ودول لم نقصصهم عليك
كلما تمتد الحرب في غزة تتكشف عورات الحكومات الواحدة تلو الاخرى. فسبق ان تسرب عن مسؤول اميركي من ان حكومات عربية طلبت تصفية حركة حماس لانها مرتبطة بالاخوان المسلمين، فضيقت دول الخناق على المقاومين الفلسطينيين حتى كان نهاية المطاف ان استقر مكتب حركة حماس في الدوحة منذ عام 2012. الا ان الضغوط الاميركية ازدادت على الدوحة لاخراج مكتب الحركة بذريعة ان مقاتلي حماس قد اعدموا الرهينة الاميركي ـ الاسرائيلي "هيرشي غولدبرغ" مع خمس رهائن آخرين اواخر اغسطس وهذا النوع من الضغط هو لاجبار الحركة على التنازل في مفاوضات وقف النار المتعثرة في غزة. وفي وقت سابق من هذا العام ابلغ وزير خارجية اميركا "بلينكن" قطر بضرورة تحذير حماس من انها تخاطر بالطرد من الدوحة اذا لم توافق على وقف الحرب. فيما وجه مجلس الشيوخ الاميركي مجموعة مطالب الى وكالات حكومية اميركية تتضمن دعوات لتسليم "خالد مشعل" الى الولايات المتحدة، وتجميد اصول مسؤولين من الحركة مقيمين في قطر. وهذا ما قامت به كذلك وزارة العدل الاميركية بعد عملية السابع من اكتوبر العام الماضي.
ان مجرد تناقل هذه الاخبار بحد ذاته بمثابة ارهاب دولي تسلطه اميركا حين لم تجد من الحكومات العربية والاسلامية اي رفض او تحد لممارساتها، فاستخفت بالبغض فاطاعت كما فعل فرعون "فاستخف قومه فاطاعوه"، وهذه سُنة الحياة ان لا تبقى حالة النفاق مستمرة لفترة طويلة حتى تتكشف النوايا.
وفي خضم ويلات الحرب وما ترتكبه "اسرائيل" من جرائم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم تتساقط اوراق التوت عن المدعين الدفاع عن القضية الفلسطينية الواحد تلو الاخر. وفي المقابل تسمو قامات من ابناء المقاومة الاسلامية ومواقف جبهات الاسناد في لبنان واليمن والعراق، وسيسجل التاريخ صفحات ناصعة لهؤلاء البررة الكرام وهم من ابناء هذه الامة نفسها.
اما الدور الريادي الذي بات واضحا للاعداء قبل الاصدقاء هو للجمهورية الاسلامية الايرانية في تضحيتها بكل ما تملك من رجال اشاوس عملوا كمستشارين في سورية ولبنان بدءاً بالقائد الفذ الحاج قاسم سليماني، وبما قدمته من دعم تسليحي ومالي دون انقطاع، ولعل الانجاز الاهم الذي هز العالم لوقعه هو العمليات التي بدأت باسم الوعد الصادق بقصف المراكز العسكرية للكيان الغاصب ومازالت ايران تتوعد برد مدمر ينهي مجرمي "تل ابيب". وبذلك اوفت ايران قيادة وشعبا بوعودها منذ اليوم الاول لانتصار الثورة الاسلامية عام 1979 بضرورة ازالة الغدة السرطانية من الوجود. ويبقى على سائر الدول العربية والاسلامية ان تنتفض على الهيمنة الاميركية وعلى مقاليد مصائر الشعوب الاسلامية وتقف وقفة رجل واحد للتكفير عن كل ما تقاعسوا عنه في سنوات عجاف، وان الوعد الالهي من وراء المؤمنين به:
"ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم".