذا يشير الى "الميثاق الوطني" الذي لطالما يردده اردوغان للسيطرة على شمال سوريا وشمال العراق حتى حدود الجمهورية الاسلامية الايرانية. وقد طالب البرلمان العراقي بإنهاء الاحتلال التركي لاجزاء من بلاده.

في المقابل تسعى "اسرائيل" لانشاء دولتها الكبرى مستغلة الاوضاع الجديدة في سوريا فأعلنت انهيار اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974، لتقوم باحتلال المنطقة العازلة منزوعة السلاح واحتلال جبل الشيخ على بعد اربعين كيلومتراً من دمشق، لتكون المحصلة الى جانب احتلال الجولان خمسمائة كيلومتر. والذي يفسح المجال للقوات الاسرائيلية بالتوغل التماهي الذي نتلقاه من المسؤولين في سوريا، فقد قال محافظ دمشق "ماهر مروان": "ان الحكومة السورية الجديدة لا تهدد امن "اسرائيل" وتريد تسهيل العلاقات الودية بين البلدين". وهذا بالضبط ما يطلق عليه ستراتيجية السلام بالقوة.

ان هذا التوغل في الاراضي السورية من الشمال ومن الجنوب اشبه بصراع ناعم للسيطرة على مقدرات بلد ثالث، يبدو انه متفق عليه رغم التصريحات الفضفاضة. فقد كشفت قناة 12 الاسرائيلية في السابع والعشرين من ديسمبر 2024، عن ارسال تركيا عدة رسائل الى "اسرائيل" تطالب فيها بانشاء آلية تنسيق مع الجيش الاسرائيلي في سوريا.

وهكذا باتت سوريا ساحة لصراع قوى اقليمية متباينة المصالح والاهداف بعد ان كانت قاعدة لدعم المقاومة واسناد القضية الفلسطينية كدولة مثلث ركيزة للنظام العربي بعد ان تم ابتلاع مصر في معاهدة "كامب ديفيد"، وكانت الدرع لتحقيق الردع ضد اي عدوان اسرائيلي لقوتها العسكرية، وفي مواقفها المصيرية بضم صوتها للجمهورية الاسلامية الايرانية سواء خلال الحرب المفروضة من قبل المجرم صدام على ايران، وعدم تخليها عن جميع المشاريع الثورية التي تطرحها الجمهورية الاسلامية بدعم قوى المعارضة عموماً وحزب الله في لبنان بالذات، وهذا ما ألب الغرب والدول الرجعية وسعيهم لانهاء الحكومة السورية بكافة الاساليب الماكرة.

ويبقى الامل في استرداد سوريا لموقعها الريادي بالتخلص من العصابات الارهابية التي سيطرت على دمشق في مؤامرة دولية كانت "اسرائيل" وتركيا اللاعبين الاساسيين فيها.