ارتياح تركي لتورط السعودية في المستنقع اليمني
نضال حمادة
لم يكن رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يتوقّع بعد إعلانه تأييد العدوان السعودي على اليمن وتمريره أخباراً عن استعداده لإرسال قوات برية لليمن بناء على طلب الرياض، أن يتحرّك ملف بلاده النووي في الكواليس الدولية، ولا سيّما أن عائلته تملك مصالح تجارية وأعمالاً في المملكة الخليجية تقدرّ بمليارات الدولارات.
الهند التي تعتبر العدو اللدود لباكستان سارعت إلى التنبيه من خطر السلاح النووي الباكستاني على العالم في أروقة الدبلوماسية الدولية في حال استمرت اسلام أباد في مساعيها للتدخل العسكري في الخارج. وقد أصابت عدوى طرح الملف النووي الباكستاني إلى العلن، الصين التي أرسلت موفدا الى باكستان لمعرفة نواياها في التدخل العسكري في اليمن، خاصة وأن الصينيين دعموا باكستان بالسلاح النووي بدءاً من تقنية التخصيب حتى صناعة القنبلة وذلك بسبب الصراع بين بكين ونيودلهي والذي استفادت منه باكستان وأصبحت بفضله وبفضل الغزو السوفياتي لأفغانستان قوة نووية تملك مئات الصواريخ الحاملة لرؤوس نووية.
وتفيد مصادر في العاصمة الفرنسية باريس أن الدبلوماسية الهندية نشطت بشكل صامت خلال الأسبوع الماضي بطرح خطر البرنامج النووي الباكستاني على الأمن العالمي مع دخول باكستان في استراتيجية التدخل العسكري الخارجي والخروج بعيدا عن حدودها، وتقول المصادر نفسها ان دبلوماسيين هنوداً شبّهوا باكستان بالفيل الضخم الذي تحمله أقدام من قصب ويمكن لهذا الجسم الضخم ان ينهار في اي وقت تحت ضربات التيارات التكفيرية المتمكنة في المجتمع الباكستاني والتي تتمتع بتمويل سعودي ضخم ومستمر.
المصادر نفسها تشير في حديث لموقع "العهد الاخباري”، الى ان الهند فاتحت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن حول خطر باكستان النووي وحرضت على فتح ملفها دوليا، لافتة إلى أن دبلوماسيين هنوداً وصفوا باكستان بالدولة "غير المسؤولة التي لا يمكن الوثوق بها او ائتمانها على ترسانة ذرية تشكل خطرا على العالم بمجمله”.
وتقول المصادر الفرنسيةً ان هذه الحملة الدولية الثامنة التي باشرتها الهند جعلت رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف يخفف من اندفاعه المؤيد للتدخل البري دعما للحرب السعودية على اليمن، إذ يحاول شريف تجنب الغضب السعودي والضغوط الدولية عبر اللجوء الى البرلمان لمناقشة عملية التدخل البري الذي تحاول الرياض توريط بلاده به.
وكانت المملكة قد طلبت إلى باكستان إرسال جنود الى أراضيها فضلا عن طائرات حربية وزوارق بحرية رغم امتلاك الجيش السعودي ترسانة تضم أضخم العتاد وأحدث الأسلحة الموجودة في مخازن الجيش الامريكي.
يشار إلى أن نحو مئة ألف جندي باكستاني يتواجدون على أراضي المملكة ويتولون مهمة حماية منابع النفط والحدود السعودية مع العراق بالقرب من السياج الالكتروني الذي بنته الرياض بينها وبين بلاد الرافدين، كما يتواجد جنود وشرطة باكستانيون في البحرين لحماية العائلة المالكة في مواجهة الثورة الشعبية السلمية في المنامة والتي دخلت عامها الخامس.
في الشأن اليمني تأتي تركيا أيضاً في واجهة الحدث، حيث كانت أنقرة من أوائل الدول التي أعلنت تأييدها للعدوان السعودي قبل ان تنقلب على تأييدها هذا، وتخرج أصوات تركية من الصف الاول تدعو للحل السياسي. ويبدو ان الأتراك سعداء من التورط السعودي في اليمن وهم يتوقعون فشله، لا سيما وأنه سينعكس سلباً على موقع المملكة وقيمتها كدولة إقليمية كبرى.
وبرأي المحللين فان تركيا تطمح إلى التفرد بزعامة السنّة في المنطقة وهي تتنافس مع المملكة على ذلك. ويبدو أن المسؤولين الأتراك أرادوا عبر تأييدهم المبكر للعدوان على اليمن إغراق السعودية في المستنقع اليمني لإضعافها، لا سيما وأن هذه الخطوة تتلاءم مع سياستهم الرامية لعودة القيادة العثمانية في المنطقة.