kayhan.ir

رمز الخبر: 18532
تأريخ النشر : 2015April29 - 20:32

“إعادة الأمل” محاولة أميركية - سعودية لتعزيز مواقع القاعدة في اليمن

عقيل الشيخ حسين

لم تنته الحرب على اليمن، وإن كان الإعلان السعودي عن انتهاء "عاصفة الحزم” قد اشاع الانطباع بأنها قد انتهت. ومع الإعلان السعودي عن إطلاق عملية "إعادة الأمل” أصبح من المؤكد أن دوائر الاستكبار تسعى لأن تحقق، عن طريق البطش السعودي، ما عجز الإرهاب عن تحقيقه في اليمن.

لقد بات من المرجح أن هذه الحرب التي تديرها غرف العمليات الأميركية عن طريق الأداة السعودية لن تنتهي في الأمد المنظور إلا في إحدى حالتين:

إما أن يتمكن "آل سعود” من تدمير اليمن وإبادة أهلها، وهو الأمر الذي لا يمكن بغيره تفسير مدى الوحشية التي يتم فيها، وبأسلحة محرمة دولياً، استهداف البنى التحتية والمرافق الحيوية والتجمعات السكانية في اليمن.

العدوان على اليمن لن يحقق أهدافه حتى ولو أقيمت جسور جوية قادرة على نقل كل ما في ترسانة الولايات المتحدة وحلف الناتو من مقذوفات لإلقائها على اليمن.

وإما أن ينهار النظام السعودي، وتهتز الأرض تحت أقدام داعميه الكبار والصغار منذ اللحظات الأولى التي تنتقل فيها اليمن من استراتيجية الصبر إلى استراتيجية الغضب والضرب الموجع. لأن الرد على العدوان سيطال بالتأكيد نفط الخليج الفارسي وما يعنيه ذلك من تداعيات كارثية على الخليج الفارسي وجميع البلدان الداعمة للعدوان.

حرب إبادة شاملة وفاشلة

ومن المؤكد، أن الاحتمال الأول يظل بعيداً عن الواقع. لا لأن السجل الأخلاقي للدولتين، الأميركية والسعودية، نظيف من عمليات الإبادة الشاملة، بل لأن تدمير اليمن وإبادة أهله عن طريق القصف الجوي حتى مع الاستمرار في استخدام الأسلحة المحرمة دولياً مستحيل من الناحية العملية. فلبنان وغزة بمساحتهما التي لا تزيد عن مساحة محافظة صغيرة من محافظات اليمن، واللذان تعرضا أكثر من مرة للعدوان الإسرائيلي الذي يتماهى معه العدوان الأميركي-السعودي على اليمن، خرجا على الدوام من الحرب أكثر قوة رغم اتساع نطاق القتل والتدمير. ما يعني أن العدوان على اليمن لن يحقق أهدافه حتى ولو أقيمت جسور جوية قادرة على نقل كل ما في ترسانة الولايات المتحدة وحلف الناتو من مقذوفات لإلقائها على اليمن.

أما الحل السياسي، الذي لا بد وأن وساطات ومبادرات تجري في الكواليس من أجل التوصل إليه، فإن السعودية تريده، منذ الآن وحتى ثبوت العكس، تحت سقف قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية. أي أنها تريده حلاً استسلامياً، وهو ما يرفضه اليمنيون بقدر ما يشترطون وقف العدوان قبل الشروع بأية مفاوضات.

لكن وقف العدوان دون تحقيق أي من أهدافه التي أعلنتها السعودية (باستثناء التدمير والقتل الشاملين) فهو بمثابة اعتراف بالهزيمة التي لا يمكن لتداعياتها السلبية إلا أن تتحول إلى تهديد لوجود النظام السعودي برمته. من هنا، تكون عملية "إعادة الأمل” تعبيراً عن المكابرة وعن الأمل، في الوقت نفسه، بأن يؤدي استمرار القصف إلى تعزيز مواقع تنظيم القاعدة بوصفه القوة الوحيدة المتبقية التي يمكن الرهان عليها من أجل الحد من التقدم الميداني الكبير الذي حققه الجيش اليمني واللجان الشعبية وأنصار الله، رغم القصف السعودي الواسع النطاق.

ولا يغير من هذا المعطى ما يشاع عن تخوف أميركي مزعوم من أن يؤدي استمرار القصف إلى تعزيز مواقع القاعدة. فالطائرات السعودية التي توجهها غرف العمليات الأميركية تلقي شحنات الأسلحة والأعتدة على مواقع القاعدة بشكل يومي. وهنالك أكثر من تصريح صادر عن جهات عليا في ما تطلق عليه دوائر الاستكبار اسم "التحالف العربي” يبرر العدوان عبر القول بأن "عاصفة الحزم” قد "حالت دون وصول الحوثيين إلى حدود سلطنة عمان”، أي دون تحرير حضرموت المرشحة لأن تتحول إلى "إمارة إسلامية”.

وقف العدوان هو اعتراف بالهزيمة وانتقال إجباري إلى مرحلة الانهيار السعودي، واستمرار العدوان تسريع لعملية الانهيار.

وبالطبع، فإن الأميركيين الذين يقصفون مواقع القاعدة في اليمن منذ أكثر من عشر سنوات، دون أن يؤدي ذلك إلى نتيجة غير تعزيز مواقع القاعدة، لا يمكنهم إلا وأن يقوموا بأعمال مسرحية توحي بصدقيتهم، وبصدقية حليفهم السعودي في الحرب على الإرهاب. ومن المرجح ألا يكون الكلام، وسط احتدام حرب الدفاع الأميركية - االسعودية عن تنظيم القاعدة في اليمن، عن سيارات مفخخة معدة للتفجير في السعودية وعن مقتل رجلي أمن سعوديين على يد شخص ادعى أنه تلقى أوامر من "داعش” في سوريا، غير واحد من المساعي الساذجة لإشاعة الوهم بأن السعودية التي بات من المعروف أنها تغذي الإرهاب إيديولوجياً ومالياً هي في حرب مع الإرهاب.

الحرب على اليمن هي تنويع من تنويعات الحرب الإسرائيلية-الأميركية على شعوب المنطقة: بعد فشل الحرب المباشرة في أفغانستان والعراق ولبنان وغزة، لجأت واشنطن وحلفاؤها وعملاؤها من الأعراب إلى الحرب غير المباشرة عن طريق الإرهاب التكفيري، وفشل الإرهاب التكفيري في الحالة اليمنية هو وراء زج السعودية في حرب هدفها إنقاذ التكفيريين وتحقيق الأهداف التي عجزوا عن تحقيقها.