الشرق الاوسط الجديد ليس مشروعا سياسياً بقدر ما هو مخطط اقتصادي يرتبط "باسرائيل".

فتزايد العجز وتراجع التصنيف الائتماني وانخفاض الاستثمارات الرأسمالية اضافة لانهيار الشركات والبنوك وشركات التأمين والجمعيات التي تقدم الخدمات الاجتماعية، ونقل الشركات العالمية لمقارها من كيان الاحتلال كل ذلك وغيره يؤثر على استقرار الاقتصاد وبالتالي شلّ الدولة.

من جانب آخر يشهد اكبر اقتصاد في اوروبا وهي المانيا، انكماشاً للعام الثاني على التوالي مع تلاشي الامال بالتعافي القائم على الاستهلاك لذا خفضت آمالها للنمو الاقتصاي هذا العام. كما ان وزارة الخزانة الاميركية اعلنت ان العجز الاجمالي اتسع بمقدار 138 مليار دولار للسنة المالية ولايزال الدين العام يشكل مصدر قلق رئيسي للناخبين قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

على الجهة المقابلة حقق التعاون بين ايران وكازاخستان وتركمانستان في تطوير ممرات النقل الدولية، تقدما جيدا لتفعيل مشروع خطة ممر الشمال الى الجنوب لدول منطقة اوراسيا وايران، والذي تم اطلاق الفرع الشرقي منه عام 2023، وان احد انجازاته نقل البضائع في 15 يوماً مع خفض التكلفة والقدرة على نقل 15 مليون طن. هذا اضافة الى المبادرة الصينية (الحزام والطريق) والتي ينظر اليها الغرب على انها مشروع جيوسياسي بغطاء اقتصادي ـ تنموي.

هذا الواقع على الارض دفع الغرب للتسريع في المشروع الغربي العبري بتبديل "اسرائيل" الى بوابة لتصدير الطاقة من المنطقة الى العالم الغربي، واستيراد السلع والتقنية من الغرب الى المنطقة، بما يعرف "الممر التجاري آي مك"، وتم بذل استثمارات عظيمة لاخراج "اسرائيل" من العزلة الجيوسياسية وبعدها عن الممرات المؤثرة عالمياً في مجال النقل والتجارة.

فهو ممر يرتقب ان يكون اطول الممرات التجارية في العالم، ويتضمن، بناء خطوط للسكك الحديدية وانابيب لنقل الطاقة وكابلات بحرية لنقل البيانات، اضافة الى اعادة تهيئة بعض الموانئ التي ستكون جزءاً منه، وادماج "اسرائيل" في المنطقة العربية.

ان ممر التجارة الجديد الذي يربط الهند باوروبا عبر الشرق الاوسط (دول الخليج الفارسي) هو بالاساس خطة بايدن طرحها خلال قمة السبع التي عقدت في كورنويل البريطانية حزيران عام 2021. ويتبنى المشروع نقل الحمولات من الهند عن طريق ميناء بمبي والى موانئ الامارات في جبل علي والغويفات ثم الى الحرض والحديثة في السعودية، ثم الاردن، ثم حيفا في الاراضي المحتلة، واخيرا ميناء بيراؤوس في اليونان، مما يقلل المسافة 40%. وما يظهر مدى اهمية المشروع بالنسبة لـ"اسرائيل" هو ما عرضه نتنياهو خلال كلمته في الامم المتحدة من صور، لاسيما الصورة التي تشير الى سهم تحت عنوان الخير والبركة وblessing وهي ما تتطابق مع مشروع آي مك. من هنا تتضح سياقات المنهج العدواني لكيان الاحتلال على غزة ولبنان، لما لمحور المقاومة من خطر على هذا المشروع.

وهذا بالضبط ما اشار اليه سماحة قائد الثورة الاسلامية خلال الخطبة العربية من صلاة الجمعة المقامة في الرابع من اكتوبر، محذرا من مشروع الممر الاقتصادي بتبديل "اسرائيل" الى بوابة لتصدير الطاقة.