إزالة آخر بقايا عبد الله، متعب: الحرب علي اليمن مغامرة ورط السعودية فيها مراهق
أيام عصيبة يعيشها وزير الحرس الوطني السعودي. متعب بن عبد الله الذي کان يتهيأ، من قبل والده، ليرث عرش السعودية بخطوات مدروسة، قبل أن يجد نفسه اليوم عرضة للتجاهل من قبل العرش الجديد، ومهدداً بإطاحته من المناصب التي وصل إليها.
وفقًا لصحيفة "الأخبار” اللبنانية فإن متعب بن عبد الله يعيش هذه الأيام موقفًا لا يحسد عليه.. أکثر من ضربة موجعة تلقاها نجل الملک السابق وعماده الوحيد الباقي في الدولة السعودية.. کل ما خطط له متعب بالتنسيق مع أبيه والرئيس الأسبق للديوان الملکي خالد التويجري ضاع هباءً منثوراً، بدعة ولي ولي العهد التي اخترعت لتوطّئ طريق الرجل باتجاه کرسي العرش انقلب سحرها علي صانعيها، هکذا جاءت الدفعة الأولي من أوامر الملک سلمان
تطيح أحلام وزير الحرس الوطني، وما هي إلا أشهر معدودات حتي جاءت الدفعة الثانية من أوامر العهد الجديد لتسدد رکلة في مرمي خصوم السديريين.
تنقل "الأخبار” عن معظم المراقبين والمحللين ترجيحهم بأن "الضربة لن تکون الأخيرة” وتقديراتهم "تشير إلي إمکانية حل وزارة الحرس الوطني وضمها إلي وزارة الدفاع في مقبل الأيام. هذه التقديرات المنطوية علي درجة کبيرة من المعقولية تعززها جملة مؤشرات، لعل أبرزها ما يأتي:
في الحادي عشر من شهر شباط الماضي قرر مجلس الوزراء السعودي إحلال عبارة "القوات العسکرية” محل "القوات المسلحة” في جميع الأنظمة والأوامر والمراسيم الملکية والقرارات واللوائح ذات الصلة. خطوة رأي فيها الکثيرون إيذاناً باستتباع الحرس الوطني لوزارة الدفاع، علي اعتبار أن المجلس وافق علي تعديل الفقرة (ج) من المادة الثانية من نظام خدمة الضباط لتصبح علي النحو الآتي: "القوات العسکرية: تشمل کافة القوات العسکرية”. هذا القرار أعقبته عدة خطوات أحالتنا علي السيناريوات الإقصائية عينها. متعب بن عبد الله استُبعد جدياً من مطبخ إنتاج السياسات السعودية الداخلية والخارجية”.
تضيف الصحيفة: "استبعاد لم يتردد وزير الحرس الوطني في إبداء امتعاضه منه عن طريق تغيبه عن اجتماعات مجلس الشؤون الأمنية والسياسية الذي يديره ولي العهد محمد بن نايف وإيفاده نائبه عبد المحسن التويجري لحضور الاجتماعات. ومع اندلاع العدوان علي اليمن، برز التباين بين متعب والمحمدين، وإن علي نحو خافت. أوساط خليجية أکدت أن نجل الملک عبد الله لم يکن راضياً عن سيرورة إعلان الحرب، وأنه لم ير فيها أکثر من مغامرة ورط السعودية فيها مراهق (محمد بن سلمان) يتخذ القرارات في لحظات بلا حساب للعواقب ويري نفسه الأعرف والأقدر علي المستويات کافة. وعلي الرغم من اغتياظه من تلک المغامرة، إلا أن متعب اضطر إلي حضور اجتماعات مجلس الشؤون الأمنية حتي لا يتهم بالخذلان في الأوقات العصيبة بحسب ما ذکر المغرد السعودي الشهير مجتهد.
في الحادي والعشرين من شهر نيسان الماضي، وقبيل ساعات فقط من إعلان السعودية وقف "عاصفة الحزم”، جاء أمر سلمان بن عبد العزيز بإشراک قوات الحرس الوطني في العدوان علي اليمن، أمر طرح الکثير من علامات الاستفهام وفتح الباب علي سيناريوات متعددة، بل وأثار موجة من السخرية. وما هي إلا أيام قلائل، حتي بزع فجر الانقلاب الثاني الذي وصف بالأسود، ليکشف لبس الأمر الأخير، إذ لم يکن إشراک الحرس في "عاصفة الحزم” بحسب متابعي الشأن السعودي أکثر من محاولة لإلهاء متعب وتوجيه أنظاره إلي مکان آخر، ريثما ينتهي من تدبير خريطة الحکم الجديدة.
