kayhan.ir

رمز الخبر: 202400
تأريخ النشر : 2025February14 - 19:51

وجاء خبر ينبئ عن حدث

حسين شريعتمدري

 1 – قبل اكثر من عشرين عاماً قررنا أن نخصص عموداً ثابتاً كل خميس يتناول الامام الغائب بقية الله الاعظم – ارواحنا له الفداء - . فكانت الصفحة الثالثة تتزين بمواضيع واشعار قديمة ومعاصرة حول امام الزمان "عج"، واطلقنا على العمود هذا "عين على درب الصباح"، ولله الحمد استمر هذا النشاط المبارك. ولسنوات علقت على حاشية العمود، اشير لهذا الجهد معاً.

2 – لقد اسموك غائباً، لانك لست ظاهراً لا لانك لست حاضراً. فالغيبة ان نعنيها عدم الحضور هي تهمة لا تليق بمقامك ومن هكذا يفكر فهو لا يفرق بين الظهور والحضور، فمجيئك الذي ننتظره يعني الظهور وليس الحضور، والوالهون الذين يناجوك ليل نهار هم يطلبون من الله ظهورك وليس حضورك اذ حين تظهر يعض الجميع على اناملهم تعجباً ويقولون كنا قد رأيناه فيما مضى. وحقاً ما يقولون لانك بيننا اذ انت إمامنا، وحين يذكر اسمك ينتاب اصحاب القلوب المس شوقاً.

3 – كنت سجيناً عام 1977 في القاطع الرابع والخامس والسادس بسجن "قصر" الذي يختص بالسجناء السياسيين بأحكام ثقيلة، وكانت ظلال شؤم النظام الاستبدادي للشاه تسود سماء ايران الاسلامية. فكل صوت معارض يصل لاسماع الجلاوزة يخنق في الآن، وكان نزلاء سجن "قصر" و"افين" من السياسيين المحكومين لسنوات طويلة تتناوب اقامتهم في هذين السجنين.

والحديث بخصوص خاطرة نقلها المرحوم "حبيب الله عسكر اولادي" الذي قضى فترة حكمه في سجن "افين". وكنت قد عرفته خلال شبابه، وما نقله عن سماحة الامام الخميني تهتز له الابدان ولكن في نفس الوقت تلاطف الروح. ولابد ان يكون المرء قد عايش تلك الايام السوداء كي يشعر بأثر الخاطرة التي ينقلها المرحوم "عسكر اولادي"... ويروي عن لقائه بسماحة الإمام "ره". فالفترة بين اطلاق سراح الامام – رضوان الله تعالى عليه – ونفيه الى تركيا ومن ثم الى العراق... كان المرحوم قد ذهب الى قم لإيصال الاخبار المؤلمة وكسب التكليف لما يقوم به ... وقضية اللقاء نشرناها في الصحيفة عام 2008 في احدى اعمدة الصحيفة "كيهان".

"لقد جاء مسرعاً يقلقه ما سينتاب مصيره وليستحصل اجابة على تساؤله وتساؤل زملائه؛ ما هو تكليفنا؟...كان مفوهاً وقد تدرب لمرات على ما ينبغي بيانه، ولكن حينما لاقاه تلعثم لسانه. اذ اسرته عظمة الإمام ووقاره ومتانته الممزوجة باللطف. فبادره الامام الخميني "ره" الحديث: "ما خطبك ياسيد عسكر اولادي؟ فأي سعادة أعلى من ان يسكب دم الانسان في سبيل الله ... وكأنك لا تعلم لأي جهة سترسل؟ ينبغي ان اخبرك .. سأعلمك ليلاً...".

