الرياض لطهران؛ "انزلوني من الشجرة"
مما يؤسف له وهذا ما يعتصر قلب كل انسان مسلم غيور عربي وغير عربي وقد يقطر دما لشدة المحنة ومأساتها وابعادها مما جرى في المنطقة عقب الثورات العربية التي كانت في الواقع تعبير حي عن انطلاق صحوة اسلامية عارمة واللتي اسموها زورا ربيعا عربيا وسرعان ما إلتفوا عليها وحرفوها عن مسارها وقضوا على اهدافها من خلال ايجاد ثورات مضادة والابشع من ذلك خططوا لثورات وهمية كان الهدف منها ضرب محور المقاومة وفي المقدمة سوريا حماية لامن الكيان الصهيوني ومصالحه في المنطقة من جهة ومن جهة اخرى معاقبة اي شعب يخطر على باله القيام بثورة تغير من واقعه ويستلم زمام اموره. ونقولها وبمرارة والم شديدين ان دول عديدة في المنطقة انخرطت عن جهل او عمد في المخطط الصهيو-اميركي لتدمير بعض دول المنطقة وتحويلها الى اطلال او شبه اطلال كما حدث في ليبيا وسوريا والعراق ولبنان وكم من الدماء الزكية والبريئة سفكت بظلم وعدوان وكم تحملت دول المنطقة من اضرار وخسائر جسيمة سواء الدول الضحية او المنخرطة في هذا المخطط. ولو استمعت هذه الدول لنصائح طهران يوم اشتعلت الازمة في سوريا بانه لا حل عسكريا لهذه الازمة وان الحوار السوري- السوري هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الازمة واحلال الديمقراطية في هذا البلد ولما تعقدت الامور وتشابكت لهذه الدرجة ولما هدرت الاموال الطائلة للتخريب والتدمير بدلا للاعمار والازدهار ونقولها بصراحة ان تركيا الدولة الجارة والمهمة هي احدى الدول التي تورطت في الازمة السورية وظلت لسنوات تدافع عن نهجها في اسناد المعارضة السورية المسلحة لاسقاط نظام الرئيس الاسد وتحقيق اهدافها.
ولا نذيع سرا اذا قلنا ان تركيا اليوم كما السعودية و نتيجة لسياساتها الخاطئة خسرت جميع اوراقها ومواقعها في المنطقة و تضررت مصالحها خاصة الاقتصادية بشكل فادح في سوريا و العراق و ليبيا بالذات.
وربما التحرك الاخير لتركيا صوب طهران - يكون وفقا للمثل الايراني القائل "اينما تحد من الضرر فهو منفعة"- جاء لمعالجة الموقف ومراجعة سياساتها تجاه ازمات المنطقة و خاصة الازمة السورية فزيارة الرئيس اردوغان بعد اربع سنوات من آخر زيارة له لطهران و التي كانت مع بدايات الازمة في سوريا ترسم صورة جديدة عن تحرك تركي للملمة اوضاعها بعد ان تيقنت ان الازمة السورية لن تحل كما تصورت وظنت وهذا ما جرى على لسان الرئيس اردوغان بشكل غير مباشر في طهران عندما قال "يجب ان نتحاور لنضع حدا للمجازر". وبالطبع لا نغفل ايضا ان الزيارة جاءت لتوسيع و تطوير العلاقات الاقتصادية و التجارية التي اكد عليها البلدان باستمرار بعيدا عن مواقفهم المتباينة تجاه قضايا المنطقة.
غير ان ما طرأ بشكل مفاجئ على زيارة الرئيس اردوغان لطهران بساعات هووصول الامير محمد نايف ولي ولي العهد السعودي الى انقرة واجتماعه بالرئيس اردوغان بهدف ايجاد مخرج لتورط بلاده في اليمن وهذا لم يكن التحرك السعودي الوحيد صوب تركيا فقد سبق وان اوعزت الى اسلام آباد لعقد اجتماع ثلاثي تدعو فيه طهران و انقرة لبحث الازمة اليمنية وكأن لسان حالها يقول لطهران "انزلوني من الشجرة" وبالطبع فان طهران التي اكدت باستمرار سواء قبل وقوع العدوان السعودي على اليمن او بعده بانه لا حل للازمة اليمنية الا بتحاور ابنائه عادت لتبلغ الرئيس اردوغان بموقفه المبدئي بانه يجب وقف العدوان و نزيف الدم فورا في اليمن والبدء بالحوار لتشكيل حكومة ائتلافية يشارك فيها جميع ابناء هذا البلد دون استثناء.