أوساط مقربة من العائلة الحاکمة تجزم بحسب "الأخبار” "بأن ولي ولي العهد محمد بن سلمان يعمل جدياً علي دمج قوات الحرس الوطني مع قوات الجيش، وأنه يبحث مع مستشاريه الصيغة الإدارية المناسبة لإتمام ذلک. وتضيف هذه الأوساط أن التأخير في عملية الدمج لا يعزي إلي نوع من المراعاة من قبل وزير الدفاع لوزير الحرس، إنما لأن مستشاري وزير الدفاع أکدوا له استحالة دمج الحرس في الجيش في وقت الحرب”.
يضاف إلي ما تقدم أن تحليلاً صادراً عن مرکز الدراسات الأميرکي "ستراتفور” ينقل عن مصادره قولها إن الملک سلمان قد يکون يخطط لترکيز المؤسسة الأمنية في يد ابنه، وهذا قد يعني إنهاء دور الحرس الوطني باعتباره وزارة مستقلة لديها القدرة علي موازنة القوات البرية السعودية. ويتابع المرکز أن متعب يمثل تهديداً محتملاً لتوطيد سلطة سلمان، وبالتالي فلا بد من إعادة تنظيم الحرس للتخفيف من هذا التهديد.
نشرة "أنتليجنس أون لاين” للشؤون الاستراتيجية الفرنسية تتوقع من جهتها انضمام عدد من وحدات الحرس الوطني إلي الحرس الملکي، فيما تنضم القوات المنتشرة علي الحدود إلي وزارة الداخلية، وما يبقي يلحَق بوزارة الدفاع. سيناريو لا يستبعده بدوره الکاتب البريطاني المعروف ديفيد هيرست، إذ يلفت الکاتب في مقال له في صحيفة "هافنغتون بوست” إلي أن سلمان يفکر الآن جدياً في إلغاء وزارة الحرس الوطني التي کان عبد الله قد أسسها في آخر أيامه، وإذا حصل ذلک، فإنه سيعيد الحرس إلي وزارة الدفاع، التي يرأسها ابنه محمد بن سلمان.
في کل الأحوال، تبدو خطوة من هذا النوع محفوفة بالکثير من المخاطر، متعب بن عبد الله يستشعر حقيقة رغبة کبيرة في الانتقام، وفق ما تؤکد أوساط سعودية، رغبة يلاقيها سخط الکثير من الأمراء السعوديين علي سلمان والمحمدين بفعل استبعادهم الرؤوس الکبيرة من لعبة الحکم حتي تلک التي توصف بأنها الأقرب إليهم، نتحدث هنا عن أنجال عبد العزيز، وفي مقدمهم أحمد وعبد الرحمن وعبد الإله وممدوح ومتعب وطلال وبندر وترکي، يضاف إليهم آل فهد وآل سلطان وآل الفيصل وأعداد کبيرة من الأحفاد.
انقسام يشي باحتمال تمکن متعب بن عبد الله من تشکيل جبهة عريضة مساندة له في مواجهة الجبهة الحاکمة بالاستفادة من النعرات البينية وتقلقل آلاف الأمراء بشهوة السلطة الجامحة.
تلفت صحيفة "الأخبار” إلي أن "مؤسسة الحرس الوطني متشکلة من عناصر قبلية متنوعة الأنساب، وهي تشکيلة تعمدتها السلطات السعودية في ما مضي حتي تستجلب إلي هذه المؤسسة أبناء الفئات الأکثر تخلفاً وجلافة بما يمکنها من قمع الاحتجاجات الداخلية بوحشية نموذجية والانقضاض علي أي حراک خارجي يهدد العرش السعودي بالوحشية نفسها، ولعل تصدر قوات الحرس جحافل درع الجزيرة التي اجتاحت البحرين عام2011 أبرز دليل علي ذلک”.
وتوضح الصحيفة أن "هذه التشکيلة القبلية لن تقف مکتوفة الأيدي حيال أية عملية إلغاء أو دمج يمکن أن يقدم عليها الجناح الحاکم، وعليه فمن غير المستبعد نشوب صراع بين القبائل المستفيدة إلي أبعد الحدود من مؤسسة الحرس الوطني من جهة، وبين السلطات السعودية من جهة أخري”.
وتخلص "الأخبار” إلي أن السعودية تبدو "مقدمة علي مزيد من القرارات المغامرة في الحد الأدني، قرارات لا يبدو معها قول البعض إن المحمدين يوطئان لتفکک السعودية نوعاً من التمنيات أو أضغاث الأحلام”.