kayhan.ir

رمز الخبر: 1991
تأريخ النشر : 2014June13 - 20:05

استراليا واستراتجية اميركا لاحتواء الصين

عباس علي مراد

"ثمة عالم بأسره هناك ولدينا مصالح وفرص في هذا العالم”

مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس نيويوك تايمز 26/10/2013

في العام 2009 تقدمت الصين من الأمم المتحدة بطلب لإسترجاع 90% من بحر الصين الجنوبي ويشمل هذا الطلب مناطق تطالب بها كل من فيتنام ،الفيليبين، ماليزيا، اندونيسيا وبورما.

وفي 23 تشرين الثاني 2013 اعلنت الصين عن توسيع منطقة الدفاع الجوي لتشمل قسماً واسعاً من بحر الصين تشمل جزر سينكاكو التي تعتبرها اليابان جزءاً من اراضيها وتدعي كل من تايوان والصين ملكية تلك الجزر وتسميها الصين دياوبو وتبعد هذا الجزر عن الصين 300 كلم وعن اليابان 400 كلم وعن تايوان 170 كلم وكانت اليابان قد احتلت تلك الجزر عام 1895وبعد الحرب العالمية الثانية سيطرة عليها الولايات المتحدة واعادتها لليابان عام 1972.

الرئيس الاميركي باراك اوباما واثناء جولته الآسيوية في نيسان الماضي شجع الدول الآسيوية التي زارها للوقوف بوجه الصين، وفي اليابان اعتبر اوباما ان اي اعتداء على الجزر اليابانية هو اعتداء على الولايات المتحدة، وفي الفيليبين وقع اتفاقية دفاعية تسمح للقوات الاميركية للعمل في الفيليبين وكان سبق ذلك زيارة الى ماليزيا هي الأولى من نوعها لرئيس اميركي لذلك البلد منذ 50 عاماً، وقد تجاوب رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق مع عدة طلبات اميركية منها السماح للقوات الاميريكية باستعمال المرافئ والأجواء الماليزية، هذا مع العلم بأن صحيفة يوتوزان التي تملكها الحكومة كانت نشرت تقريراً عن ضلوع الولايات المتحدة في اختفاء الطائرة الماليزية ( الرحلة ام اتش 370) من أجل افساد العلاقة بين الصين وماليزيا (صحيفة ذي سدني مورنيغ هيرالد 23/نيسان/2014 ص 13).

استراليا والتي تربطها علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة ويلتزم البلدين باتفاقية دفاع تضمهما الى نيوزيلاندا تعرف بإسم (الأنزس) لم تتوانى في الرد على الاجراءات الصينية وانتقدت

وزيرة الخارجية الاسترالية جوليا بيشوب قرار الصين بتوسيع منطقة الدفاع الجوي.

رئيس الوزراء طوني ابوت وفي تصريحات له مؤخراً اعتبر ان اليابان هي الصديق الأفضل لأستراليا في القارة الآسيوية الا ان الاستراليين وحسب استطلاع معهد لوي يرى 31% من المستطلعين ان الصين هي اول الدول الصديقة لاستراليا في آسيا مقابل 28% لليابان ويعتقد 47% منهم ان الصين ستشكل تهديداً عسكرياً لأستراليا خلال العشرين عاماً القادمة.

والجدير ذكره ان استراليا والصين تحتفظان بعلاقة اقتصادية قوية وخلال زيارته الآسيوية في نيسان الماضي وقع رئيس الوزراء اتفاقية تجارة حرة مع كل من كوريا الجنوبية واليابان وما يزال البحث جارياً لتوقيع اتفاقية مماثلة مع الصين وقد رافق رئيس الوزراء الى الصين وفداً كبيراً مؤلفاً من 600 شخص من كبار مسؤولي الشركات المالية والتعدين ورجال الاعمال.

امام هذا الواقع المستجد في جنوب الباسيفيك لم يعد السؤال اين تقف استراليا ولكن السؤال الى اي مدى ستذهب استراليا في موفقها الداعم للولايات المتحدة وحلفائها؟

الاسبوع الماضي واثناء انعقاد مؤتمر وزراء دفاع مجموعة آزيان كان ملفتاً للنظر تصريح وزير الدفاع الاسترالي ديفيد جونستون الذي ابدى اهتماماً واضحاً بما اعتبره تهديد الصين للاستقرار وزيادة التوتر مع جيرانها، ويأـي تصريح الوزير الاسترالي داعماً لموقف متشدد لزميله الاميركي شاك هاغل الذي اتهم الصين باتخاذ اجراءات من جانب واحد تهدد الاستقرار في بحر الصين وخصوصاً بحر الصين الشرقي.

