آل سعود في مَواحِل اليمن
ثريا عاصي
يمثل إدعاء آل سعود بأحقيتهم في ترتيب الأوضاع في بلاد العرب، إشكالاً كبيراً. فهم واهمون لسببين، أولهما أن كونهم أتباعاً يجعل إرادتهم مرهونة بمصالح الأسياد في الولايات المتحدة الأميركية. ثانيهما أن الناس في بلاد العرب في غالبيتهم، لن يقبلوا قوانين تنتقص إنسانيتهم وتفرض عليهم عادات وتقاليد يرجع أصلها إلى أزمنة غابرة.
آن الأوان لأن نخضع الفترة السعودية للفحص والتقييم. علماً أن هذه الأخيرة بدأت فعليا بعد هزيمة حزيران 1967، ووفاة جمال عبد الناصر التي كانت في الوقت نفسه، بمثابة نهاية الدولة العربية الوطنية وعلامة فارقة تدل على التخلي عن مبدأ الإعتماد على الشعب وعن التعبئة الوطنية من أجل تحرير الأرض، واستبداله بمبدأ البحث عن تسوية مع المستعمرين الإسرائيليين، أي إقامة صلح مع الأخيرين. هذا يعني الإعتراف والقبول بهم. من يعترف ويقبل الإستعمار يكون معيناً له ومؤيدا. فيستغني عن الناس في بلاده، أو يستعمرهم، ويتلاشى الوطن.
هذه هي بإقتضاب سمات الفترة السعودية التي نالها جل نظم الحكم في بلاد العرب. ليس من حاجة من وجهة نظري إلى شرح وبسط، للدلالة على ذلك. فهذه هي الحرائق ظاهرة أمام كل من له عين ترى. متى سيتوقف قصف الطيران الحربي على اليمن ؟ متى سيتوقف تدفق المرتزقة على سوريا ؟ أو بالأحرى من سيوقف الحرب العدوانية على اليمن وعلى سورية ؟ إذ يجب أن نأخذ بالحسبان أن الولايات المتحدة الأميركية تشرف على حروب آل سعود وتشارك فيها، بطيرانها العسكري وبخبرائها. ليس بإمكان أي شعب أو جهة، أن يردع الولايات المتحدة الأميركية مباشرة عن العدوان، طالما أنه لا يوجد جنود أميركيون في ميدان المعركة.
تؤكد التجارب التي تتوالى في بلادنا، أن الولايات المتحدة الأميركية تقتل وتدمر وتشرد، بواسطة القصف، بالطيران الحربي والطيران المسير عن بعد والصواريج التي تطلق من أسبانيا على أهداف في سوريا. صار معروفاً أن هذا الأسلوب يؤدي إلى الفوضى ويلحق بالمساكين خسائر بشرية كبيرة. ولكن هذه الفوضى ليست خلاقة وليست حلا، فضلاً عن أنه من المحتمل جداً أن تتمدد هذه الفوضى إلى البلاد التي يحكمها أتباع الولايات المتحدة الأميركية.
من البديهي أننا، بعد هزيمة حزيران 1967 وبعد أن أحاط الضباب بنتائج حرب تشرين 1973، وبعد أن توالت مواسم الود والجفاء بين الإدارة الأميركية وحكام العرب، حيال أزمة كبيرة للدولة العربية. لقد ظهر بجلاء عجز هذه الأخيرة على أن تبقى. وبالتالي فإن التحدي هو في القدرة على إخراج الدولة العربية من أزمتها الخانقة. يتطلب ذلك إقتناع الناس بأنهم محتاجون إلى وطن. بالتالي يتوجب البحث عن الوسائل والأساليب لتحقيق ذلك. هنا ينهض السؤال عن المصالحة. أو بكلام أكثر وضوحا وصراحة، كيف يتصالح الذين هدموا الوطن وفرقوا الناس مع الذين يدّعون أنهم سلكوا نهجاً مضاداً. هل يتصالح المستعمِر وأعوانه مع المستعمَر. آن الأوان لنزع ستارة المذهبية والقبلية عن قضية الوطن وشروط العيش المشترك. يتجرّح القلب لحال أناس ظنوا أن الإيمان يـُشترى بدولارات النفط وان أمراء وملوك النفط ثوار ضد الإستعمار وضد الفساد. مجمل القول أن الأوضاع في اليمن كمثل قطاع غزة، تحتاج إلى حلول إنسانية حضارية وأن الفتاوى وآل سعود لن يمحوا التعارض الوجودي مع المستعمرين الإسرائيليين !