سلموها على طبق من الذهب
الحدث المأساوي والكارثي هو سقوط الموصل ثالث مدينة بالعراق بيد اكبر عصابة ارهابية تسمى بـ "داعش" من دون ان تطلق رصاصة واحدة او تعيقها اية قوة نظامية او غير نظامية تقف امامها وهذا ما زاد من غموض التباس الموقف وما حيك لاهلها بعيدا عن اعينهم وفي الدهاليز المظلمة ولابد من ان ينقشع الغيار ويقف الشعب العراقي على حقيقة هذا الوضع والتراجيديا المؤلمة وهذا بحاجة لمزيد من الوقت. فالايام القادمة كفيلة بان تتضح الصورة على حقيقتها وتنفضح الجهات المحلية التي سهلت دخول داعش الى مدينة الموصل وان اكتشفت اليوم بعض جوانبها لكن تبقى الامور مرهونة لحينها ليقف الرأي العام العراقي على مجريات الحدث بتفاصيله.
وما من شك ان القوى الدولية والاقليمية حتى الجهات المحلية التي كانت لها مصلحة في اسقاط النظام السوري ارادت من خلال "الموصل" اعادة رد الاعتبار الى نفسها والتغطية على هزيمتها المدوية في سوريا عندما تهشمت رؤوسها العفنة عند بوابة دمشق لذلك كان لابد من اتخاذ خطوة تهز الموقف في المنطقة وتغطي على كل ما جرى خاصة وان داعش التي لم تنته بعد مهمتها في المنطقة يجب ان تستعيد زمام المبادرة حتى تستطيع الوقوف على قدميها بعد ان تلقت ضربتين قاصمتين في الانبار وسامراء، لذلك جاء قرار الموصل من دوائر الاستخبارات الدولية والاقليمية والتي كانت تتوفر فيها عوامل مساعدة لتسليمها اكثر من اية منطقة اخرى ليسجلوا هذا الانتصار الواهي باسم داعش التي دخلت المدينة بكلمة "سر" لم تكشف بعد من اجل ارباك الوضع في العراق وابتزاز حكومتها الوطنية لكنهم اخطأوا للمرة الالف وان تداعيات هذا الحدث لم تفضحهم فقط بل ستنقلب عليهم وسيدفعون فاتورة هزيمتهم اكثر من أي وقت مضى.
فداعش دخلت مدينة الموصل بتواطؤ دولي واقليمي ومحلي لانها لم تطلق رصاصة واحدة في وقت ان عناصرها لم يتجاوزوا الالفين في البداية مع ان المدينة محروسة بـ 50 الف نظامي وغير نظامي وهنا يطرح السؤال نفسه ما الذي حدث خلف الكواليس ومن بيده كلمة "السر" التي سلمت الموصل على طبق من ذهب لداعش التي كانت في طريقها الى الاحتضار.
امر غريب ومريب جدا لما حدث في الموصل.. الشعب العراقي ينتظر باشد من الجمر نتائج تحقيقات المسؤولين لكشف ملابسات هذا الحادث الكارثي لان قرار تسليم الموصل الخطير اكبر بكثير من ان يكون على مستوى المحافظة او مسؤوليها لان ذلك خرق كبير لسيادة العراق واستقلاله ويا للعجب ان يستمر بعض ساسة العراق بالمناداة بعد هذه المأساة بالتدخل الدولي لانقاذ الموقف وابعاد الشبهة عن انفسهم لكنهم يرتكبون خطأ اكبر عندما ينتقصون من سيادة العراق وجيشه لحسم الموقف والقضاء على داعش خاصة وان العراق لديه اصدقاء كثر في المنطقة ويمتلكون من الخبرة ما تقضى على داعش وحماتهم اينما كانوا.