kayhan.ir

رمز الخبر: 202938
تأريخ النشر : 2025February23 - 21:59

هكذا استقبلت السماء ابناءها

                            

 جموع تطوف حول قرابين الحرية التي انعتقت من علق الدنيا واهوائها فكان الجزاء عروج سماوي حارت له البشرية وزادت من امتعاض الجناة ان ياليت لم نكن السبب في هذا المجد، اذ ستظل ذكرى المقاومين محفورة في ذاكرة الامة أبد الدهر، فقد تحول الابطال الى رموز خالدة. من هنا فليس التشييع بيوم وداع وحشرجات مختنقة وانما هو بيعة للامة تجاوزت كثيراً المنتمين للتنظيم والملتزمين ببيئة المقاومة وهي بالتأكيد تجاوزت البيئة الشعبية الحاضنة لحزب الله، منهم مسلمون غير شيعة وشيعة غير ملتزمين دينياً ومسيحيون وعلمانيون وقوميون ويساريون ودعاة حرية وتحرر في العالم.

ان اغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله حوله الى أيقونة وقديساً لتحضر في مراسم التشييع اكثر من 800 شخصية رسمية من خارج لبنان يمثلون 79 دولة على رأسهم رئيس مجلس الشورى الاسلامي الايراني "محمباقر قاليباف" ووزير الخارجية "عباس عراقجي" وعائلة الشهيد قاسم سليماني، وحسب قناة "المسيرة" فأن وفداً رفيع المستوى من انصار الله شارك في المراسم ، ترأس الوفد مفتي الديار اليمنية شمس الدين شرف الدين. فيما دعت حركة حماس الى المشاركة الحاشدة في تشييع السيد نصر الله،  ومن العراق شارك وفد هيئة الحشد الشعبي ضم رئيس الهيئة فالح الفياض ورئيس الاركان.

في المقابل نجد جبهة الحقد والضلال تحاول تضعيف هذه المشاركة المليونية، اذ صرح النائب الجمهوري في مجلس النواب الاميركي "جو ويلسون"؛ "ان اي سياسي لبناني سيحضر التشييع "الشهيد نصر الله" فهو يقف مع النظام الايراني". بينما يطالب "معمر الارياني" وزير اعلام الحكومة اليمنية المستقيلة، الحكومة اللبنانية بأعتقال وتسليم قادة انصار الله المشاركين في المراسم.

اذ كتب على حسابه في منصة "إكس" "ان مشاركتهم تؤكد ولاءهم المطلق لايران واستمرار انخراطهم في المشروع الايراني في المنطقة". اذن هنالك رهبة وخوف واضح من ان تكون هذه المراسم استفتاء شعبي على مستوى الداخل اللبناني للبرهنة على مدى قوة وفاعلية حزب الله سياسياً وميدانيا، والامر الآخر ما يمكن ملاحظته بوضوح ارتباط جبهات الاسناد وقوى المقاومة الاسلامية واصرارها على مواصلة الجهاد ودحر الكيان الصهيوني وافشال مخططات اميركا والغرب في المنطقة، وهذا ما يحتاج الى قيادة واعية راعية لكل ما تمر به الامة.

لاسيما وان العدو الصهيوني لن ينفك بتطاوله على المقدسات. اذ شنت اسرائيل – بالتزامن مع مراسيم التشييع – غارات جوية على جنوب لبنان وشرقه، استهدفت اطراف بلدات القليلة وانصار والسماعية في قضاء صور.

وحسب المتحدث بأسم الجيش الاسرائيلي "افيخاي ادرعي" فأن الجيش قد شن غارات على موقع عسكري احتوى قذائف صاروخية ووسائل قتالية، ومنصات صاروخية لحزب الله، فيما افادت الوكالة الوطنية للاعلام بوقوع غارة اسرائيلية على جرود الهرمل في البقاع بشرق لبنان.

بينما ذكرت صحيفة معاريف بأن تل ابيب تراقب من الجو سير التشييع، وقالها وزير الامن الاسرائيلي: ان تحليق طائرات سلاح الجو "على علو منخفض" في سماء بيروت خلال "جنازة نصر الله" رسالة بشأن مصير من يهود "اسرائيل".

فيما كان الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يلقي كلمته مؤكداً أن وجهتنا فلسطين والقدس.

أما الامر المهم الذي اشار اليه الشيخ نعيم قاسم في مثل هكذا تجمع مصيري يشهده العالم أجمع هوعبارته: نحن ابناء الولاية؛ ابناء الامام الخامنئي وابناء الامام الخميني...

هذه الاشارة هي التي تربط كل ما يتشتت من فكر فيستجمعه بأن المسيرة الصعبة ذات المخاطر العظيمة كما يسميها القرآن"طريق ذات الشوكة" لا تستقيم ولا يمكن ضمان أمنها الا بتحديد القيادة اولاً وقبل كل خطب. فلقد شهدت الامة تفاعلات وثورات على مر الزمن، كثورات العلويين في العهدين الاموي والعباسي. فكانت ظاهرة بارزة وفق المبدأ الذي يعتقدون به وهو ان الامام علي عليه السلام هو الولي الشرعي لعموم المسلمين وان ولايته تعتبر امتداداً طبيعياً لولاية رسول الله "ص" وبنص منه على ذلك. واخطرها كانت ثورة "ابن طباطبا" والعسكري المحنك "ابوالسرايا" عام 199 هجرية، ونجحت بالاستئثار بالكوفة واليمن لفترة من الزمن الا انهم لم يتمكنوا من الحفاظ عليها وتمت تصفيتها.

اذن لابد من جموع الامة وبالذات المقاومين منها ان تشخّص القائد الرباني الذي يعمل بحنكة وتريث ففي وقت السلم يحدد للامة ضرورة جهاد البيان والخطاب الثوري الذي يبعدها عن الخلود للدنيا والتخاصم على المناصب. وفي وقت الحرب هو المشجع الذي يملي القلوب بالثبات والعزيمة، كما يؤكد ذلك القرآن الكريم: "يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال"، كي لا تتكرر اخطاء السلف.