خريطة طريق المقاومة ومعادلات الميدان
معن حمية
معن حمية
في خطابه الأخير قبل ارتقائه شهيداً، قال قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، «الخبر هو ما ترون لا ما تسمعون»، وقوله هذا نزل كالصاعقة على دوائر القرار الصهيونية – الغربية، التي تعرف جيداً أنه ينطوي على أفعال حاصلة لا محال. وليس خافياً على أحد أنّ هذه الدوائر، وعلى مدى ثلاثة عقود، تتابع خطب السيّد الشهيد ومواقفه، درساً وتمحيصاً وتحليلاً، وتدرك أنّ كلّ ما يصدر عن هذا القائد الكبير يُترجم أفعالاً محقّقة وناجزة.
يعرف القاصي والداني، أنّ عزيز المقاومة لا يخلف عهداً ولا وعداً. وهذا ما يعرفه أيضاً العدو الصهيوني الذي وضعه هدفاً لعدوانه، متوهّماً القضاء على المقاومة باغتيال قائدها والعديد من قادتها.
ولكن، ما لا يعرفه العدو العنصريّ وحلفاؤه أنّ المقاومة هي تجسيد لإرادة شعبنا بكلّ أحراره ومناضليه ومقاوميه. وأنّ خطط المقاومة رسمها عزيزها السيد الشهيد حسن نصرالله الذي أكد بمناسبة يوم الشهيد في 11/11/2023: “سياستنا في المعركة الحالية، الميدان هو الذي يفعل، الميدان هو الذي يتكلّم”.. وهذه خريطة طريق المقاومة بتوقيع قائدها وعزيزها.
ولأنّ للميدان ألف حكاية وحكاية، ففيه مقاومون يسطّرون ملاحم البطولة على كلّ المحاور والجبهات، إسناداً لفلسطين ودفاعاً عن لبنان. وهم يقاتلون عدواً صهيونياً عنصرياً مجرماً مدجّجاً بآلة حربية أميركية فتاكة. وفي الميدان يُظهر المقاومون بأساً شديداً وقوة استثنائيّة وإرادة لا تردّ.
المعادلة في الميدان، أنّه كلما تقدّم العدو خطوة، حوصر بنيران المقاومة وتكبّد الخسائر، إلى درجة أنّ العدو نفسه بات يدرك بأنّ كلّ خططه للتقدم البري مجرد وهم وأضغاث أحلام.
المعادلة في الميدان العسكري، أنّ مَن يصرخ أولاً، يعلن هزيمته. وصراخ الأعداء بدأ يظهر تباعاً، فليل أمس الأول استهدفت مُسيّرة أطلقتها المقاومة قاعدة عسكرية صهيونية في جنوب حيفا، ما أدّى إلى وقوع أكثر من مئة ضابط وجندي بين قتيل وجريح. وهذا الاستهداف بفاعليته ودقة إحداثياته، ولّد رعباً لدى قادة العدو الذين تفاجأوا بهذه العمليّة النوعيّة ضد قاعدة عسكريّة غير معروفة حتى بالنسبة للمستوطنين الصهاينة.
وصول مُسيّرة المقاومة إلى قاعدة “بنيامينا” وانفجارها هناك، ربطاً بالصواريخ التي تستهدف مواقع العدو يومياً في عشرات المستعمرات، حطّم عتوّ “بنيامين” وسردية انتصاراته المزعومة. وظهّر للملأ أنّ المقاومة تقاتل جيش الاحتلال الصهيوني وتكبّده الخسائر، بينما العدو يرتكب الجرائم الموصوفة، قاتلاً الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ولبنان.
وعليه، مهما تصاعدت تهديدات نتنياهو وأركان حربه للبنان، فإن عمليّة جنوب حيفا ستتكرّر حتى يتوقف كيان الاغتصاب عن عدوانه، ويوقف جرائمه الوحشيّة.
أما المعادلة التي يجب أن تفعّلها المؤسسات الدوليّة، فتقتضي مغادرة ازدواجية المعايير. وهل هناك من ازدواجية أفظع وأخطر من السكوت والتغاضي عن جرائم القتل التي ينفذها كيان الاغتصاب الصهيوني بحق المدنيين، لا سيما الأطفال، واستهداف المستشفيات والأطقم الطبية والإسعافية ودور العبادة؟!
إنّ دماء الأطفال والمدنيين برقبة ما يُسمّى المجتمع الدولي ومؤسساته التي تتشدّق بحقوق الإنسان والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني التي ينتهكها كلها العدو الصهيوني، في حين تلتزم المقاومة بنك أهداف محصوراً بضباط العدو وجنوده الذين يعيثون في بلادنا قتلاً وتدميراً.
الخبر هو ما ترون لا ما تسمعون” وفحوى الخبر شواهد الميدان، حيث انّ “اتصالنا باليهود هو اتصال الحديد بالحديد والنار والنار” حتى بلوغ الانتصار الذي نراه أقرب مما يتوهّمه العدو.