kayhan.ir

رمز الخبر: 202687
تأريخ النشر : 2025February18 - 20:45

قمم هدفها انقاذ ماء الوجه

 

 من المقرر أن تعقد قادة دول الخليج الفارسي اضافة الى مصر والاردن في الرياض يوم الجمعة الحادي والعشرين من شباط / فبراير 2025 قمة لمناقشة الرد على خطة ترامب بشأن غزة، في اطار مساع عربية موحدة لوضع قواعد مواجهة املاءات ترامب، قبل ان تحتشد الدول العربية خلف موقف موحد في قمة طارئة موسعة في القاهرة في السابع والعشرين من شباط الجاري.

فقد تسببت التصريحات الفجة لترامب حرجاً شديداً لمصر والاردن لذا بادرتا للتعاطي مع هذا السلوك غير المسبوق لحفظ ماء الوجه. وهذا الاصرار من قبل ترامب لا ينحصر في انهاء قضية غزة كما يدعي، وإنما الامر يرتبط بستراتيجية اميركية تتعلق بالممر الاقتصادي الهندي وابعاد جيوستراتيجية كبرى، ليست وليدة اللحظة وخطة شخصية لادارة ترامب فقد قامت اميركا بتمويل ودعم التدمير الممنهج لغزة عبر امداد الكيان الصهيوني بمختلف الاسلحة، فالملامح تشي انها على علاقة بمشروع الممر الاميركي البديل لمشروع الحزام والطريق الصيني.

ففي العاشر من سبتمبر 2023 اعلنت اميركا والاتحاد الاوروبي دعمهما تطوير ممر جديد للسفن وسكك الحديد يربط الهند بالشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط لتسهيل نقل البضائع من الهند لاوروبا، وهوالمشروع الذي تحدث عنه نتنياهو خلال حديثه عن الشرق الاوسط الجديد؛ انه مشروع سيؤتي ثماره لرؤية طويلة الامد ستغير وجه الشرق الاوسط و"اسرائيل" اذ ستكون "اسرائيل" تقاطعاً مركزياً في هذا الممر الاقتصادي، بما يعرف بالممر "آي مك". فالتهديد بالدرجة الاولى يمس الامن القومي المصري وذلك لتنفيذ الكيان فكرة "قناة بن غوريون" وهوحلم قديم في ايجاد بديل لقناة السويس، الممر الملاحي الاكثر اهمية في حركة التجارة العالمية والذي يستحوذ على حوالي 20% من السفن المارة في البحار حيث تمر عبرها يومياً 92 سفينة وتحقق ايرادات لمصر بلغت عام 2022 ما يقارب 9.4 مليارات دولار. فالمرحلة الجديدة من الصراع هي حرب اقتصادية تتمحور في السيطرة على الموانئ البحرية وطرق التجارة العالمية، وهذا ما نشهده في مواقف ترامب ورغبة اميركا في السيطرة على الممرات الستراتيجية. فمنذ نوفمبر الماضي بدأ الاهتمام الغربي بشق قناة بن غوريون كمقدمة لمشاريع اقتصادية صهيونية اكبر مثل مد انابيب للنفط والغاز عبر الاردن الى اوروبا.

واتفقت "اسرائيل" مع ثلاثة مصارف اميركية لاقراضها 14 مليار دولار لمد قناتين مستقلتين "ذهاباً واياباً" في ميناء ايلات من منطقة جبل شجرة البقار القريبة من مستوطنة "سدية بوكر" حتى البحر الابيض المتوسط قريباً من منطقة الزهراء في قطاع غزة، اذ ان ارض غزة هي الوحيدة التي تسمح بحفر القناة بخلاف الاراضي الاخرى الصخرية.

هذا اضافة الى اكتشاف حقل "غزة مارين" الذي يحتوي على قيمة تقديرية 1.5 تريليون قدم مكعب من الغاز، كما ان المنطقة واعدة بكميات ضخمة من احتياطي الغاز في العالم لم يستغل منها إلا 10%، مما دفع شركات عالمية لاستكشافات جديدة وحفر 45 بئراً في البحر المتوسط. وليست مصادفة ان تنشئ الحروب مع اول اعلان لاكتشاف حقل للغاز كما حصل في العراق مع الاعلان عن حقل عكاز للغاز الطبيعي الواقع جنوب مدينة القائم غرب العراق ويعتبر اكبر حقل غاز بأحتياطي 5.3 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي حيث توقف العمل به مع شن نظام المقبور صدام الحرب على الجمهورية الاسلامية الايرانية عام 1980.

وكذلك حينما اكتشف اول حقل بري للغاز في منطقة ابوماضي في دلتا النيل عام 1967 والذي كان بداية لاستكشافات كبرى للغاز الا ان تحرشات الكيان الصهيوني ادخلت مصر في حرب دمرتها اقتصادياً. وفي عام 1943 بدأت اولى عمليات التنقيب في لبنان عن النفط والغاز من قبل شركة نفط العراق، وكان البئر الاول يقع في شمال طرابلس لكن الشركة توقفت عن الحفر وبررت ذلك؛ ان نتائج الحفر لم تكن مشجعة. إلا ان الفرنسيين هم من كانوا وراء الدعوة لوقف التنقيب، ويعود السبب الى نشوء الكيان الصهيوني عام 1948، ومنع أي دولة مجاورة له من ان تكون غنية وقادرة على بناء نفسها وقدراتها الامنية والعسكرية. وحين اكد متخصصون في الطاقة وجود كميات كبيرة وتجارية من الذهب الاسود على الشواطئ اللبنانية بعمق 1000 متر، ابدى رئيس الجمهورية اللبنانية سليمان فرنجيه وقتها عام "1975" اهتمامه بالموضوع، وإجراء مفاوضات مع شركات عالمية، وصدر المرسوم رقم 10095 تاريخ 11 نيسان / ابريل 1975 والذي يجيز لوزارة الصناعة والنفط اللبنانية النظر في كل عروض الشركات المتقدمة، لكن مفاجأة قيام الحرب الاهلية اللبنانية في 13 من نيسان / ابريل 1975 حالت دون بدء عمل شركات التنقيب.

فاذا كان هذا حال حقوق الشعوب في الانتفاع من مصادر الطاقة التي تنعم بها بلدانها، فكيف بالموقف السياسي والامني الذي هو اكثر حساسية وخطورة على الامن القومي للدول العربية.

فتارةً يسلط الغرب املاءاته بقوة الحراب وتارة يهدد بقطع المساعدات كما هو حال ترامب اليوم في تعامله مع مصر والاردن، فهل ستنفع القمم التي تعقد تترا لتثبيت استحقاقات الشعب الفلسطيني ام ان الخيار هو البندقية.