kayhan.ir

رمز الخبر: 201003
تأريخ النشر : 2025January18 - 20:07

رؤية ما بعد الحرب

 

عندما فازت حركة حماس عام 2006 باغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تفاجأ الكيان الصهيوني واميركا بهذه النتيجة وعرّفت "اسرائيل" غزة بعد ذلك انها "منطقة معادية"، ووضعت غزة تحت الحصار الاقتصادي، والسياسي  الشامل، الذي منع الوصول  الى ثلث الاراضي الصالحة للزراعة  و85% من مناطق الصيد، فكان شكلاً من اشكال العقاب الجماعي غير القانوني. اضافة الى الحروب التي شنتها "اسرائيل" مثل حرب ديسمبر عام 2008  تحت اسم  الرصاص المصبوب يهدف حسب الامم المتحدة الى معاقبة واذلال وترويع السكان المدنيين مما يقلل بشكل جذري من قدرة القطاع الاقتصادية. وفي 14 تشرين الثاني عام 2012 شنت "اسرائيل" عملية عمود الدفاع، لتعيد  نهج التدمير والقتل. وهكذا قامت في عام 2014 بعملية الجرف الصامد، وبعد الحرب لم تتدخل حماس مباشرة في اعادة الاعمار وابدت مرونة ووافقت على لجنة الاسناد "لجنة مشتركة بين فتح وحماس" لادارة القطاع، وفيما تحاول السلطة الفلسطينية في رام الله الحفاظ على حضورها في غزة، ترفض "اسرائيل" اي دور لحماس في ادارة القطاع بعد الحرب، فشعارها  مع بداية الحرب هو اجتثاث المقاومة والقضاء على حماس وتعتبره مقياساً لتحقيق الاهداف. ورغم الخسائر غير المسبوقة التي مني بها الكيان الصهيوني في هذه الحرب حيث قتل واصيب الآلاف  من ضباطه وجنوده ودمّرت المئات من دباباته ومدرعاته، وتكبد خسائر مالية كبيرة، الا  انه تبقى الالغام السياسية هي الحاكمة وابرزها هوية الجهة التي ستحكم غزة. فهي جربت حماس الارسخ عقيدة والاكثر جرأة والاكبر ثقة بالله، فيما ادركت ان توازن القوى العسكرية بين الطرفين لم يعد خاضعاً للمعايير البشرية المادية، وان تدمير "اسرائيل" لا يكون بالضرورة بفعل  قوى مكافئة لها في القوة والعدة والعتاد وانما يكون احيانا من قوة صغيرة ناشئة لديها اسلحة بسيطة غير متكافئة على الاطلاق بالرغم من القوة  العسكرية الضخمة للكيان. من هنا بدأت وسائل الاعلام الصهيونية بطرح يتضمن تكليف قوة دولية، يمكن ان تشارك فيها؛ السعودية ومصر والامارات واميركا وحتى الاتحاد الاوروبي. بينما وزير الدفاع الاسرائيلي "يسرائيل كاتس" يطالب  بحرية العمل الكاملة للجيش  في القطاع.

السلطة الفلسطينية من جانبها اكدت الاربعاء الماضي على لسان "محمد مصطفى" رئيس الوزراء: ان السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يجب ان تدير غزة  بعد الحرب. اذ ذكرت مصادر مصرية مطلعة انها تجري محادثات مع ادارة الرئيس الاميركي المنتخب ترامب حول هذا الامر. وهذا ما رشح عن وزير خارجية اميركا "بلينكن" في كلمة القاها في المجلس الاطلسي بواشنطن، انه في حال التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة يجب ان تتولى السلطة الفلسطينية ادارة غزة، وان "خارطة طريق"  قد سلمت لفريق الرئيس المنتخب ترامب لمتابعة الامر.

وحتى الساعة لم تطالب حماس بالتفرد بالحكم، اذ قال عضو المكتب السياسي للحركة "باسم نعيم"؛ ان الامر شأن داخلي فلسطيني قد يحل بتوافق كل مكونات الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة عبر حكومة وحدة وطنية تحكم في قطاع غزة والضفة والقدس لفترة محدودة وتقوم بمهام محدودة مثل اعادة اعمار قطاع غزة وتوحيد المؤسسات التي عانت الانقسام لـ 17 سنة. رافضاً  الرفض  التام لحكم القطاع من قبل اي جهة خارجية.

ان المفهوم السائد والثابت هو  ان الحرب تحسم بنتائجها وليس بكلفتها وبالتالي  لا تعتبر حماس مهزومة، وهو ما اشار اليه مسؤولون امنيون صهاينة، معربين عن قلقهم من العواقب المترتبة على ذلك مثل الانسحاب من محور فلادلفيا،  وفتح معبر رفح، وتسريع عملية اعادة اعمار قطاع  غزة وهي العملية التي من شأنها ان تعزز سيطرة حماس وتستعيد قدراته العسكرية.

واضاف مصدر امني اسرائيلي؛ ان حماس بدأت بالفعل في اعادة التأهيل ليس فقط من خلال المساعدات الانسانية فهي تعمل على تطوير اسلحة جديدة وتجنيد  نشطاء واستخدام البنية التحتية التي لم تكن نعرفها من قبل، مثل الانفاق تحت الارض في بيت حانون. وهكذا حققت عملية طوفان الاقصى اهدافها بتبادل الاسرى، كما لم تعد القضية الفلسطينية بعد هذه الحرب كما كان الحال  قبلها. وصدق  سماحة القائد المعظم؛ سيدرك الجميع ان صبر الناس وصمود المقاومة الفلسطينية وجبهة المقاومة اجبر الكيان الصهيوني على التراجع...