الشعوب تمهل الحكام لآخر مرة
قد تسكت الاصوات بالجملة وتنتظر الشعوب ان تصحو قرارات الدولة فلا يمكن ان تشترى احلام الاطفال لإجل سلاطين جهلة. فما نشهده اليوم ابتزاز لمشاريع الصحوة، بدءاً من سوريا الى لبنان وحتى الضفة. أليست المؤامرة كبرى تحاول ذبح الأمة كل الأمة. التهديدات مستمرة من قوى عظمى، والآجال تضرب لاخافة جنرالات القهوة؛ عليكم ان تقرروا كيف توأد غزة. فأي اطلال سنبكي عليها اذا سرقوا المدامع وأبقوا آهات مرة.
بأي حق تقرر "اسرائيل" أي طائرة تهبط في مطار بيروت؟ وتحاول أن تؤجل الانسحاب مرة بعد مرة.
ومن اعطى لنفسه الحق ان لا تمثل حماس سكان غزة. لقد توهموا ان جراح المقاومة لن تندمل في جهل ان لكل جواد كبوة، وسيبعث طائر الفينيق من انقاض الرماد وبركان سيرتفع من جذوة.
ان العالم الاسلامي بتراثه المتجذر في الزمن ما فتأ ان يصحو من حالة الوهن بفضل القيادات الحكيمة والحركات السياسية المعتمدة على عقيدتها التي تحث على جهاد العدو، والسعي لاقامة الدولة الاسلامية لاعادة بناء صرحها الاخلاقي بعد الابتعاد إما جهلاً أو قسراً. فكانت المنطقة برمتها في القرن الماضي خاضعة لأبشع استعمار بدءاً بأندونيسيا وحتى شمال افريقيا.
والدول الاسلامية وان تحررت من ربق الهيمنة الاستعمارية إلا أن من حكموا بلداننا غالباً لم يتحرروا في افكارهم عن ضرورة اتباع الغرب أو الشرق. فكان الدور لمفكرين ونشطاء سياسيين كي يرفعوا النقاب عن هؤلاء الحكام العملاء.
وأبرز حركة شهدتها المنطقة تمثلت في الثورة الاسلامية الايرانية التي تدين في نجاحها لقيادة الامام الخميني "ره" بتأسيس دولة غيرت الاوضاع السياسية والاجتماعية في دول سنية وشيعية وحتى في العالم المستضعف فأختصرت الطريق لثوريين انتابهم اليأس في تحقق حلم دولة اسلامية مما جعلهم ينخرطون في ركب هذه القيادة الصالحة، كنموذج يجب الاحتذاء به، فأنطلقت شرارات تحرك اسلامي في فلسطين المحتلة وبالذات في قطاع غزة بتفجير اولى الانتفاضات عام 1987 حيث قادها طلاب الجامعة الاسلامية في غزة في تظاهرة يقدر عددها أربعة آلاف طالب، وهي جزء من تصاعد للتيارات الاسلامية في المنطقة، فأحس الكيان الصهيوني ان الخطر القادم هو اصولي اسلامي لذا سارع الى تحريض الغرب بأن الحالة الاسلامية نقيض للقيم الغربية والحضارة اليهودية المسيحية، وسعى لدق اسفين التفرقة بين التيارات القومية والليبرالية وبين الاسلاميين عموماً، بشتى التسميات ومنها ما تضافرت عليه الدول الغربية مع الكيان الصهيوني كالارهاب لتدرج بعض الحركات على قائمة الارهاب لتشويه صورتها امام الشعوب. وليس هذا الامر مما يقلق المقاومة بالمرة فهي قد ترسخت في النفوس سواء في لبنان بقيادة حزب الله أو في الارض المحتلة كحركة حماس والجهاد الاسلامي أو في اليمن كأنصار الله، وفي العراق كفصائل المقاومة الاسلامية المسلحة. إلا ان الذي يربط كل هذه الحركات الاسلامية ويرسم لها خارطة طريق واحدة لتبقى متحدة لا يشوبها الاختلاف أبداً هو وجود قيادة حكيمة موحدة، تبين لها الصديق من العدو، كما وترعاها تربوياً ونفسياً حتى لا يثوّرها إيلام في مرحلة من الطريق الشائك، وتكون الموئل والملجأ لضرورة ان تكون للمحارب استراحة، تضمد جراحها وتمجد شهداءها كما تنتظر أمة حزب الله تشييع الشهيد السيد حسن نصر الله لتكون المناسبة منطلقاً ثورياً تعيد لابناء الحركة ثقتها بنفسها، ولاتمام الحجة على من مسكوا العصا من الوسط وان الحرب غير المتكافئة حيث برز الايمان كله للكفر كله المتمثل بأميركا والعالم الغربي وبعض الدول المنخرطة في هذا الركب الاستبدادي.
ولا نغالي ان اعتبرنا كفة الايمان هي المنتصرة مع هذا الشرط الذي اوردناه باتباع الفصائل الاسلامية كافة لقيادة واحدة اتباعاً عقائدياً قلبياً والمتمثلة اليوم بسماحة الامام الخامنئي "دام ظله" وهو الذي خبر سوح الجهاد ولا تأخذه في الله لومة لائم يرعى الامة بطريقة كأنه يخوض في جزئيات معاناتها متأسياً برسول الله "ص" كما يصفه الامام علي "ع": "طبيب دوار بطبه قد احكم مراهمه واحمى مواسمه يضع ذلك حيث الحاجة اليه من قلوب عمي وآذان صم وألسنة بكم ... متتبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة".