kayhan.ir

رمز الخبر: 200546
تأريخ النشر : 2025January08 - 20:27

ايران كما هي و كما يشيع اعداؤها

 

اميركا والكيان الصهيوني وبريطانيا اعداء ايران والايرانيين، كيف يرون بلدنا في ضمائرهم، وكيف يقرأونه بألسنتهم؟ فكثير منا يظن ان اميركا تصرح عن ايران كما تراها وتعرفها. فلا يلتفت الكثير للفارق بين ما تستنتجه اميركا عن ايران وما هو يصب في منافعها. فلا يعرف الكثير اساليب التعامل النفسي. فنقع في شبهة وفخ لمصائدها النفسية. فالحقيقة لا تفكر اميركا كما نظن اعتماداً على اقوالها.

ان ما ينشر اليوم بخصوص قدرة ايران وقدرة جبهة المقاومة، على مواقع التواصل الغربية يعكس ان ايران وسائر اعضاء وحركات جبهة المقاومة قد ضعفوا مقارنة للسابق وهم في حالة  دفاعية الآن فيما الجبهة المقابلة اي نظام الهيمنة قد اصبحت اكثر قوة مقارنة للماضي، وفي حالة هجومية. ان هذا النوع من التفكير بدأ بعد استشهاد السيد حسن نصرالله وبلغ اوجه بعد سقوط حكومة بشار الاسد. فحجم الاعلام المسلط يعكس حاجة اميركا واسرائيل وبشكل عام الغرب الى هكذا تصور عن ايران وعن جبهة المقاومة. فمثلا نشاهد وضع الجيش الاسرائيلي العلم على دباباتهم حين دخلوا القرى السورية، او ان تقوم اميركا برفع علمها على عدة دبابات في الحدود العراقية السورية يعكس هذه الحاجة كذلك،  بينما هنالك اتفاق امني بين العراق واميركا، وان القواعد الاميركية في الانبار واماكن اخرى تتمتع بحماية الجيش العراقي، من هنا هي مؤمنة فلا حاجة لاستعراض  اميركا لقواتها. انها طريقة ـ بالطبع تنم عن حماقة لعرض القوة.

ان اعداء ايران يقيمون الجمهورية الاسلامية من جوانب عسكرية مختلفة وكذلك سياسية وحتى اقتصادية على انها قوية وعلى اساس هذا التقييم ينظمون برنامجهم الحقيقي وهو تجنب الصراع مع الجمهورية الاسلامية، ولكن في مقام البيان يظهرون وكأنهم جاهزون لمواجهة ايران، ولاجل  ان نعرف حقيقة ما يفكر العدو حولنا نراجع مراكز الدراسات المقربة من الجهاز الحاكم في اميركا وعلى العكس من ما ينشر في وسائل  الاعلام الرسمية مثل "فاكس نيوز" و"نيويورك تايمز" اذ ليس فيها الغطاء النفسي وتعكس الواقع قدر الامكان. فمعهد المجلس الاطلنطي التي تأسس عام 1962 من قبل وزراء الدفاع  والخزانة الاميركية ليتابع القرارات الاساس في مجال السياسة الخارجية الاميركية، ولذا حين ووجهت السياسة الخارجية الاميركية خلال العقود الاخيرة بتحديات اساسية، جمع المعهد الشخصيات الداخلية والخارجية الخاصة لمعالجة ما ينبغي فعله ورسم آفاق المستقبل.

ان هذا المعهد تابع لاكثر وجوه الحزب الجمهوري تشدداً، ففي آخر تقييم نشر في الثامن من ديسمبر الماضي، ويعرف بـ"خارجة طريق الحزبيين الايمركيين حول ايراهن" جاء فيه؛ ان هذا التقييم هو حصيلة عامين لجهود عشرات الشخصيات المرموقة ـ من الحزبين الاميركيين ـ اضافة لشخصيات اكاديمية اجنبية. ففي هذه الدراسة ونقلاً عن الجنرال "هربرت ريموند ماك مستر" مستشار الامن القومي للرئيس ترامب في دورته الاولى، يقول؛ "نحن نعلم رأس خيط المشاكل. فمنهجية اميركا منذ الحكومة الاولى لاوباما  والى آخر ايام حكومة بايدن، لم تكن مجدية، وجاء الآن زمن تغيير اساس في الرؤية". وجاء في تقرير المعهد نقلاً عن ماك مستر؛ "ان هدفنا الاول احياء الردع  الاميركي قبال ايران بحيث لا تتمكن القيام بعمليات باعتماد وكلائها في المنطقة". انظروا جيداً انه اقرار بتراجع الردع الاميركي قبال ايران. ولكنه في نفس الوقت يقول ان آلية تحقيق هكذا نهج يعتمد "تعاون حلفاء وشركاء اميركا الستراتيجيين على المستويين الدولي والاقليمي". وهذا اقرار ان اميركا لا تستطيع لوحدها مواجهة ايران. وهذا التقرير صدر بعد يوم من سقوط الحكومة السورية، ويضيف "الحق مع ترامب حين يقول ان ايران هي سبب كل مشاكل اميركا". ويستطرد ماك مستر "بالطبع ان ايران عدوتنا اللجوجة او ربما العدو الذي يصدر منه الخطر الحقيقي... وعلينا ان نرفع هذه الاوهام  بان بامكاننا ايجاد التفرقة ـ بين اعضاء جبهة المقاومة ـ ونفصلهم عن بعض". ويستمر التقرير نقلا عن "صنم وكيل" الخبير المشترك في المؤسسة الملكية البريطانية تشاتم هاوس، والمجلس الاطلنطي، اذ يقول؛ "السبيل الوحيد لايقاف هذا النهج في التعاون الجماعي، فعلينا ان ننجز ذلك على طرفي المحيط الاطلسي وبشكل ستراتيجي، اذ دون اتخاذ ستراتيجية جماعية ستبقى مشكلتنا مع ايران قائمة وستتشدد، كما شاهدنا ذلك في الحكومات المختلفة باميركا". ان هذا اقرار صريح  لاكثر معارضي ايران تشدداً وقوة في الهيئة الحاكمة الاميركية بمدى قوة ايران واقتدارها.

