kayhan.ir

رمز الخبر: 195959
تأريخ النشر : 2024October19 - 20:40

جواهر الرجال حياة لمبادئهم

 

حين تتكلم  الآية القرآنية بوصف سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله): [أفإن مات او قتل] لاتعني الحالة الجسدية مطلقاً، وإنما التاكيد  على رسالته سواء حين يكون بين قومه او بعد رحلته أي ان القائد تخلده فكرته  حتى وان جهل القوم مغزاها وهو ما يعبر عن القتل  ولا تقصد القتل المتعارف وانما محو افكاره.

فالقيادات الاسلامية ترجمان لتوليفة الرسالة او ما يصطلح عليه الفقه الاكبر، فهم الاسوة في الحياة الاجتماعية على نطاق فردي اُسري ام طبقي ومجتمعي، كما هم اُسوة في الحياة السياسية وادارة البلاد.

فكل  من يستقرئ قاماتنا  سواء في ايران او العراق او لبنان او فلسطين او غيرها يدرك ما نحاول بيانه عن جهادهم واستحقاق تصديهم باختيار من شعوبهم، وهذا بالضبط  ما تفتقره الايديولوجيات الاخرى. فهي في احسن الاحوال تتمحور على ما يمتلكه الزعيم الكذائي اموالا وعصابات او انتهازية وولاءات.

والحالة التي تعيشها الامة اليوم تجسدت في المقاومة الاسلامية في مختلف الساحات فان رجال المقاومة لديهم الاستعداد لتقديم التضحيات والقدرة على التحمل  انطلاقاً من الايمان بقضيتهم العادلة فلذا يجرون كيان الاحتلال الى حرب استنزاف مكلفة، ينتصر فيها من يرتبط بارضه برابطة  اشبه بحنين الام لفلذات اكبادها، ولذا فهي مستعدة لتقطّع قبل ان تنقطع عن الوشائج. فالوطن بمثابة الام  ولايلام المرء على حب امه، حتى تصل الحالة  الى القول  الماثور حب الوطن من الايمان، فيما العدو الصهيوني مقطع الاوصال لا تجمعه قضية ولا تربة فهو يعرف بالقطع انه دخيل على المنطقة ولم يجلب الى قدسية  فلسطين سوى الاحقاد والضغينة، بالضبط كما جلب الاوروبيون معهم الى ارض اميركا وسكانها الاصليون الامراض المعدية لتفتك بالشعوب. وهذا ما عبر عنه الامام الراحل الخميني العظيم (ره) بنظرته للحركات الاسلامية، فقال: "اعتمدوا على ثقافة الاسلام وقاوموا التقليد الخارجي، وقفوا على اقدامكم، بمهاجمة المثقفين المفتونين بالغرب والشرق، لتستعيدوا هويتكم الحقيقية". وهذا يستلزم احداث تغيير جذري في بنية المجتمع تعتمد ستراتيجية قوامها التغيير الشامل سواء باسلوب  التدرج باستخدام وسائل سلمية لانجاز الهدف، ام عن طريق حركات ثورية تؤمن بالفورية لاحداث تحولات سياسية واجتماعية ترجح خيار اقامة دولة الاسلام. وكل  هذا جاء بعد ان حرم الاستعمار الاوروبي الاقطار الاسلامية من استقلالها السياسي بعد الغاء نظام الخلافة عام 1924م رغم تحفظاتنا عليها على يد كمال اتاتورك، الى ان تجسدت في اقامة الجمهورية الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني(ره)، فكانت النموذج  الواجب الاحتذاء به،وهو ما نقرأه في دستور الدولة في ايران؛ بالتزام ايران الاخوي تجاه جميع المسلمين وبالدعم المباشر للمستضعفين منهم. جاء هذا على خلفية هزيمة جيوش  الدول العربية أمام دويلة "اسرائيل" في عدة حروب، وهي علامة على فشل الاطروحة القومية، فاضحت قضية تطبيق  الشريعة الاسلامية القضية المركزية وتكريس الدين الاسلامي كمصدر للشرعية السياسية، وهو ما ساهم في تصاعد ظاهرة الحركات الاسلامية المبدئية في عديد من الدول سواء سنية ام شيعية بعد ان تلقت الدعم من قادة ايران، لا فرق في تسمياتها كصحوة اسلامية ام انبعاث اسلامي.

ولا نغفل عن الاسباب الداخلية التي لعبت الدور مثل المشاكل الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية كمحرك لابناء هذه الدول  الاسلامية لتنهض في وجه الحكام.

ولعل  اهم تلك الحركات هي حركتي حماس والجهاد الفلسطيني ودورهما في الانتفاضة الفلسطينية الاولى التي استمرت منذ عام 1987م حتى عام 1993م، وانتفاضة الاقصى التي اندلعت  في سبتمبر  عام 2000، ولا تزال هذه المواجهات ضد كيان الاحتلال. وفي العراق تمثلت بالعديد من الحركات الاسلامية المقاومة وفي لبنان تمثلت في حزب الله حيث نجحت المقاومة بصد جيش  الاحتلال  الذي احتل عام 1982 العاصمة بيروت، فجعلت المقاومة الجنوب اللبناني مصيدة موت للاسرائيلي وجعلت المستوطنات في شمال "اسرائيل" تعيش الهاجس الامني الكبير والى يومنا هذا.