القيصر يُفشل قانون قيصر
لطالما كانت محادثات آستانا للسلام في سوريا هي الافضل لخفض التوتر وايجاد حل للازمة السورية، بعد ان فشلت محاولات الخريف العربي لتغيير النظام في سوريا، لما له من دور في محور المقاومة والدفاع الدائم عن القضية الفلسطينية.
وبشكل عام جرت المحادثات برعاية ايرانية روسية تركية في العاصمة الكازاخستانية "آستانا" منذ عام 2017، على شكل جولات بدات بالاتفاق على وقف اطلاق النار ثم بتشكيل لجان لمراقبة وقف اطلاق النار، وبحث آليات لمراقبة مناطق خفض التوتر ونشر القوات فيها، والاعلان عن انشاء منطقة خفض التوتر في محافظة "إدلب" شمالاً، وانتهت في النسخة 22 من الاجتماعات لايجاد حل للازمة.
الا انه بعد حرب غزة والمواجهة العنيفة لحزب الله وصده لاي تقدم لجيش الكيان الصهيوني والذي اضطر لطلب هدنة لوقف اطلاق النار، ضمن اشارة نتنياهو لدور سوريا في مد المقاومة بالسلاح وانها حلقة الوصل لاستمرار مساعدات الجمهورية الاسلامية الايرانية لابطال المقاومة، استغلت تركيا الضعف الطارئ على جبهة الاسناد في سوريا، لاسيما وان تركيا تريد التخلص من ملايين اللاجئين السوريين لديها وانشاء الممر الآمن حتى شمال العراق فكانت العروض على الرئيس الاسد بحلول تخدم الجانب التركي على حساب السيادة السورية بعيداً عن محادثات "آستانا"، ولم تجد نفعاً حين كان الرفض مستمراً من الحكومة السورية. فجاءت المبادرة الاميركية التي تتضمن رفع الحصار عن سوريا والتطميع باعادة اعمارها وكان عرضاً قوياً راهنت عليه اميركا بشرط ان يتخلى الرئيس الاسد عن محور المقاومة ويقطع علاقاته مع الجمهورية الاسلامية الايرانية فرفضت القيادة السورية هذا العرض جملة وتفصيلا، ورفضت حتى المساومة بخصوص "قانون قيصر" الذي سينتهي مفعوله في العشرين من ديسمبر الجاري، رغم انه انتهى نظرياً في 17 يونيو الماضي، لكن جاء تمديده ستة اشهر، اذ القانون قد تم اقراره من قبل اميركا ابان حكومة ترامب عام 2019 ودخل حيز التنفيذ في 17 يونيو 2020 ليمتد لخمس سنوات. ويهدف لحرمان الرئيس الاسد وخنقه اقتصادياً واجباره على الذهاب الى التسوية السياسية. فسعى قانون قيصر لعزل الرئيس الاسد سياسياً ومالياً والتضييق عليه وعلى حلفائه حتى لا يتمكن من استثمار النجاح العسكري الذي حققه على ارض الواقع سياسياً، كما وفرض القانون عقوبات على اشخاصاً وكيانات ورجال اعمال مقربة من الرئيس الاسد، واجاز مراقبة اعمال المصرف المركزي السوري في مجال غسيل الاموال من هنا كشرت اميركا عن انيابها واظهرت وجهها الحقيقي فهي غير معنية بقانون قيصر الذي ادعت انه اقره الكونغرس الاميركي لحماية المدنيين السوريين، بعد ان تبين ان المخابرات الاميركية قد اعدت مسبقا خيارها اذا رفض الرئيس الاسد لمقترحها، اذ لم تكن الهجمة التي شنها التكفيريون وليدة يومها فقد تم الاعداد لها منذ شهور بتدريب قوات "هيئة تحرير الشام" وفصائل اخرى وتسليحهم باسلحة متطورة ومسيرات وراجمات، وتحضير ممرات لاخلاء قوات سوريا الديمقراطية لمواقعها في مدن تل رفعت وشيخ مقصود وغيرها، كي يكتمل السيناريو لهذه العصابات الارهابية. الا ان مسارعة الجمهورية الاسلامية الايرانية لترتيب الاوراق من جديد مع القيادة السورية بضخ الجبهات بروح جديدة وقواعد اشتباك لا تخطر على بال اميركا مطلقا، مع وصول فريق استشاري الى العاصمة دمشق، وذلك في اطار التعاون العسكري الامني السياسي لمساعدة سوريا في مواجهة الهجمات الارهابية والقضاء عليها نهائيا لتتجنب المنطقة المزيد من المخاطر والخسائر التي هي في غنى عنها.