kayhan.ir

رمز الخبر: 1929
تأريخ النشر : 2014June11 - 21:12

تعنت إسرائيلي… ومرونة فلسطينية في غير محلها

هشام منور

مع وصول مسار التفاوض بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية إلى طريق مسدود، كما جرت العادة، وانتهاء مهلة التفاوض من دون نجاح وزير الخارجــــية الأمريكي جون كيري في تحقيق أي انفراج ملموس، تبدو آفاق أي محاولات لاجتراح أساليب جديدة لاستئناف هذه المفاوضات التي تحولت إلى عقيمة، بائسة وشبه ميؤوس منها.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس قدم اخيراً مقترحاً جديداً للعودة إلى طاولة المفاوضات مع "إسرائيل” برعاية أمريكية، بعد انقضاء المدة السابقة وعودة الخلافات، يقوم على مبادرة الحكومة الإسرائيلية بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، كخطوة أولى فقط، تتبعها عملية تجميد الاستيطان بشكل كامل لمدة ثلاثة شهور، بعد أن حملت واشنطن علنا الطرفين مسؤولية انهيار الجولات السابقة من المفاوضات.

قال الرئيس عباس في مقابلة أجرتها فضائية "العودة” وجرى بثها على عدة فضائيات فلسطينية، "الآن يريدون أن تُستأنف المفاوضات نحن لا مانع لدينا”، مضيفا، "إذا أرادت (إسرائيل) أن تعود إلى المفاوضات عليها أولا أن تطلق سراح الـ 30 أسيرا ثم نذهب إلى المفاوضات لمدة 9 أشهر”.

الرئيس الفلسطيني يريد أن يتم خلال الشهور الثلاثة الأولى عملية ترسيم الحدود، لكي يعرف كل طرف حدوده. وتابع "عند ذلك ننتقل أو في هذه الأثناء نكون قد ركزنا على باقي قضايا المرحلة النهائية”، لكنه قال إنه لغاية اللحظة لم يتلق أي جواب من الإدارة الأمريكية أو "إسرائيل”.

توقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يوم 29 نيسان/ أبريل الفائت، بعد انقضاء المدة المحددة لها من قبل الراعي الأمريكي بتسعة شهور، بدون أن يجري أي تقدم في حل الملفات العالقة. بعد رفض "إسرائيل” قبل شهر من انتهاء المفاوضات إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، وعددهم 30 أسيراً وجميعهم اعتقلوا قبل اتفاق "أوسلو”، وفق ما جرى التفاهم عليه معها قبل انطلاق المفاوضات. ورد الجانب الفلسطيني بطلب الانضمام لـ15 معاهدة دولية، وهو ما أثار غضب "إسرائيل” التي اتخذت سلسلة عقوبات ضد الفلسطينيين، بينها تجميد عوائد الضرائب.

تصريحات عباس تزامنت مع تحميل الإدارة الأمريكية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مسؤولية فشل جولة المفاوضات السابقة. ونقل عن مارتن انديك المبعوث الأمريكي لعملية السلام، القول إن الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين "غير مستعدين لتقديم تنازلات مؤلمة”، لزمة للسلام، وأن الجانبين يتحملان المسؤولية”. في المقابل، قدم معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي برئاسة اللواء الاحتياط عاموس يادلين مقترحاً للخروج من أزمة فشل المفاوضات بين "إسرائيل” والسلطة الفلسطينية، يقوم على تقديم الطرفين تنازلات تاريخية، وفق تعبيره. وبيّن المسؤول الإسرائيلي، ان على "إسرائيل” التسليم بإقامة الدولة الفلسطينية، والعودة الى حدود عام 1967، والموافقة على تقسيم القدس، مشيراً الى أن نتنياهو وافق مبدئياً على مطلبين ورفض الثالث. بالمقابل، يجب على الفلسطينيين، حسب الاقتراح، الموافقة على انهاء الصراع بدون مطالب أخرى، وأن يكون حق العودة إلى حدود دولتهم فقط، وتلبية حاجيات "إسرائيل” الأمنية في الضفة، موضحاً أن عباس يرفض هذه التنازلات الثلاثة.

يادلين قال انه يمكن تقسيم فشل المفاوضات بنسبة 40 بالمئة لكلا الطرفين، موضحاً أن 20٪ يتحملها جون كيري وزير الخارجية الامريكي، و40٪ لعباس لرفضه مبادئ كيري كليا، وقبلها نتنياهو بتحفظات، ومضى يجري إلى المنظمات الدولية وإلى حماس. ووفقاً له ، تتحمل "إسرائيل” 40٪ من فشل المفاوضات، مضيفاً: "اخطأ جانبنا من البداية حينما فضل الافراج عن (قتلة) على تجميد البناء في المستوطنات، واستُقبل (القتلة) مثل ابطال في رام الله فلم يزد ذلك الاسرائيليين ثقة بالمسيرة”. وقال يادلين: "الزعم الامريكي بأن معظم الذنب ملقى على "اسرائيل” غير عادل، فللوسيط ميل طبيعي الى اتهام الطرف القوي”. وأضاف: "يقول الرئيس الامريكي باراك اوباما إن (إسرائيل) أمامها خياران فقط، إما الاتفاق وإما دولة ذات شعبين، واستنتاجه هو أن "إسرائيل” محتاجة الى اتفاق بكل ثمن، ونقول نحن إنه يوجد خيار ثالث وهو وجود واقع دولتين بدل اتفاق على دولتين”. "نريد أن نوصل الى حل يعطي أكبر قدر من دولة ديمقراطية وأكبر قدر من يهودية وأكبر قدر من الامن وأكبر قدر من الشرعية”. على حد زعمه، مؤكداً ان الانفصال عن غزة كان عملاً صحيحاً، ولكن وقعت اخطاء، "فقد اخطأنا حينما تركنا ممراً مفتوحاً لتهريب السلاح في سيناء؛ وأخطأنا حينما لم نسبق الانفصال بتفاوض؛ واخطأنا حينما خرجنا من 100٪ من الارض، فلم يهب ذلك للفلسطينيين حافزا الى تليين مواقفهم”.

مقترحات يادلين المتشددة التي لا تختلف كثيراً عن مطالب وشروط حكومته، لا تهدف إلى استئناف التفاوض بقدر ما تعني تبرير الممارسات الإسرائيلية ومواقفها الرافضة لمطالب الفلسطينيين، إذ كشف تقرير جديد، صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا”، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هدمت 237 مبنى فلسطينياً.

فشل التفاوض وجمود مساره يظل في واقع الحال أفضل من أي مبادرات فلسطينية قد تقدم للطرف الإسرائيلي غير المعني باستئناف التفاوض إلا بالشكل الذي يحقق كامل مطالبه وشروطه الإذعانية، وإلى ان تتغير شروط المعادلة ومواصفاتها أعتقد بقاء الامر على ما هو عليه الآن، والاتجاه نحو استكمال عملية المصالحة الفلسطينية، يظل أفضل الخيارات المتوفرة أو أقلها سوءاً بطبيعة الحال