على المسؤولين الاتراك ان ياخذوا التوصية بجد
الدكتور علي اكبر ولايتي
خلال الايام القليلة الماضية انبرى بعض المسؤولين الاتراك وفي اجراء غير مسبوق ويبعث على الاسف انهم – حسب ظنهم – يقدموا النصيحة للجمهورية الاسلامية الايرانية ان احذري من ان تتسبب مواقفك الجريئة في اثارة غضب الصهاينة !!
فالمسؤولون الاتراك يعلمون وشهدوا بوضوح ان الجمهورية الاسلامية الايرانية قد وقفت لسنوات باقتدار يضرب به المثل بوجه النظام الوحشي قاتل الاطفال – بقايا حثالات الصليبيين – وغيرت معادلات المنطقة والعالم لصالح الاسلام وانهيار الصهاينة .
ان جوابنا للحكومة التركية واخرين من حكومات المنطقة ان لاتقارنوا ايران المقتدرة بانفسكم ولاتتوقعوا يوما ان تسالم ايران الاسلامية كما فعلتم بالتصالح مع النظام اللقيط والمجرم الكيان الصهيوني .
فنحن كما قالها مرارا سماحة قائد الثورة – دامت بركاته - على هذا الاعتقاد بان الدول ينبغي عليها اما ان تختار المقاومة حيال الهجمة الجبانة للصهاينة وداعميهم السلطويين الغربيين او ان تختار الصلح فالثاني فيه الذلة وان ثمنه باهظ فيما الخيار الاول مبعث عزة وتكلفته اقل بكثير . وهذان الخطان المتوازيان قد تبلورا منذ قيام الشهيد عز الدين القسام وانعكسا على الواقع حتى مجيء المرحوم جمال عبد الناصر وفي المقابل كان هناك اشخاص مثل شاه ايران والمملكة السعودية وملك الاردن وهم على راس المتصالحين مع الكيان الصهيوني فوقفوا بوجه جمال عبد الناصر لافشال مساعيه تاييدا لاميركا والصهاينة وان الضربة القوية التي وجهوها لجمال عبد الناصر كانت حين قتلوا الفلسطينيين الساكنين في الساحل الغربي لنهر الاردن . الجريمة التي ارتكبها صهر البريطانيين الملك حسين ملك الاردن بقتل اكثر من اربعة الآف فلسطيني وكذلك بقتل ستمائة سوري انبروا لنصرة اخوتهم الفلسطينيين . وهكذا يستمر الخطان في عدم الالتقاء بتاتا .
الا ان حرب السابع من اكتوبر عبرت عن حركة مقاومة جادة غير مسبوقة قادتها حركة حماس والجهاد الاسلامي لاكثر من 14 شهرا ومازالت مستمرة الى اليوم . فهي تعبر عن الاية الشريفة بالشكل العملي – يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين – والامر المهم للغاية هو وقوف دولة مقتدرة وكبيرة مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية ضمن محور المقاومة داعمة للفصائل والدول التي لها العزم الثابت في المقاومة بوجه سلطة الهيمنة العالمية .
في هذه الاثناء يحاول داعموا الاستكبار العالمي ان يطلقوا على انصار الجمهورية الاسلامية الايرانية في المنطقة بانها قوى بالوكالة في الوقت الذي ان بعض الحكومات الرجعية في المنطقة تطيع القوى الاستكبارية ولايشربون قدح ماء دون الاستاذان من الاستكبار العالمي .
ان الجمهورية الاسلامية الايرانية وكما اعلن سماحة قائد الثورة المعظم بصراحة وشجاعة تقدم العون لقوى المقاومة والاهم انها تقدم شبابها الى الخط الامامي ليقفوا في خندق واحد مع الشباب المضحي من ابناء المنطقة سواء من السنة ام من الشيعة في وجه اعداء الاسلام .
واما بخصوص الشان السوري :
فالدولة السورية ومنذ فترة حكومة المرحوم حافظ الاسد والى الان – فترة بشار الاسد – وقفت لخمسين عاما في وجه الصهاينة وداعميهم :
1 – بعد مجيء جمال عبد الناصر اتحد البلدان – مصر وسوريا – واستمرا في اتحادهما حتى وفاة المرحوم جمال عبد الناصر .
2- وكان علي صبري وانور السادات من مساعدي عبدالناصر اذ كان علي صبري شخصية مقاومة ويتطابق في رأيه مع جمال عبدالناصر الا ان الغربيين عمدوا للتاثير على انور السادات وبعد وفاة عبدالناصر في سبتمبر من عام 1971، تم التبليغ للسادات بطرق مختلفة ليزينوا سمعته ويجعلوه خليفة لعبد الناصر فيما اشاعوا عن علي صبري بانه رأس اليساريين المصريين واضفوا عليه حالة سلبية.
3ـ وتم عرض مسرحية معقدة من قبل الاميركان لصالح انور السادات، اذ في حرب عام 1967 سيطر الصهاينة على صحراء سيناء باكملها واوجدوا حائلا عريضا بجانب البحر الاحمر ليكون احتلال صحراء سيناء قطعيا، ولكن المصريين في عام 1973 وبدأوا بموافقة اميركية حرب رمضان، وكذلك سورية بعتادها القليل دخلت الحرب لصالح مصر ليتم استرداد اجزاء من الجولان، واستقر الصهاينة عند الكيلو 102 من القاهرة، وتحركت وفود اميركية برئاسة "سايروس ونس" وزير الخارجية حينها بين القاهرة وتل ابيب لتنتهي هذه التحركات بلقاء انور السادات ومناحيم بيغن في كامب ديفيد ويوقعا معاهدة الصلح لتعود صحراء سيناء لمصر على شرط ان لا يجهز الجيش المصري بسلاح ثقيل في سيناء، واستؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لتفتح السفارة الاسرائيلية في القاهرة.
ومن ثم تم اعطاء جائزة نوبل لرئيس البلدين، ولكن الشخص الوحيد الذي وقف بشجاعة ولم يوقع على معاهدة مع "اسرائيل" فهو المرحوم حافظ الاسد وانشأ جبهة الصمود والتصدي والتي تتشكل من؛ سوريا وليبيا واليمن الجنوبية والجزائر وحتى السودان خلال حكومة (جعفر النميري) ومنظمة التحرير الفلسطينية.
والى عام 1979 كانت سوريا الدولة الاساس التي وقفت بوجه معاهدة كامب ديفيد، وفي ايران بعد انتصار الثورة الاسلامية تم قطع العلاقات مع مصر بامر من الامام الخميني (ره) بسبب خيانة انور السادات في كامب ديفيد ومن بعدها كانت ايران الدولة الاسلامية المقتدرة التي وقفت لجانب سوريا لحفظ فلسطين وبذلت مساع منقطعة النظير للعمل على تحرير فلسطين، بينما قال بعض الاشخاص الذين لا علم لهم ان مساعدة ايران لسوريا من جانب واحد.
وهنا ينبغي ان يعلم الجميع ان سوريا في فترة حافظ الاسد ومع الحاجة المادية الشديدة قطعت خط انابيب النفط العراقي التي كانت تمر ترانزيت من الاراضي السورية بواقع 3 دولار لكل برميل نفط بمعدل مليون برميل يوميا وكان الخط الحيوي لصدام، فلاجل مساعدة ايران قامت سوريا بمنع مرور هذا الخط دون طلب من ايران.
من جانب آخر وحسب "رونالد دوما" (وزير خارجية فرنسا حينها) خلال لقاء صحفي نشر لاحقا، انه في عام 2009 لم يسمح بشار الاسد بمرور خط الغاز القطري الى تركيا، فذهب الى روسيا ثم الى ايران ليوقع مع شركة غاز ايران اتفاقية ان يمر الغاز الايراني عن طريق العراق الى سوريا ومنها الى روسيا.
الا ان الامر الاهم هو تشكيل سوريا لاحد اضلاع المقاومة وهذا هو علة المخطط الاستكباري الاخير ضد سوريا. فقضية سقوط حكومة الاسد مصداق للآية الشريفة: "تلك الايام نداولها بين الناس"، فهذا المد والجزر وانتقال الحكم في طريق تحولات كبيرة مثل عالمية الاسلام والثورة وانهيار الانظمة الاستبدادية، ما كان بعيدا عن التوقعات. وهي قطعا ليست خاتمة الامر وانما جانب من بدايته.
وتاسيسا على ذلك فان وصيتي للمسؤولين الاتراك انه بدل ان يوصوا ايران بالتصالح، فليعودوا هم عن الطريق الذي سلكوه. فليس من الصحيح ان تنتهج دولة مثل تركيا بعشرات الملايين من السكان المسلمين نهج المسالمة والصلح مع نظام وحشي قاتل للاطفال كالكيان الصهيوني، بينما المناسب لمكانتها ان تماهي وتنخرط مع العالم الاسلامي والشعوب الاسلامية في المنطقة.