صفعات متتالية ألزمت ترامب حجمه
اميركا التي تتضاءل رويداً رويداً نحو الافول وأحد ابرز معالمها عدم انجابها لقادة كبار وعقلاء يقودون هذا البلد. فأميركا التي كانت يوماً تقود العالم في اطار القطب الواحد هي اليوم اصبحت في عداد خانة عالم متعدد الاقطاب. وقد وصل الامر بها ان تودع في الاونة الاخيرة رئيس مخرف وتستقبل رئيس ارعن ومتهور يحاول كسلفه القديم نكسون ان يخلط الجنون بالسياسة ويرعب العالم عسى ان يستعيد مجد اميركا في القرن العشرين واقتدارها الضائع ليسطو على العالم من جديد ولكن هيهات هيهات ان يحلم بذلك وكيف سيتحقق على ارض الواقع. فالشعب الغزاوي الذي لم تستطع لا الآلة الاميركية الفتاكة ولا حرب الابادة الجماعية الاسرائيلية المدمرة ان تزحزحه عن ارضه هل باستطاعة ترامب وهذيانه وبلطجيته واقواله الزائفة التي تتغير على مدار الساعة ان يهجر ابناء غزة الميامين الذين يضرب بهم المثل اليوم بانهم "اسطورة الصمود والمقاومة" ان تتزلزل ارادتهم او ان يخضعوا لتخرصات ترامب الذي فقد اساساً توازنه في ما حدث من معركة شرسة دارت خلال اربعة عشر شهراً في غزة وكانت اميركا الشريك الاساس بل هي من يقود الحرب بالذات لان الكيان الصهيوني قد انهار في عملية طوفان الاقصى في السابع من اكتوبر ولم يعد يتدبر امره وبالفعل من ادار المعركة وحتى استستلام العدو لشروط حماس بوقف اطلاق النار وبأمر من ترامب كان الشيطان الاكبر وبكل مؤسساته التي وظفت اكثر من اربعين مليار دولاراً، لم تحقق أي شيء.
واليوم فأن الرئيس ترامب الذي تلقى صفعة عالمية في معارضة خطته التخيلية والخارجة عن العقل يواجه عزلة دولية لدرجة ان بريطانيا الحليف على الدوام والاب اللاشرعي للكيان الصهيوني اعلنت معارضتها لهذه الخطة الجنونية التي لا يمكن ان تطبق على ارض الواقع. وما كان لافتاً في هذا المجال هو معارضة 350 حاخاماً يهودياً اميركياً و145 نائباً من الحزب الديمقراطي فضلاً عن اوساط الشعب الاميركي ونخبه وكتابه وهذا امر بديهي لان ما اعلنه الرئيس الاميركي في خطته لتهجير ابناء غزة يتعارض مع ابسط القواعد والانسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها وكيف لشعب مقدام قدم عشرات الالاف من الشهداء والجرحى وجلهم من الاطفال والنساء من اجل عزته وكرامته وتحرير ارضه ان يتراجع عن مبادئه أمام خزعبلات رجل ابتلي بجنون العظمة ويريد ان ينصب نفسه وصياً على العالم وقد اكل الدهر عليه وشرب.
فأنهيار القوات الاسرائيلية امام صمود وبطولات الفصائل الفلسطينية المقاومة وفي مقدمتها حماس كانت اشبه بالمعجزة وهذه كانت البداية لاعلان هزيمة الكيان الصهيوني وحذف نتنياهو من الساحة السياسية لكن المعتوه ترامب الذي استمد خطته من فكرة طرحها استاذ جامعي اميركي حاول عبثاً ان يقلب الطاولة ويعتم الاجواء على انتصار حماس ويحرف الانظار عن هزيمة نتنياهو وكيانه ووكانت بالاحرى هزيمة لاميركا بتفجير هذه القنبلة الصوتية.
وما قالته وسائل اعلام اسرائيلية في هذا المجال يتطابق مع الواقع حيث ذكرت بالحرف الواحد: "لابد من اعادة الاسرى بالمفاوضات ولا فرصة لنجاح خطة ترامب".
مثلما صُفع الرئيس ترامب في رئاسته الاولى عندما حاول ان يمرر صفقة القرن وفشل فبالتأكيد هذه المرة سيهزم مشروعه التخيلي العفن وكانت البوابة الى ذلك هو تراجعه وهزيمته امام حماس يوم هدد ان لم تطلق سراح جميع الاسرى "السبت" فانه سيفتح ابواب جهنم على غزة والمنطقة وجاء يوم السبت وشهد العالم مشهداً تاريخياً رائعاً كما خططت له حماس في عملية تبادل الاسرى ولم تفرج الا عن ثلاثة اسرى فقط وفقاً لشروطها ولم يحدث اي شيء من التهديد العبثي.
والامر الاخر الذي اخزاه امام العالم وعراه تماماً هو تهكمه على الاردن ومصر بأن عليهما ان يستقبلا الغزاويين فما كان الجواب الا به "لا كبيرة" وهذه هي صفعة أخرى تلقاها المعتوه ترامب من شعوب المنطقة وهو يغرد خارج السرب وما اصدق ما عبر عنه الامام الخامنئي مستهزئاً باميركا وقادتها حيث قال: "الاميركيون مشغولون بتغيير خارطة العالم على الورق".
فالمنطقة على شفا ثمة تحولات كما استشرفها قائد الثورة الاسلامية مؤخراً بأن المنطقة ستشهد توسعاً في رقعة المقاومة.