الكلمة ستبقى للميدان
لم تكن اميركا يوما طوال عقود من الصراع بين العرب و"اسرائيل" وسيطا نزيها بل كانت على الدوام شريكا للكيان الصهيوني وحامية لمصالحها. واليوم ماذا نتوقع من المبعوث الاميركي هوكستين الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية وقد خدم في جيشها، في زيارته الحالية لبيروت والذي يتوجه لاحقا الى فلسطين المحتلة وهو يتحدث في بيروت بالعموميات دون الدخول في التفاصيل وعندما سئل عن تقيمه للوساطة يلخص الموضوع باننا "نترك الامر للفرقاء" أي لا شيء انه لا يسعى لوقف العدوان والهجمات البربرية الصهيونية على الضاحية وسائر المناطق اللبنانية الآهلة للسكان ولا يسجل اي موقف تجاه الاصرار الصهيوني على انتاك السيادة اللبنانية واستباحة اجوائه والمدنيين اللبنانيين وكأن الامر شيء طبيعي.
فالورقة الاميركية التي بُلغت للرئيس بري اطلع عليها حزب الله وكان رد الحزب يتخلص في امرين مهمين وقف اطلاق وحق السيادة اللبنانية اي منع حركة الطيران الاسرائيلية في الاجواء اللبنانية او حرية الحركة البرية قرب الحدود اللبنانية وهذه قضيتان اساسيتان.
فرد حزب الله الذي جاء على لسان امين عامها الشيخ نعيم قاسم على المقترح الاميركي رد حاسم وصارم يسد الابواب امام اي انتهاك او تطاول صهيوني على السيادة اللبنانية وهكذا سد جميع الثغرات لمنع اي استغلال للاراضي او الاجواء من قبل الكيان المحتل.
واذا اراد الكيان كما قال سماحته "توسيع العدوان فان المقاومة هي ايضا توسع من رقعة ضرباتها في الميدان". اي ان "اسرائيل" تريد ان تفاوض تحت النار ونحن نفاوض تحت النار ايضا فالسقف الذي حدده الشيخ قاسم ومعالم المرحلة المقبلة "مرتبط بالرد الاسرائيلي وبالجدية عند نتنياهو" مؤكدا سماحته ان "تفاوضنا تحت سقفين وقف العدوان بشكل كامل والثاني حق السيادة اللبنانية لذلك نعمل وفق سارين الميدان والمفاوضات ولا نعلق الميدان بانتظار المفاوضات."
فالكثير من المراقبين يشككون بجدية الجانب الاميركي للتوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ما لم يكن هذا لاتفاق يصب في المصلحة الاسرائيلية التي هي اساسا مصلحة اميركية لان "اسرائيل" هي الولاية 51 لاميركا.
فكل المبادرات والاقتراحات التي تقدمت بها اميركا بعد السابع من اكتوبر ملحمة "طوفان الاقصى" سرعان ما نقضها نتنياهو وقد تمصلت اميركا من بعدها لذلك لا يمكن التعويل على اي مقترح اميركي لانها في النهاية تلعب دور المتفرج ان لم تكن لـ"اسرائيل" مصلحة فيها.
اذن لم يبق امام حزب الله وجبهات الاسناد طريقا سوى التصعيد والضغط عبر الميدان لان العدو الصهيوني وحماته من الاميركان والغربيين لا يفهمون سوى لغة المقاومة والميدان لانها السلاح الامضى لقلب موازين القوى واستسلام العدو وهذا ما ترجم على الارض في انتصارات حزب الله عامي 1998 و2000 وكذلك في حرب تموز المجيدة وهكذا معارك غزة ومنها "سيف القدس" والاهم من كل ذلك معركة اليوم "طوفان الاقصى" التي تجاوزت الاربعمائة يوم ولازال الكيان وجيشه المنهك ويغصوا في رمالها لم يحقق اي من اهدافه وهذا هو انتصار محقق لحماس وبقية الفصائل المقاومة.