لقد استغرب، اذ ان الامام تحدث عن موضوع قد جاء عسكر اولادي ليطرحه. فقبل اشهر من ذلك اليوم، كان الشاه قد ذهب الى قم ولكن لم يستقبله أي من علماء الدين البارزين. وحين وصل الشاه الى محل اقامته، تساءل عن السبب فأخبروه ان الامام الخميني "ره" قد حرّم على علماء الدين استقبال الشاه. فما كان من الشاه الممتعض جداً حين قفوله الى طهران الا واصدار مذكرة محاكمة الامام "ره" ميدانياً. وبعد ان اطلع السيد عسكر اولادي على الخبر توجه للامام نيابة عن رفاقه، كي يوصل الخبر الى الامام اولاً وليستعلم تكليفه والاخرين. ولكن الامام "ره" قبل ان يطرح الموضوع قد أجاب عليه. فالامام الراحل قد أعلم السيد عسكر اولادي في نفس اللقاء؛ "لا تظن أن نضالنا هذا سيطول لعام أو عامين أو ثلاثة، فاخبر الاخوة الذين لا طاقة لهم على هذا الجهاد المستديم ان ينسحبوا. فهذا النضال يستغرق عدة عقود ... فلا يقتصر اعتراضنا على الحؤول دون المصادقة على قانون، اوتغيير وزير، او تغيير حكومة، فان نضالنا لاجل التوطئة لظهور بقية الله – ارواحنا له الفداء - . وأقولها من الان ان نهضتنا تستغرق ثلاث مراحل. المرحلة؛ اسلمة ايران. وبعد ذلك انقاذ بلدنا، ومنه سننطلق كقاعدة لانقاذ سائر الدول الاسلامية، وهذا يعني أسلمة سائر الدول الاسلامية وهي المرحلة الثانية من نهضتنا ... اما المرحلة الثالثة من هذا النضال، توسيع النموذج الاسلامي للحوكمة لكل العالم. ففي هذه المرحلة وحين تتعرف جميع الشعوب على نموذج العدالة الشاملة الالهية وهو الاسلام الاصيل، بامكاننا حينها ان نقول لبقية الله – ارواحنا لتراب مقدمه الفداء – ان العالم مهيئ لقدومك...".

4 – يقول "هنري كيسنجر" مستشار رئيس جمهورية اميركا في سبعينيات القرن الماضي؛ "ان آية الله الخميني قد عرض الغرب لازمة حادة مبرمجة. ان قراراته كانت كصاعقة لا تترك مجالاً للتفكير وتحديد برنامج من قبل الساسة والمنظرين... وما من احد كان يتوقع ان يحدس قراراته من قبل، فهو يتحدث بملاكات اخرى تختلف عن المعايير المعروفة في عالمنا المعاصر وكذلك افعاله، وكأنه يلهم من مكان آخر. ان عداء أية الله الخميني مع الغرب مستلة من تعاليمه الالهية. وهو صادق في هذا العداء".

5 – ان الشبكة التلفزيونية الاولى "بي بي سي"، حذرت في تسجيل وثائقي تحت عنوان "القرن الثاني"، وهو يعنى بالاحداث المحتملة للقرن الحادي والعشرين، حذرت زعماء الغرب السياسيين بالقول: " ان ما حصل في ايران عام 1979، لم يكن بالنسبة للايرانيين وحسب وانما لجميع الاديان العالمية بمثابة منعطف ينبئ عن عودة جماهير الشعوب المليونية في انحاء العالم الى الاصولية الدينية...ففي انحاء العالم إلتفت اتباع الاديان المختلفة كالمسيحية واليهودية والبودائية والهندوسية التفتوا الى اصول دينهم، وحتى في تركيا التي دخلت حرباً مع الدين منذ سبعين عاماً، سارعت اليوم الى العودة للاصول الاسلامية".

6 – وقد أقر "ألفين تافر" المفكر الاميركي البارز والشخصية السياسية المقربة من البيت الابيض، "لا يمكن درك لعبة القوى الدولية في العقود القادمة دون الاخذ بنظر الاعتبار قدرة الاسلام المتصاعدة".

7 – ولنقرأ ما تفضل به سماحة قائد الثورة: "ان تاريخ العالم، وتاريخ الانسانية يمر في منعطف تاريخي كبير. ان مرحلة جديدة يمر بها العالم كله. والعلامة الكبرى والبارزة لهذه المرحلة هي؛ الاقبال على الله المتعال واستمداد القوة التي لا تنتهي منه والاعتماد على الوحي. ان البشر قد تجاوز المدارس والايديولوجيات المادية".

8 – ولندقق في حديث سماحة الامام – رضوان الله تعالى عليه -؛ "نحن الان في مرحلة حساسة، حسب اعتقادي هي الاكثر حساسية في التاريخ ... وكأن العالم يستعد لطلوع شمس الولاية من أفق مكة المعظمة وكعبة آمال المحرومين وحكومة المستضعفين". ورحم الله الشاعر الثوري "محمدرضا آغاسي"، ويحشر مع أولياء الله، قد اورد من اشعاره ما يناسب مقالنا هذا، قائلاً:

قد جاء خبر ينبئ عن حدث

                    ليهنأ القلب الذي أحاط به علماً

اذ ربما يأتي هذه الجمعة لربما

                   كاشفاً النقاب عن وجهه حتماً