kayhan.ir

رمز الخبر: 20080
تأريخ النشر : 2015May29 - 21:29

ما بين 2000 و2015 .. مشهد النصر والتحرير واحد في الجنوب والقلمون

علي عوباني

قبل أيام فقط من الاحتفال بذكرى عيد المقاومة والتحرير عام 2015، نفذت المقاومة عملية تحرير القلمون، وحررت مساحات كبرى من أيدي التكفيريين الارهابيين. مشهد أعاد بالذاكرة صورة ذكرى التحرير في الخامس والعشرين من أيار عام 2000، وما سبقه من عملية اقتحام وتحرير موقع الميليشيات اللحدية في عرمتى في 28 نيسان 2000، كما اعاد صورة الانتصار التاريخي في تموز اب 2006، وما تلاها من انتصارات ابرزها تحرير منطقتي القصير ويبرود على الحدود اللبنانية السورية قبل عامين.

من حق الاسرائيلي، أن يرتعب ويرتجف، من حقه ألا ينبس ببنت شفا، ولا يعقّب على تحرير المقاومة لمنطقة القلمون، من حقه أن يكتفي بالمشاهدة والذهول، فالمشهد يعيده بالذاكرة الى مشهد تحرير جنوب لبنان وانسحاب جيشه مذلولاً مدحوراً عن الاراضي اللبنانية عام 2000. مشهد التحرير يكرر نفسه مجدداً هذه الايام رغم مرور 15 عاماً، مع اختلاف الفارق بين قدرات المقاومة عام 2000 وقدراتها اليوم عام 2015. وهو يحمل في طياته دلالات لا تنتهي في المنظور الامني الاستراتيجي لدى كيان العدو، سيما وان هذا الكيان لا يزال بين الفينة والاخرى، يثير الزوابع الاعلامية حول قدرات المقاومة التسليحية وامتلاكها منظومات صاروخية طويلة المدى من طرازات مختلفة بلغت وفق آخر تقديراته 130 ألف صاروخ، او حول تكتيكاتها العسكرية وحفرها للانفاق، تحت المستوطنات الشمالية.

- القلمون وهواجس العدو بـ”اجتياح” الجليل

ومن حق الاسرائيلي ايضاً أن تزداد هواجسه بعد القلمون حول قدرة حزب الله على "اجتياح” الجليل، تلك المعادلة التي وعد بها الامين العام للحزب سماحة السيد حسن نصر الله يوماً، فما انجزته المقاومة في القلمون يعطي صورة مصغرة عمّا قد يحدث مستقبلاً ويشكل مناورة حية لتحرير منطقة لا تتشابه جغرافياً مع الجليل، فحسب بل أشد قساوة ووعورة منه. فقد أثبتت المقاومة مرة جديدة في القلمون كما في القصير سابقاً، ان بامكانها التماهي مع طبيعة المعركة وجغرافيتها والتحول من استراتيجية الدفاع الى استراتيجية الهجوم، وان بامكانها ترويض ودمج الاطر الكلاسيكية التقليدية التي تعتمدها الجيوش النظامية مع حرب العصابات، واستخدام تكتيكات عسكرية جديدة، تجعلها تصنف كأول مدرسة عسكرية عالمية تمارس هذا النوع من القتال. وتجعل تجربتها فريدة من نوعها وتستحق الدراسة.

ومن جديد اظهرت المقاومة انها سيدة الميدان في حرب العصابات، فمشهد تهاوي موقع عرمتى عام 2000 ومشهد سقوط جبل موسى في القلمون عام 2015 بيد المجاهدين، يتشابهان الى حد كبير، وكل المناورات التي أجراها العدو للاستفادة من عبر حرب تموز 2006، يبدو انها لن تسعفه مستقبلاً ولن تقدّم له حلاً ناجعاً لمواجهة المقاومة اذا ما طبق السيناريو ذاته في الجليل. بل ستبقيه متخلفاً جداً عن اللحاق بركب المواجهة معها بعدما بدت اليوم مختلفة تماماً عدة وعتاداً عمّا كانت عليه في السابق.

- المقاومة لا تهن ولا تشيخ بمرور الزمن وتعدد الجبهات

انتصار القلمون يؤكد ولا ريب ان المقاومة ثابتة وعلى جوزيتها وانها لا تزال قادرة على صنع الانتصار تلو الآخر دون أن يصيبها وهن أو ضعف او أن تشيخ مع مرور الزمن، او تتشتت قدراتها لقتالها على جبهات متعددة، وانها موجودة على كافة المحاور والجبهات، ترابط على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة من جهة، وتردع العدو عن أي عدوان جديد، كما ترد له الصاع صاعين وتلجمه عن أي اعتداء يطال كوادرها كما حصل في القنيطرة في الجولان المحتل، وقبلها في عملية شبعا ردأ على عبوة عدلون، وتتصدى من جهة أخرى للتكفيريين أدوات "اسرائيل” على الجبهة الشمالية الشرقية، فتحقق الانتصارات في القصير ويبرود والقلمون على الحدود مع سوريا.

-كلام المقاومة الكلام الفصل

لا شك ان المقاومة ابدعت في الحرب النفسية في المعركة الاخيرة في اتجاهات عدة، فهي اذ امتلكت من جهة زمام المبادرة، وتحكمت بكل مفاصلها، وكسبت نصف معركة القلمون ضد التكفيريين قبل بدئها، جعلت قيادة العدو من جهة أخرى تقف موقف المراقب المصدوم لما يجري وهي ترصد المقاومين وهم "يكزدرون” على أعالي التلال والقمم ويسحقون التكفيريين، ويقتحمون الموت غير آبهين وكأنهم في رحلة ترفيهية وليسوا في معركة، وما زاد القلق لديها هي تسجيلها انتصاراً من نوع آخر للمقاومة تمثل بتحريرها مساحات شاسعة بسرعة قياسية وبعدد قليل من الشهداء، وهو ما سيتوقف عنده "الاسرائيلي” بتمحيص، لدلالاته الجلية حول القدرات والطاقات البدنية العالية والمتفوقة للمجاهدين.

ابعد من ذلك، اثبتت المقاومة ان كلامها الكلام الفصل، وانها تقرن قولها بالفعل، فهي قالت إن "المعركة ستفرض نفسها” وبالفعل فرضت المعركة نفسها، ووعد سيدها بالنصر سابقاً (2006) فصدق الوعد، وكما في أيار 2000 وفي تموز 2006، وحزيران 2013 لا يزال الوعد الدائم بالنصر يتحقق يوماً بعد يوم وآخره أيار هذا العام ، ولا تزال الانتصارات تبرهن من جديد للعالم اجمع ان اسطورة الجيش الذي لا يقهر سحقتها المقاومة عام 2000، وان اسرائيل” وادواتها الداخلية (العملاء) واذنابها التكفيريين في لبنان وسوريا اوهن من "بيت العنكبوت”.

15 عاماً منذ اطلاق سيد المقاومة لهذا الوصف على كيان العدو، منذ ذاك التاريخ والمقاومة تبحر في زمن الانتصارات، لتغسل عار النكسات والنكبات، فيما العرب يوغلون في تأجيج الفتن وحروب شعواء بلا طائل، 15 عاماً والمقاومة تقدم بعزم وثبات تضحيات جسام، لتحصد النصر والتحرير، دون أن تحيدها او تزلزلها كل الاعاصير او يثنيها عظيم التهويل، 15 عاماً، والعدو واحد بوجهيه احتلال صهيوني او تكفيري، والمعركة واحدة، والمشهد واحد، الا وهو مقاومة تسجل انتصاراً تلو الآخر في سجلها الذهبي، بعدما دخلت بتحرير عام 2000 زمن الانتصارات من بوابته الواسعة، وعمّدت التحرير عام 2006 بنصر تاريخي، وحصنته عام2013 بتحرير القصير، وصانته عام 2015 في نصر القلمون، فيما عينها لا تزال على استكمال التحرير بفك قيد فلسطين التي تبقى بوصلتها الاساس.