فان كان من المقرر ان تضعف جبهة المقاومة وتندحر، لكان حصل في الضلع  الاصغر لهذه الجبهة وهي غزة وهي الاضعف اقتصادياً وعلاقاتها الخارجية محدودة جدا مع عدوتها اي الكيان الصهيوني. ومنذ عام 2005 وبشكل متلاحق لـ 19 عاماً حظر عليها تسلم اي مساعدة من الخارج وتعرضت خلال عشرين عاماً لعشر معارك شديدة وتعيش الآن اطول  واشد المعارك. فالكيان الصهيوني وبمساعدة اميركا نفذ اكثر الجرائم وحشية بحق هذا الشعب. وان حجم الاسلحة التي تلقتها "اسرائيل" من اميركا والمانيا وبريطانيا فاق 120 الف طن وكل ذلك استعمل على شعب غزة. حسناً فان كان لزوماً ان تندحر المقاومة لكان في غزة اولى اذ لا تمر سائر اضلاع جبهة المقاومة ما تمر به غزة حتى الضفة الغربية.

ورغم ذلك وبعد 15 شهراً من هذه الحرب مازال الجيش  الصهيوني  يخسر افراده يوميا في انحاء غزة، ومازالت الصواريخ التي تنتج في غزة تطال تل ابيب ومناطق اخرى للكيان الغاصب. ومع ذلك فمن يشكك بانتصار المقاومة في هذه البقعة على الكيان الغاصب؟

ان الكيان الصهيوني واميركا يقيمان المقاومة اللبنانية بانها قوية جداً ـ رغم الخسائر الباهظة ـ. اما في وسائل الاعلام فيتظاهرون ان حزب الله قد ضعف وحتى لا يمكنه منا عادة بناء نفسه! هذا في الوقت الذي لا يجرأ جيش الاحتلال ان يفعل ما يقوم به في سوريا بعد سقوط حكومة بشار  الاسد، اذ يستمر في قصفه وتقدمه، ولكنه في لبنان يضطر الى وقف  اطلاق النار ويلجأ الى التفاوض السياسي لحل القضايا، وفي الحقيقة تحتاج الى دعم اميركي اوروبي وعربي.

ففي سوريا لا توجد قوات مقاومة كما ان القوات الرسمية لحكومة الجولاني لا تجرأ على الرد. اما في لبنان وبالرغم من ان الجيش  لا قدرة له لمواجهة الجيش الاسرائيلي الا انه هنالك قوى المقاومة التي تقف بوجه تقدمه بالرغم من التفاوت في التسليح، ويحد من تقدمه قوات الكيان الصهيوني ويرجعه القهقرى ولكن الاعداء وبالاعتماد على جيش الاعلام لاظهار ضعف  هذه المقاومة.

ان اميركا وعملائها يسعون لبيان سورية وكأن فيها حكومة مقاومة وجيش مقاومة وحزب مقاوم وقد اندحر امامهم! الا ان العقلاء والاشخاص العاديين وباقل نظرة يعلمون ان الجيش السوري لم يكن يوماً جيش مقاومة ولا يعتبر نفسه كذلك، وخلال خمسين عاماً الماضية لم يطلق رصاصة باتجاه اهم عدو للمقاومة وهو  الكيان الصهيوني، ولم يرد على هجمات الكيان لمئات المرات على الاراضي السورية. فلا يعتبر احد حزب البعث السوري والمنظومة الامنية السابقة جزءاً من المقاومة، لانه وكما يقال لا قيمة للمقاومة دون الاعتقاد والالتزام بمحاربة الصهاينة، وان حزب البعث  والجيش البعثي وبعد حرب عام 1973 لم يجرب حظه في مواجهة الكيان الصهيوني. نعم كانت سوريا تتعرض للتهديد دائماً ولاجل الرد كانت تساعد المقاومة ولكنها لم تواجه مباشرة الكيان الصهيوني عسكرياً. ان الحكومة السورية وشخص بشار الاسد قدم دعماً كبيراً لحزب الله خلال 22 عاماً، وكانت لها علاقات صادقة وقوية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وهذا يشهد له ويقدر. ولكن سجل القوات  النظامية والامنية لسوريا لم يكن بمستوى سجل حزب الله او سجل انصار الله او سجل المقاومة العراقية او سجل حرس الثورة الاسلامية. ورغم ذلك عمل الاميركيون وعملاؤهم على إلصاق صفة المقاومة للجيش والمؤسسات الامنية السورية، كي يظهروا ان المقاومة مندحرة! فما هو السبيل الحقيقي لسوريا للوصول الى الاقتدار؟ انه ظهور حقيقي لتيار المقاومة في سوريا وهذا امر غير مستبعد.

سعدالله زارعي