kayhan.ir

رمز الخبر: 17197
تأريخ النشر : 2015April06 - 19:53

حزب الله ، توازن الرعب ، هذا المسكوت عنه

أحمد الحباسى

إسرائيل تلوح دائما بالقوة ، ولا تفكر إلا بمنطق القوة ، ولا تصد بغير القوة ، هذا هو منطق القوة لمن يملك القوة ومن لا يملكها ، والعرب لا يملكون القوة طبعا وإسرائيل لا تتحدث معهم إلا بلغة القوة ، إسرائيل مثلا هي التي بصقت وسخرت من عرض السلام السعودي المقدم في مؤتمر القمة العربية بلبنان ، أولا لان هذا العرض قد جاء من طرف عميل للصهيونية ، وفي لغة الدول الاستعمارية المهيمنة لا صوت يسمع للعملاء والخونة ، ثانيا ، لان النظام السعودي لا يملك التفويض الكافي " لبيع” هذه الفكرة ، ثالثا ، وهذا الأهم ، إسرائيل لا تبحث عن السلام ولن تبحث عنه في ظل تردى الوضع العربي وانقسام دوله وانشقاقها وانشطارها ، وبلغة القوة إسرائيل تفكر في قضم الأرض العربية بالتدرج والتدريج .

حزب الله أدرك مبكرا أن لغة القوة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل ، حزب الله لم ينتظر من البداية نتيجة المفاوضات العبثية بالواسطة بين لبنان وإسرائيل لطرد هذه القوة الاستعمارية من الأرض اللبنانية المغتصبة ، ومن البداية فكر الحزب في امتلاك كل عوامل القوة الفاعلة التي تخوله أن يكون رقما صعبا في معادلة الصراع بين دولة الحق ودولة الباطل ، كل التدريب والتسليح والخطط والممارسات السياسية كانت مدروسة بعناية فائقة ، وكما تتكتم إسرائيل على أسرارها وتحميها بكل الوسائل المتاحة فرض الحزب على نفسه ومناصريه جدارا من التكتم والصمت والحذر حتى يتفادى قدر الممكن كل الهفوات القاتلة والضربات الصهيونية الموجعة ، وحتى الذين حاولوا كسر هذا الحاجز ب”تعرية” خطوط الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة التي يديرها الحزب لصالح المقاومة تعرضوا في 7 آبار 2008 إلى ضربة استباقية موجعة جعلتهم يفكرون مليون مرة قبل معاودة هذه المحاولة المشبوهة .

تباين الآراء وردود الفعل بعد عملية إرسال الطائرة بدون طيار " أيوب " التي نجحت في اختراق "القبة الحديدية” الصهيونية لم يمنع الحزب من استغلال التقنيات والعلوم العسكرية الحديثة لمحاولة اكتساب قوة "جوية” نوعية قادرة على إرباك كل خطط العدو وتمكين الحزب من تحيين بنك معلوماته حول قوة إسرائيل في كثير من المجالات المختلفة ، ونجاح أمن المقاومة في اختراق المنظومة العسكرية الصهيونية للحصول على معلومات معينة يؤكد أن الحزب قد تفطن دائما إلى أن الانتصار في أم المعارك مع العدو لن يكون انتصارا سهلا وبلا دموع وتضحيات وجهد ، وحين يكشف سماحة السيد لعموم الشعب اللبناني وللعرب والعالم عن معلومات استقتها الأجهزة الأمنية للمقاومة من صندوق المعلومات في وزارة الدفاع الصهيونية أو من الطائرات التي تمرح فئ السماء اللبنانية ، هذه المعلومات تهم كيفية اغتيال الرئيس رفيق الحرير وتورط المخابرات الصهيونية في هذه العملية ، فمن الواضح أن الحزب قد فعل كل شيء ليفهم حقيقة القوة الصهيونية ومكامن ضعفها .

نحن نحترم العدو وندرك حجم قوته العسكرية ولا نستهين بهذه القوة أبدا ، هذا ما يقوله سماحة السيد حسن نصر الله ، وهذا منطقي فإسرائيل هي القوة الثالثة في العالم وهي التي استطاعت قهر كل الجيوش العربية مجتمعة في مناسبات متعددة لأسباب متعددة أيضا ، لكن السيد حسن هو من يصارح المتابعين بأن إسرائيل ذاتها أوهن من بيت العنكبوت ، وهذا منطقي أيضا ، وتقرير فينوقراد الشهير قد أثبت صحة هذا القول لان إسرائيل التي حاولت طيلة 33 يوما من الحرب والقوة النارية الخارقة للعادة لمحاولة كسر عظم المقاومة لم تستطع أن تحقق أية نتيجة من هذه الحرب الخاسرة التي أكدت للعالم أن حزب الله قد توصل بعد جهود مضنية وتضحيات مريرة إلى اكتساب حبوب المناعة التي تجعله في منأى عن الضربات الهمجية الصهيونية بحيث تفكر الصهيونية مرات عديدة قبل تكرار هذا الهجوم مستقبلا ، طبعا ، كان ملفتا تصريح سماحة السيد أن الحزب لم يفرح كثيرا بهذا الانتصار وعاد في اليوم التالي إلى مزيد التدريب واستنباط الخطط والحلول حتى يكون جاهزا دائما لأية معركة محتملة مع العدو وهذا في حد ذاته من أكبر التحديات التي فرضها الحزب على نفسه.

منذ أيام رد الحزب على الاعتداء الصهيوني في الجولان المحتل وضرب القوة الصهيونية في مزارع شبعا المحتلة ، طبعا ، شكل الرد السريع مفاجأة لكل المتابعين للشأن اللبناني وأثار فزع الكثيرين من المتعاونين مع العدو مثل سعد الحريري والنظام السعودي وإعلام الثلاث ورقات اللبناني الخليجي ، أيضا ، فهم العدو هذه المرة أن عهد المبادرة بدون عقاب قد ولى وانتهى وأن هذه القوة الناشئة قد اشتد عودها حتى باتت قادرة على توجيه رد سريع وموجع ، نفس الشيء قرأه عملاء الخليج الفارسي من تواجد قوة حزب الله في سوريا لحماية حلف المقاومة بحيث كانت الرسالة واضحة أن المساس بركن من أركان الحلف هو إعلان حرب على كامل الحلف وأن حزب الله سيكون أين يجب أن يكون كما يقول سماحة السيد حسن نصر الله ولذلك لن يكون مفاجأة أن نجد الحزب في أماكن أخرى لحماية المقاومة وكل المدافعين عنها والراغبين في إسقاط أنظمة الخيانة.