"الانقاذ" بشيرة سلام لانذيرة حرب
سفينة المهمة الانسانية الايرانية "الانقاذ" التي تركت ميناء "بندرعباس" امس الاول باتجاه ميناء الحديدة باليمن وهي تحمل على متنها 2500 طن من المواد الغذائية والدواء كمساعدات انسانية لاغاثة الشعب اليمني قد اجتازت مضيق هرمز ثم دخلت بحر العرب متجهة صوب بحر عدن ثم باب المندب لتأخذ طريقها الى ميناء الحديدة الذي من المقرر ان تصله بعد اربعة او خمسة ايام على اقل التقادير. لكن ما نعلمه ان هذه السفينة ذات المهمة الانسانية البحتة التي تحمل على متنها الفرق الطبية ونخبة من الصحفيين والنشطاء والتي تشق طريقها بشموخ واباء اعالي البحار تواجه تحديات كبيرة منها طبيعية كاعاصير البحار ومنها غير طبيعية ترتبط بالدول الضالعة في العدوان على الشعب اليمني والتي تحاول عرقلة وصول هذه المساعدات الانسانية الى الشعب اليمني في اقرب وقت ممكن متذرعة بان يكون هذا الامر تحت اشراف الامم المتحدة لذلك طالبت واشنطن وعبر البنتاغون ان تغير السفينة الايرانية "الانقاذ" مسارها الى جيبوتي وتسلم حمولتها الى مسؤولي المنظمة الدولية.
الدفاع الايرانية سرعان ما ردت على الطلب الاميركي ووصفته بغير المنطقي ثم حذرت من أي عمل تخريبي يستهدف السفينة الى ذلك ذهبت السيدة افخم الناطقة باسم الخارجية الايرانية لتحذر بدورها الولايات المتحدة الاميركية من أي خطوة عدوانية بالقول: اننا لن نسمح للمعتدين بتفتيش سفينة المساعدات الايرانية "الانقاذ".
ولكن الصدمة الكبرى التي فاجأت واشنطن والدول المتحالفة معها في العدوان على اليمن وفرض الحصار والتجويع على شعبه ظلما وتعسفا هي التصريحات التي اطلقها مسؤول عسكري رفيع المستوى في القوات المسلحة الايرانية والتي كانت بحق من العيار الثقيل حيث قال بالحرف الواحد بان "أي تعرض لسفينة المساعدات الانسانية "الانقاذ" قد يشعل نارا في المنطقة لايمكن لاميركا والسعودية احتواؤها او السيطرة عليها". واستطرد مساعد رئيس الاركان العامة في القوات المسلحة العميد جزائري محذرا هذه الاطراف من غيها بالقول على واشنطن والرياض ان تعلما بان "لضبط النفس حدود".
ان طهران ومن موقع مسؤوليتها التاريخية والاسلامية والانسانية جادة في ايصال هذه المساعدات الانسانية الى الشعب اليمني الذي هو اليوم بامس الحاجة اليها بسبب الازمة الكبيرة وجراحاته العميقة ولا تسمح لاية قوة مهما كانت ان تعيق مهمتها الانسانية لايصال مساعداتها لمختلف المناطق اليمنية الاكثر تضررا لا ان توزع بشكل غير عادل وقد تقع باياد غير نظيفة تذهب في النهاية الى القاعدة والتكفيريين.
ومن المستبعد ان تتهور الادارة الاميركية في موقفها وتدفع بقطعها البحرية من الاقتراب الى السفينة الايرانية "الانقاذ" نظرا لتجاربها المريرة في الماضي لانها تدرك جيدا ان ايران لا تطلق التصريحات على عواهنها بل تعي ما تقول وتفعل ما تقول لانها تملك من الرجال ما يقهرون الموت ولا يبالون في ذلك ان وقعوا على الموت او وقع الموت عليهم، فيما انها تدرك جيدا انها لا تملك مثل هذه القوة الاستراتيجية الضاربة التي هي من تحسم نتيجة المعركة وليس الاسلحة.
وهناك اكثر من حادثة وقعت في مياه الخليج الفارسي واخيرا في باب المندب عندما وجهت البحرية الايرانية تحذيرات للقطع البحرية الاميركية من الاقتراب منها مما اضطرت الى ترك المنطقة فورا.
وما يعزز الموقف الايراني هذه المرة بشكل اكبر على المستوى الاقليمي والدولي لانه في مهمة انسانية لانقاذ شعب يتعرض الى الابادة فيما الطرف الاخر متورط في العدوان ويعيق ايصال المساعدات الانسانية الى المنكوبين.
على واشنطن ومن يتحالف معها ان يدركوا خطورة اللعبة القذرة واللاانسانية التي هم ماضون فيها لتجويع شعب فقير ومحاصرته حتى الموت بعد ان انزلوا به الدمار الشامل والهائل وسفكوا من دم ابنائه ونسائه ما سيخجل التاريخ عن ذكره ولم يبقوا له قوتا او دواء وحتى منعوا الماء عنه عندما قصفوا محطات تحلية المياه. ان العدوان الوحشي والتعامل الجنوني واللامحدود لاميركا وآل سعود ومن لف لفهم ضد الشعب اليمني المسالم والابي سيبقى في ذاكرة التاريخ على انه الاعنف والاكثر شقاء وجريمة ودموية ودمارا على المستوى الانساني والعالمي.