لستَ مالكاً لايران يا سيد بزشكيان!
حسين شريعتمداري
1ـ إن السيد بزشكيان وخلال تصريحاته لقناة "ان بي سي" التلفزيونية الاميركية، قد قال؛ "ان ايران اساساً هي مستعدة للحوار مع حكومة ترامب الثانية"! اذ مع الاعتذار ينبغي القول: انت لست مالكا لايران يا جناب بزشكيان! كونك رئيساً لجمهورية ايران تتولى مسؤولية السلطة التنفيذية في البلاد لاربع سنوات، هي بمثابة امانة فوضت لك، وقد حدد الدستور آلية العمل بهذه الامانة والخيارات المعهودة بشكل واضح، وان جنابك مكلف بالتحرك في اطار القوانين المدرجة. من هنا فان تصريحك لقناة "ان بي سي" الاميركية هي؛ اولاً خارج اطار اختياراتك وثانياً؛ ولادلة اشرت اليها هي في تضاد مع المصالح القومية للبلاد. وثالثا؛ انها رسالة ذلة لعدو لدود لايران الاسلامية، العدو الذي لم يتهاون عن ارتكاب اي جريمة ضد ايران وشعبها و...
2ـ ان جنابك قد قلت في هذا اللقاء؛ "وليتك سالت مراسل "ان بي سي" فما الذي كان قد فعله ترامب كي تقلق من اغتياله؟! ففي هذه الحالة كان المراسل سيضطر بالاعتراف بحادث اغتيال الشهيد سليماني ورفاقه من قبل ترامب، ومن ثم كان بامكانك وينبغي ان تسأل؛ اليس الموت هو أقل جزاء لشخص إغتال الشخصية الالمع والاقدر في محاربة الارهاب؟! وكان ينبغي ان تشير الى تصريحات ترامب خلال المناظرة التلفزيونية مع هيلاري كلنتون، حين اكد بان جماعة داعش الارهابية هي صنيعة اميركا، وتساءلت: اليس برنامج تدمير عصابات داعش هو من عمل الشهيد سليماني؟ ولماذا سمحت لمراسل "ان بي سي" ان يُجلس ايران بدل اميركا على كرسي الاتهام؟! فلسنا ارهابيين ولكن ترامب وعدة من رفاقه ـ منهم وزير خارجيته مايك بومبيو ـ هم من يستحقون الموت لقتلهم الشهيد سليماني ورفاقه. وان الاقتصاص منهم هي الوظيفة الدينية والقانونية لاي ايراني مسلم وغيور، فاجراء هذا الحكم الالهي وليس التفاوض مع قاتل الشهيد سليماني!
3 ـ ان رئيس الجمهورية المحترم يعلم يقينا ان التفاوض ترجمة اخرى من التعامل، وفي جميع القواميس السياسية قد تم تعريف ثلاثة أقسام. الاول؛ إن قاع التفاوض متشكل من مجموعة من النقاط المشتركة. الثاني؛ ان الطبقة الوسطى للتفاوض وهو التحاور حول الاخذ والعطاء، أي أن أيٍّ من طرفي التفاوض ما الذي يقدمه وما الذي يأخذه في المقابل. والثالث؛ ان سقف التفاوض والذي هو نتيجة التفاوض والاتفاق النهائي للجانبين، يحتم هذا التساؤل من جناب بزشكيان وجميع الذين يؤكدون وصفة التفاوض مع اميركا انه اولاً؛ من اي نقطة او نقاط مشتركة يتشكل قاع التفاوض؟ اذ ان اميركا قد اعلنت صراحة أنها تصبو لقلب نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية كهدف ستراتيجي، مؤكدة ان هذا الخط الستراتيجي لا يتغير مع تغيير الحكومات! ثانياً؛ وفي الطبقة الوسطى ما الذي ينبغي ان نعطيه وما الذي نأخذه؟ فاميركا قد اعلنت صراحة ما الذي تريده منّا ومن دون اي نقص تريد "نقاط القوة" واساس اقتدار ايران الاسلامية ... ان نعطل التصنيع العسكري وبالذات التصنيع الصاروخي! وان يكون حضورنا في المنطقة وعلى الساحة الدولية في اطار ما تحدده اميركا! والاعتراف باسرائيل رسمياً! والتخلي عن دعم جبهة المقاومة! و...
ثالثاً؛ وكما يتضح فان اميركا قد حددت سقف التفاوض سلفاً، وبكلمة واحدة تريد من ايران ان تكون تابعة لاميركا! وليس هذا هو آخر المطاف اذ دون شك فانها بعد شطب نقاط قوة بلدنا، ستطرح مشروع الانقلاب!
4ـ فيا سيد بزشكيان! لقد اكّدتَ مراراً ان برنامج حكومتك هو نفس برامج وسياسة سماحة قائد الثورة. ولا شك في صدقك ولكن في تطبيق بعض مواقفك هنالك اختلاف مع الانموذج الذي تشير اليه. وهنا ساتناول نماذج من رؤى سماحة القائد في رد التفاوض مع اميركا وبعيدا عن مكانة سماحته الملكوتية، ساقدم ادلة بهذا الخصوص؛
*"ان التفاوض يعني التعامل؛ اي ان تعطي شيئاً لتأخذ شيئاً قباله. فما في حسابه يتركز في نقاط قوة الجمهورية الاسلامية؛ فهي تقود المفاوضات لاجل هذا. فلا تقول تعالوا نتفاوض حول الماء والهواء، حول البيئة، والمصادر الطبيعية، هي تقول تعالوا نتفاوض حول سلاحكم الدفاعي. ولماذا عندكم سلاح دفاعي"؟
*"بالطبع ان السلاح الدفاعي بالنسبة لبلد هو امر ضروري. انهم يقولون تعالوا نتفاوض حول ذلك، فما يعني التفاوض؟ اي اذا كنتم تصنعون الصواريخ بمديات معينة، بالدقة المحددة، فقللوا المدى لهذه الصواريخ كي لا تصل الى قواعدنا نحن اميركا اي اذا وجهنا يوما ما لكم ضربة فلا يمكنكم ان تردوا علينا. حسناً هل هذا مورد للتعامل، هل تقبلون ذلك، ام لا تقبلون به؟ من المؤكد ان لا تقبلوا به فحين لا تقبلون نعود لنفس الامر والمربع الاول...".
*"نجلس لنتفاوض مع اميركا، ونأخذ منها العهود، ان تفعل كذا، ولا تفعل كذا، وتنحل المشاكل؟ ففي قضية بيان الجزائر، حول مسألة اطلاق سراح الرهائن عام 1982، لقد جلستم وتحدثتم مع اميركا... ووضعتم الاتفاق، واخذتم عهوداً كثيرة ان تفكوا ارصدتنا، وترفعوا العقوبات. وان لا تتدخلوا في شؤوننا الداخلية، كي نطلق من جانبنا سراح الرهائن. فاطلقنا سراحهم، فهل وفت اميركا بعهودها؟ وهل رفعت اميركا العقوبات؟ وهل حررت ارصدتنا المسدودة؟ كلا، ان اميركا لا تفي بالعهود؛ حسناً وكان هذا ما نتجت عنه المفاوضات مع اميركا. او في قضية الاتفاق النووي، قالوا انه اذا قللتم الانشطة النووية الصناعية ـ اذ لم يجرأوا بالقول ان نعطلها ـ ان نقلل الى هذا الحد، لنقوم نحن في المقابل اموراً؛ ان نرفع العقوبات، ونفعل كذا وكذا؛ فهل فعلوا ذلك؟ كلا لم يفعلوا. فالتفاوض لا يحل مشاكلنا مع اميركا".
*وعشرات الادلة من هذا القبيل.
5 ـ ان رئيس الجمهورية المحترم قد قال؛ "ان ايران مستعدة للتفاوض مع حكومة ترامب الثانية"! وهنا لابد ان نلفت انتباه جناب بزشكيان الى البيان الحكيم والمستدل لسماحة القائد. اذ قال سماحة القائد حول التفاوض مع ترامب: "ان التفاوض مع شخص معتبر امر خاطئ، كيف وهؤلاء لا اعتبار لهم، ان التفاوض مع اشخاص لا يلتزمون بعهودهم، ولا يقيدهم شيء ـ ليس الامر الاخلاقي ولا القانوني، ولا العرف الدولي ـ ولذا فهذا من السخرية بمكان". وكان هذا حديث سماحة قائد الثورة المعظم ولما يصبح ترامب رئيسا للجمهورية ويقدم على فعلته بقتل الشهيد قاسم سليماني.
6 ـ الاسبوع الماضي، اعرب "ريتشارد نفيو" المعروف بمهندس العقوبات على ايران، اعرب من خلال مقال لمجلة "فارين افيرز" الاميركية عن يأسه من تأثير العقوبات على ايران، وحول الهجوم الاحتمالي على ايران كتب كذلك "ان تداعيات الهجوم العسكري على ايران ثقيلة جدا، فهنالك احتمال فشل واضعاف اعتبار اميركا، وكذلك لا نتيجة من مهاجمة المنشآت النووية الايرانية". ويؤكد ريتشارد نفيو "ان المفاوضات هي تصب فقط في مواجهة ايران وتحييدها" فيا جناب بزشكيان العزيز! التفت! ان اميركا تعلن بصراحة ان المفاوضات هي الطريق الوحيد في مواجهة ايران، وجنابك تعلن لاجل حل المشاكل انك بصدد التفاوض!
7 ـ وبالتالي ليت يعمل رئيس الجمهورية المحترم على ابعاد الاشخاص المتقاطعين من حوله، الاشخاص ذوي السابقة السيئة الذين برهنوا مرارا على عدم اعتقادهم بالثورة والنظام، وفي كثير من المواقف تماهوا مع اعداء ايران الاسلامية.