وفي محاولة للتمايز عن زميله الاميركي قال الوزير الاسترالي ان استراليا ستحاول اقناع الصين ان هناك طرق اخرى لحل المشاكل بعيداً عن خطر المواجهة وزيادة التوتر في البحر وشدد على ان الموقف الاسترالي واضح بأننا نقف على الحياد في النزاع الدائر بين الصين وجيرانها مضيفاً ان استراليا تدعو جميع الأطراف لحل القضايا العلاقة حسب القوانين الدولية (س م ه 02/06/2014 ص 7) لكن الخبير في الشؤون الدولية من معهد لوي سام روكيفين رأى ان اجتماع سنغافورة حدث مميز حيث نقل الينا التوتر الذي يسيطر على المنطقة ، وجاء الرد الصيني على تصريحات الوزير الاميركي على لسان نائب قائد الجيش الصيني الميجير جينرال وونغ كوتزونغ الذي قال ان هذا استفزاز منظم ضد الصين من رئيس وزراء اليابان ووزير الدفاع الاميركي.

وعلى الصعيد الداخلي كان ملفتاً للنظر تقرير لمارك تومسن من المعهد الاسترالي للتخطيط الاستراتيجي والذي قال اننا قد نضطر الى زيادة الانفاق العسكري الى 3 % من الدخل القومي علماً ان الحكومة وفي ميزانيتها الأخيرة قد رفعت النسبة الى 2% بعد ان كانت حكومة العمال خفضتها الى 1.4 % وقد انتقدت الولايات المتحدة الاميركية قرار الحكومة انذاك.

ورأي تقرير تومسن ان على استراليا ان تتبع استراتيجية تلتزم وتعزز الوجود الاميركي في المنطقة (س م ه 30/05/2014 ص 9)، نشير الى ان استراليا وفي العام 2011 واثناء زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما للبلاد وافقت على نشر قوات اميركية في البلاد بالاضافة الى احتفاظ الولايات المتحدة بأكبر مركز تجسس في منطقة باين كاب قرب اليس سبرينغ في المقاطعة الشمالية .

بالإضافة الى ذلك قررت استراليا شراء 58 طائرة مقاتلة من طراز (اف 35) بتكلفة 12 مليار دولار لزيادة وتطوير القدرة القتالية لسلاح الجو الاسترالي وستكلف هذه الطائرات مبلغ 12 مليار دولاراً اضافياً لتسليحها وصيانتها، ويأتي هذا القرار في الوقت الذي فرضت الحكومة في ميزانيتها في ايار الماضي اقتطاعات على قطاعي التعليم والصحة بقيمة 10 مليارات دولار في العشر سنوات القادمة، بالإضافة الى الإقتطاع من ميزانية البطالة والمتقاعدين.

في مقالة ملفتة لمحرر الشؤون الدولية في صحيفة السدني مورنيغ هيرالد بيتر هارتشر بعنوان " كم نحن حقاً بحاجة لدعم العم سام” (13/05/2014 ص 14) اعتبر فيها ان آخر السياسين الاستراليين العاملين الذين تحدوا العلاقة المقدسة بين استراليا وحليفتها كان مارك لايثم ولا يوجد هناك اي زعيم آخر يريد ان يكون لايثم بالإشارة الى ما حلّ بالزعيم العمالي ونهايته السياسية المأساوية بعد موقفه ذلك، لكن هارتشر استعرض آراء اثنين من رؤساء الوزراء السابقين الأحراري مالكوم فرايزر والعمالي بول كيتينغ.

فرايزر ألف كتاباً بعنوان "التحالف الخطر” وتحدث عن الخطر الكبير من ان تحصل مواجهة بين الصين واميركا وقد تضطر استراليا لدخول حرب ليست في مصلحتنا، وقد يكون شيئاً رائعاً ان ننهي هذا الحلف مع الولايات المتحدة.

اما بول كيتينغ فقد دعى الى اعادة النظر في سياسية الولايات المتحدة اتجاه الصين والسماح للصين لتوسيع مداها الاستراتيجي ودعى الحكومة الاسترالية للعمل لتغيير سلوك الولايات المتحدة لتجنب الحرب عكس فرايزر الذي دعى للتخلص من التحالف مع الولايات المتحدة خوفاً من الحرب. وعرض الكاتب في مقالتها بعض الآراء المؤيدة والمعارضة لرأي فرايزر.

وبانتظار ما ستسفر عنه زيارة رئيس الوزراء طوني ابوت الحالية لكندا والولايات المتحدة، هناك شيئاً مؤكداً ان استراليا ليست في وارد التراجع عن تحالفها العضوي مع الولايات المتحدة والذي يضمهما الى كل من كندا ونيوزلندا وبريطانيا في ما يعرف بمجموعة (الخمس عيون) خصوصاً في ظل حكومة محافظة جداً ومعارضة لن تجرأ على مسائلة تلك الحكومة عن زيادة نفقات الدفاع والتسلح، هذا مع العلم انه لا يوجد تمايز كبير بين الحزبين الكبيرين في ما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة.