kayhan.ir

رمز الخبر: 196570
تأريخ النشر : 2024October29 - 21:20

وعد الله الصادق

 

ما نقرأه في كتاب الله المجيد من وقائع حصلت أيام الدعوة الأولى لا تتأطر في سبب النزول وتتجمد عند تاريخ وقوعها بأشخاصها وموقعهم الاجتماعي. اذ ان هكذا قراءة ستجعل القرآن ـ جل مقامه ـ مصدر لسرد حكايات الماضين، وهو ما وجهه كبار قريش من تهم بان القرآن هو اساطير الاولين، فلا حاجة لنا به، بينما هو يجري مجرى الشمس والقمر ونستقي من عبره ما ينير  الدرب لكل الاجيال. على سبيل المثال عندما ثقل على "الحارث بن عمرو الفهري" قبول الحقيقة التي صرح بها رسول الله (ص) قال: [اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم] الانفال/32

وهذا بالضبط ما ينطبق على الكيان الصهيوني. فالصهاينة يعلمون جيداً مصيرهم الاسود والعابة الفجيعة التي رسموها لانفسهم وان قانون الخليقة هكذا جرى منذ الازل، والآكد من هذا ما هو موثق في كتبهم وسيؤول إليه أمرهم بعد علوهم في الارض.

ان القاعدة العسكرية تقول ان لحرب هي التي تدار على الارض  ولا يفي بالغرض القصف الجوي والتدمير الممنهج لمنازل المدنيين عن بعد، وهذا ما تسبب في اصابة نتنياهو بهستريا مواصلة الحرب عله يحقق انجازاً يعزز موقفه مع تزايد عدد القتلى والجرحى في صفوف جنوده وتهجير الآلاف من المستوطنين الى الداخل الاسرائيلي.

كما ان الخسائر المرتفعة يوميا ادت الى اضعاف الثقة في قدرة جيش الكيان الغاصب على تحقيق نجاحات اذا ما  استمر في الحرب مما اثر على الروح المعنوية للضباط والجنود الصهاينة فهم باتوا على يقين، انهم يواجهون مقاومين لا يتراجعون في الميدان ويتمتعون بكفاءات ومهارات قتالية عاليةن وهذا ما دفع محرر الشؤون الفلسطينية  في قناة "كان" بالقول:  "اين اولئك الذين حكموا بشكل حاسم بان حزب الله في حالة انهيار، وما حدث للوثيقة التي كشفت ان حزب الله لم يبق لديه مقاتلون".

اذن ما ستتكشف عنه الوقائع قريبا هو انهيار المنظومة العسكرية الاسرائيلية بعدان اصابتها الملل والاعياء وها هي تطلب كما طلب "الحارث الفهري"، ان ينزل عليها غضب الله. من هنا فالسجال الاعلامي العقيم على شاشات القنوات حين تقول احدى وسائل الاعلام: لا نوافق حزب الله على قرار فتح جبهة الاسناد لغزة، يبقى عاجزاً عن درك حقيقة المعركة فهي ليست من مشاهد حرب كونية، انها حرب نظامية من نوع خاص تخوضها المقاومة على خط جغرافي ثابت سواء في غزة ام في الجنوب اللبناني على طول جبهة تقارب خمسين كيلومترا، يزج فيها العدد كل امكاناته ومن الوحدات النخبة، ولكنها تتحول الى مقابر جماعيلة كما حدث في مستعمرة شوميرا، وكما قتلت كتائب القسام قائد اللواء (401) في جيش الاحتلال، مما جعل الجنرال "غيورا آيلاند" الرئيس السابق للامن الداخلي الاسرائيلي بالاعتراف  في حديث لصحيفة يديعوتاحرونوت "ان استمرار  الحرب ضد قطاع غزة لمدة سنة اخرى لن يغير شيئا في هذا القطاع"، وهذا ما تنبأ به ايقونة المقاومة الفلسطينية "يحيى السنوار: "اوصيكم بفلسطين بالارض التي عشقتها حتى الموت، والحلم الذي حملته على كتفي كجبل لا ينحني، ان تظلوا متمسكين بالبقندقية بالكرامة التي لا تساوم".

ان دبابير العدو لا تتمكن بلسعاتها ان تحدث خللا في جسد الامة لانه بُني على حقيقة ثابتة وقول صادق توارثتها جيلاً عن آخر، وهي واثقة بالوعد الالهي: [إنا للنصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا...] وفي المقابل  يحاول الصهاينة ان يقفوا بوجه القدر الالهي بجروبتهم وعنادهم مع الحق ولذا خاطبهم الباري: [واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد].

فهم يعرفون جيدا ان اليد الالهية ستطالهم إما عاجلا واما آجلاً، وان كانت نفوسهم المقلوبة اصلا تقول: "يد الله مغلولة". الا ان المشيئة الالهية أبت إلا وان تجري على يد المؤمنين الصابرين الثابتي  الاقدام، الذين لا يقولون كما قال قوم موسى: "فاذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون" بل صدقوا في وعدهم مع القائد في كل موقف ومنزل.