مصابرة غزة لاعادة تأهيل الامة
إن الغزو الثقافي الغربي وبالتحديد الاميركي الذي تفجر من خلال الثورة المعلوماتية والتي اصبحت ملمحاً اساسياً لنظرية العولمة ولّد حتمية التغيير للمجتمعات الاسلامية وابتعاد المسلمين عن القيم الاسلامية الحقة مما ساعد في نشر وباء القابلية للاستعمار، لا بل صارت ردود الافعال إزاء التحديات تنصب في التنافس على البراءة من المشروع الحضاري المتكامل، اللهمّ إلا من مواجهات لحظية لمواقف طارئة، لتغطية الخوض في التحديات الكبرى الناجمة من معترك الاحداث.
وعليه ينبغي تشخيص جذور هذا الداء قبل ان نصف له الدواء. فبعض الشخصيات العلمية في وطننا الاسلامي، وبالرغم من قابلياتها الفكرية وتصديها لمراكز حساسة، الا انها ساعدت في زرع الفرقة والتشرذم بين ابناء الامة (وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً)، لا لشيء سوى حبها للظهور وحسدها من نخب مخلصة افرزتها مواقفها النقية الخالية من اي شائبة تمذهب او عنصرية قومية.
هذه الحالة المرضية نقلت عدواها الى من هم اضعف شخصية وتغلب عليهم ضحالة الفكر. فصار تياراً عاماً قاد الى تغيير حكومات او الاطاحة بنظام برمته. وبالطبع ساعدهم في ذلك الطابور الخامس الذي ينتهز الفرص لتلقي اشارة سادته.
الحالة الثانية التي نحن في غنى لتسمية المبتلين بها فهم نار على علم يعرفهم القاصي والداني ولكن نشير لمعاناتها التي تعجز عن التغلب عليها وهي الانغماس في ملذات الدنيا واتخاذ الحياة المترفة عقيدة تفاخر بها مما يجعلها تستهين بالنخب المحلية.
والحالة الاسوأ هي الثلثة التي إستمرأت العمالة للأجنبي ولا ترى أي مخرج من ملمات دولها سوى الاعتماد على قوى خارجية متذرعة ان لا طاقة لهم بجالوت وجنوده.
هذه الدراما التي نشهدها لن تغيرها الانقلابات العسكرية او الاطروحات النظرية وهي مما تعودنا عليها في القرن الماضي، بل كان لابد من وقفة لامة هي خير امة اخرجت للناس في يومنا هذا.
انها مصابرة الشعب الفلسطيني وبالذات الغزاويين الذين لم يهنوا ولا ضعفوا بعد عام من تحملهم لا قسى انواع الجريمة الممنهجة من قبل الثنائي المتوحش "اسرائيل واميركا". فكل انسان له ادنى احساس بالمسؤولية ويقظة ضمير لا يقعد متفرجاً على المجازر التي ترتكب يوميا في غزة ولبنان، وكما قرّب الامام علي هذه الصورة في خطبة الجهاد حين قال "فلو ان امرءاً مات من بعد هذا اسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً" حين تعرضت امرأة ذمية لحالة سلب من قبل الخارجين عن الخلافة الاسلامية، فكيف بنا وشعب يذبح على مرأى ومسمع الحكومات العربية والاسلامية، ولا يكتفي البعض بذلك بل يمد العدو الصهيوني بالمساعدات متذرعين ان حركة حماس محسوبة على تنظيم معين. بينما يراهن آخرون على هزيمة حزب الله في لبنان لا لشيء إلا حسب ظنهم انه محسوب على طائفة معينة.
يبقى ان نظل نراهن على المقاومة الاسلامية التي تمثل الشريان النابض رغم فقر الدم الذي من المفروض ان تستمده من اخوتهم الذين مازالت ضمائرهم حية لكن لما تخرجوا من مدرسة الجهاد المقدس، وهذا ما نأمله لاعادة تأهيل الامة.