kayhan.ir

رمز الخبر: 200680
تأريخ النشر : 2025January11 - 20:12

وهل يعيد التاريخ نفسه!

 

منذ اتفاق القاهرة عام 1969 وتوقيع  لبنان مع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق يمنح بموجبه المقاتلون الفلسطينيون حرية التحرك في لبنان وتحويل الجنوب  اللبناني الى ساحة للعمل الفدائي المسلح ضد الكيان الصهيوني، تعرضت الاراضي اللبنانية لاعتداءات مستمرة من قبل الكيان الغاصب، تحت شغور اُممي حتى الاجتياح الاسرائيلي الاول في مارس/آذار 1978 لمساحات من جنوب لبنان حتى نهر الليطاني بحجة ازالة قواعد منظمة التحرير الفلسطينية، والاجتياح الثاني عام 1982 الذي اسفر عن احتلال بيروت، ليتم التوصل في 17 مايو/ايار 1983 الى هدنة عرفت (باتفاق 17 ايار).

وينص الاتفاق على انسحاب  اسرائيل تدريجياً في غضون اسابيع باشراف لجنة مشتركة من البلدين برئاسة اميركية وهو الامر الذي لم يحدث، بينما نشهد القرار الاممي الصادر من مجلس الامن في 2 سبتمبر عام 2004 والمرقم 1559 يؤكد على حل جميع الميليشيات ونزع سلاحها.

واليوم تعاد العملية بالتاكيد على القرار 1701 القاضي بانسحاب قوات الكيان الصهيوني من جنوب لبنان باشراف لجنة مشتركة وبرئاسة اميركية، وهو الذي لم يحدث كذلك.

الا ان البند المتعلق بنزع سلاح حزب الله واحتكار الدولة اللبنانية لحمل السلاح هو الذي يراهن عليه دوليا واقليميا. بينما الاولوية بعد شغور  مقعد الرئيس لاكثر من عامين تنصب على تشكيل حكومة قادرة على مواجهة التهديدات الاسرائيلية بعد استعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها.

ان الترابط الحيوي بين النبض اللبناني والجسد الفلسطيني يجعل انحسار الفاعلية العسكرية للمقاومة على  الساحة اللبنانية مؤشرا لضياع  فلسطين. فخيار البندقية يحول دون حصول مأساة كبرى وتجاهل طموح الثورة الفلسطينية، بعد الاحباط الذي توشحت بعض القوى الرسمية العربية به، فيما تكشفت  عورات انظمة اخرى، بالرغم من ان الجانب العربي يمتلك كل عناصر وعوامل الصراع المادية والجغرافية والتاريخية والبشرية. هذا الفراغ السياسي والايديولوجي تمت ترجمته بالتفاعل الداخلي الفلسطيني مع الثورة الاسلامية الايرانية منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي. فالحمية الاسلامية اصابت  صفوف المقاومة الفلسطينية، وما كان بمقدور  احد ان يوقف تاثيرات الثورة الاسلامية وامتداداتها، لاسيما وان فطرة الانسان تتفاعل دائما مع ما تراه حالة مستقيمة، وبذلك طرحت الثورة الاسلامية تنظيرا متكاملا لهيكل  الصراع، كمشروع يواجه الحالة الامبريالية القائمة من جهة ومن جهة ثانية ان فلسطين ارض اسلامية تضم اماكن مقدسة ذات علاقة مباشرة بمبادئ المسلمين بينما في المقابل يحمل الصهاينة حقداً وبغضاً لكل ما ينتمي الى الاسلام.

من هنا لما لم يكن ضياع فلسطين قد حصل أبان التجربة الاسلامية ـ حين كانت الدولة العثمانية ايام السلطان عبدالحميد الثاني واردات الصهيونية العالمية تخويلاً لاقامة دولة لهم في فلسطين ـ وإنما حصل خلال تنامي التيار القومي.

وللتاريخ ننقل مفردة حصلت عام 1982 بعد ان بدأ الغزو الصهيوني للبنان، اذ اعلنت الجمهورية الاسلامية الايرانية عن فتح مراكز للتطوع من اجل الانتقال الى ارض المعركة ومواجهة الصهاينة، فنزل الملايين الى الشارع للتطوع وفي اقل من ساعة سجل اكثر من مائة الف ايراني اسماءهم في لوائح لتنظيم عملية النقل...

ولم يكن احتلال اراضٍ لبنانية وليد العام 1982، فالفكرة الصهيونية قائمة على التوسع ولبنان واحدة من اقرب النقاط التي خصتها العقلية الصهيونية بمخطط الاحتلال، ولا ادل على ذلك مقولة "بن غوريون" حول لبنان:

"ان لبنان هو نقطة ضعف التحالف العربي وان السيطرة العربية في هذا البلد مصطنعة ويمكن الاطاحة بها بسهولة ويجب ان تقوم دولة مسيحية في هذا البلد  تكون حدودها الجنوبية لنهر الليطاني وسنوقع معاهدة تحالف مع هذه الدولة ثم بعد ذلك نكون قد حطمنا قوة الجيش العربي... وبعد ذلك تسقط سوريا...".

ان هذه المؤشرات تحمّل الدولة اللبنانية مسؤولية أخطر بان لا تترك الامور رهينة تناحر التكتلات النيابية فتعاد الكرة لا سامح الله كما حصل في سبعينيات القرن الماضي وان كان ذلك مستحيلا.