ما اكتسبناه ام ما فقدناه؟!
حسين شريعتمداري
1 ــ رافقت الايام الاولى من العام الشمسي الجديد احداث مصيرية. فابتدأ سماحة قائد الثورة العام الايراني الجديد خطابه للامة في الحرم الرضوي والذي ينبغي ان نضعه كخارطة طريق للجمهورية الاسلامية في ايران ليس فقط لعام 1394 الهجري الشمسي وانما لجميع السنوات القادمة. كما ويمكننا ذكر ثلاثة احداث تاريخية راهنة؛ الاول: الهجوم الوحشي لآل سعود قطاعي الطرق وراكبي الجمال بمقاتلات حربية سواء المهداة من اميركا ام التي استؤجرت من اسرائيل، لتدك مسلمي اليمن المظلومين، استمرارا للآمال الضائعة لاجداد آل سعود؛ ابولهب وابوجهل وابوسفيان.
والحدث الثاني: اجتثاث وتصفية ارهابيي داعش التكفيريين في سورية والعراق، الذين عقدت نطفهم في ارحام مشتركة غربية وعبرية وعربية، فكان تدمير هذا المولود الغير شرعي على يد ابناء روح الله في سورية والعراق ولبنان، قد اعقب لوعة في قلوب حضنة هذا الفعل الحرام. والحادث الثالث: المفاوضات النووية في لوزان والتي كانت للاسف الشديد مرة المذاق بالنسبة للشعب الايراني. اذ استطاع الخصم عن طريق المراوغة والخداع ان يفرض مطالبه اللاشرعية والتي كانت عالقة لاثني عشر عاما، ويضع برقع اتفاق جنيف على نشاطاتنا النووية في اطار بيان نهائي مشترك.
وسنسلط الاضواء في هذا العمود على تفاصيل المحادثات.
2 ــ ان هذه الاحداث الثلاثة وكلمة القائد في بداية العام الجديد، وان كانت تبدو اربعة مواضيع منفصلة، الا انه بنظرة ثاقبة يمكن العثور على الخيط الجامع الذي يربط هذه الاحداث، بحيث لا تخرج في تحليلها عن اطار زمني ومكاني واحد.
الف: ان الثورة الاسلامية للشعب اليمني قد استلهمت من الثورة الاسلامية في ايران، وان الهجمة الوحشية لآل سعود على الشعب المسلم لهذا البلد، هي حسب اعتراف اميركا وحلفائها، حرب بالوكالة ــ PROXY WARــ من قبل القوى الكبرى تهدف الى الحؤول دون استنساخ ايران الاسلامية.
باء: ان هيلاري كلنتون وزيرة خارجية اميركا سابقا، قد اقرت في مذكراتها التي سردتها في كتاب (الخيارات الصعبة)، بان تنظيم داعش صنيعة المخابرات المركزية الاميركية لمواجهة الصحوة الاسلامية، اذ تقول انه لاجل كسب دعم الحكومات لتنظيم داعش قد سافرت الى اكثر من مائة دولة، واقنعتهم بضرورة الاعتراف الرسمي بداعش ودعمها، وهو ما حصل على الارض.
جيم: ان الجدال النووي لاثني عشر عاما وان كان يحمل يافطة نووية الا انها كانت ذريعة لفرض العقوبات، وان العقوبات هي الحربة التي ترفع بوجه الجمهورية الاسلامية الايرانية، الامر الذي صرح به مرارا المسؤولون الغربيون لاسيما اميركا، وهو بالضبط وكما تفضل سماحة القائد، ان اميركا لا تريد انهاء الصراع النووي، وحسب تصريح (ديفيد فروم) ان الهدف الاساس من العقوبات في الخطوة الاولى تغيير السلوك وفي الخطوة التالية تغيير نظام ايران. وهكذا المئات بل آلاف النماذج الاخرى من الاعترافات، يطول ذكرها.
ان قسما من توجيهات قائد الثورة ولاسيما اطلاق شعار (الحكومة والشعب التعاضد والتوافق قلبا ولسانا) على هذا العام، ومدى اهميته وضرورته، ينبغي الاشارة لها في هذا المجال. فالقائد من خلال توجيهه للشعب للتعاضد مع الحكومة والفات الحكومة للتماهي مع الشعب، بصدد دعوة الحكومة والشعب كامة واحدة، لمواجهة التهديدات والمؤامرات التي يحيكها الاعداء.
3 ــ وحول نتائج مفاوضات لوزان، هنالك امور نشير لبعضها. الاول: ان السادة؛ ظريف وعراقجي الاعضاء المحترمين في فريقنا النووي، كانا حتى اللحظات الاخيرة لاعلان نتائج المفاوضات، يصرحان ان ما سيتم اعلانه هو بيان نهائي مشترك. واللافت ان البيان حسب التعريف القانوني هو وثيقة ايضاحية او توصية غير ملزمة التطبيق، واذا ما تضمن الزام فسيخرج عن كونه بيانا، وسيصبح اتفاقا الا ان ا لافصاح عن ما اسماه السادة بانه بيان، قد عكس ان الوثيقة تتضمن عهودا تلزم ايران بالوفاء لها.
الثاني: في الفقرات المتعلقة بايران في الاتفاق استخدمت عبارة "HAS AGREED TO IRAN" أي ان ايران وافقت..." وهنا نتساءل لم تم التعبير عن الاتفاق بالبيان DECLARATION في الوقت الذي لا تعطي عبارة AGREEMENT سوى مفهوم الاتفاق؟
الثالث: كان من المقرر ان لا تخضع ايران لاتفاق بمرحلتين. الا ان السادة قد قبلوا اولا باتفاق ضمن اطار ملزم، وارجأوا للمستقبل مناقشة التفاصيل!
الرابع: تم التاكيد على ان يكون موقع فردو كمركز للابحاث والتنمية، وقد وظف فيه الف جهاز للطرد المركزي لغرض التخصيب، الا ان السادة قد وافقوا لخمسة عشرة سنة ليس على عدم تخصيب اليورانيوم وحسب وانما على عدم القيام باي نشاط بحثي يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
الخامس: ان اتفاقية لوزان قد الزمت استخدام 5060 جهاز طرد مركزي من نوع 1IR وهو من الجيل الاول لاجهزة الطرد المركزي المستخدمة في منشأة نطنز، من مجموع عشرين الف جهاز فعال. كما والزمت ايران ان لا تستخدم لعشر سنوات اجهزة طرد مركزي متطورة من نوع 2، و4، و5، و6، و8، وهي من انجازات علمائنا النوويين!
السادس: ان ايران تعهدت في اتفاقية لوزان ان تخفض لخمسة عشرة سنة، من مخزونها لليورانيوم المخصب، من عشرة آلاف كيلوغرام الى 300 كيلوغرام، وان تؤكسد 9700 كيلوغرام اخرى.
السابع: ان نظرة سريعة لنص اتفاقية لوزان تعكس بوضوح ان الامتيازات التي قدمتها ايران بسخاء للخصم لالبس عليها، ولكن ما تعهد به الخصم ضبابي ويحتمل اوجه عدة، اذ يصح تسميتها بالوعود الآجلة.
الثامن: كان من المقرر، وسبق ان اعلن المسؤولون النوويون مرارا، عدم القبول باي اتفاق دون الغاء جميع العقوبات. الا انه في نص اتفاقية لوزان، تم التطرق الى تعليق العقوبات وليس الغائها هذا اولا، وثانيا: يتم تعليق قسما من العقوبات لا جميعها.
وثالثا: وهذا التعليق سيتم خلال 10 الى 15 سنة.
ورابعا: وهو الاهم، ان تعليق قسم من العقوبات يعتمد على تقرير الوكالة والتاكد من صدق التزامات ايران. واللافت في الفقرة الاخيرة انه: الف: ان الوكالة وخلال 12 عاما الماضية وبالرغم من جميع جولات التفتيش والتوثق من سلمية نشاطات ايران السلمية، لم تعمل على تاييد ما توصلت له. باء: يمكن الاستنتاج من نص الاتفاق وكذلك من تطبيق البروتوكول الاضافي ــ التفتيش في أي مكان وزمان ــ ان هذه الجولات التفتيشية تنفذ بعنوان PMD ــ الابعاد العسكرية الاحتمالية ــ، أي ان الوكالة ينبغي ان تعلن عدم مشاهدة أي نموذج لاحتمال الاستفادة من السلاح النووي! هذا في الوقت الذي حسب السيدة (وندي شرمن) فان الكثير من الصواريخ المصنعة في ايران تمتاز بخصوصية حمل الرؤوس النووية ولابد من ابادتها! وبعبارة اخرى، يشترط تقرير الوكالة ان توقف ايران انتاج الصواريخ الباليستية وتزيل المنتجة منها هذا من جهة ومن جهةاخرى فان تعليق العقوبات منوط بتقرير الوكالة هذا، ولماكانت الوكالة تصنف الصواريخ الباليستية حسب منظار PMD فان العقوبات المعلقة ستعاد في اول فرصة. أي اننا قدمنا الامتيازات وبقيت العقوبات في محلها!
فهل هذه هي اطروحة (ربح ربح) التي عولنا عليها؟!