سيبلغ الـ100 عام بعد أيام.. كسينجر مجرم الحرب الذي يمثل أمريكا أصدق تمثيل
رغم محاولة النخب السياسية الامريكية التحضير للاحتفال بميلاده الـ100 ، الذي يصادف يوم 27 من الشهر الجاري، الا ان هذه المحاولات لا يبدو انها ستمر مرور الكرام، امام اصرار منصات التواصل الاجتماعي التي تطالب بمحاكمته كـ"مجرم حرب"، انه هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق، والذي مثل افضل تمثيل السياسة الخارجية في التاريخ الأمريكي.
الحكومة الامريكية العميقة، كانت تدرك ما ارتكبه كيسنجر من فظاعات في مختلف انحاء العالم، لذلك عملت على الضغط من اجل منح كيسنجر جائزة نوبل للسلام عام 1973 "عن دوره في قيادة مباحثات السلام ووقف الحرب بين أميركا وفيتنام"!، من اجل تحصينه و إظهاره بمظهر رجل سلام على الطريقة الامريكية.
لا يحتاج المطالبين محاكمة كيسنجر بذل اي جهد لإدانته، ويكفي الكشف عن أرشيف وزارة الخارجية الأميركية، لادانته، فكيسنجر الذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي في عام 1969 نصح الرئيس ريتشارد نيكسون آنذاك بضرب المناطق الحدودية بين فيتنام ولاوس عنف من اجل جعل موقف الكموديين ضعيفا في المفاوضات، ويكون بذلك يتحمل مسؤولية مقتل 900 ألف مدني في كمبوديا ولاوس.
وقدرت هيئات حقوقية دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" أن عدد الضحايا وصل إلى 600 ألف مدني بكمبوديا ونحو 300 ألف في لاوس. وذكرت جامعة يال الأميركية المعروفة، أن الطائرات والمدافع الأميركية أمطرت كمبوديا ولاوس بنحو 2.8 مليون طن من المواد المتفجرة.
في عام 2001، وجه مؤلف كتاب "محاكمة هنري كيسنجر" كريستوفر هيتشنز، لائحة ادعاء جريئة طالب من خلالها بمحاكمة كيسنجر كمجرم حرب بسبب جرائمه ضد الإنسانية خلال فترة خدمته في الإدارة الأميركية، عندما شغل منصب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي في الفترة من 1969 إلى 1973، كما شغل في الفترة 1973-1977 منصب وزير الخارجية في حكومتي الرئيسين نيكسون وجيرالد فورد.
ووجه المؤلف العديد من التهم لكيسنجر من بينها: القتل المتعمد للمدنيين في الهند الصينية (فيتنام، كمبوديا، …)، التآمر المتعمد في عمليات قتل جماعي وإعدامات في بنغلاديش، والانخراط شخصيا في التخطيط لقتل مسؤول دستوري رفيع في دولة ديمقراطية (تشيلي) لم تكن في حالة حرب مع الولايات المتحدة. كما اتهمه هيتشنز بالانخراط شخصيا في مؤامرة لتصفية رئيس دولة ديمقراطية (قبرص)، وتسهيل ودعم حملات الإبادة في تيمور الشرقية، والانخراط شخصيا في خطة لخطف ثم اغتيال أحد الصحفيين في واشنطن دي سي. ووجه المؤلف إدانة لكيسنجر شخصيا في حروب الهند الصينية وعملية (سبيدي إكسبرس)، التي قتل فيها أكثر من 11 ألفا من المدنيين في منطقة كين هوا.
ولعل من أهم الآراء القانونية التي يسوقها المؤلف إزاء تقييم الجرائم الأميركية في فيتنام ومسؤولية القيادات السياسية آنذاك, وأهمهم نيكسون وكيسنجر, هو رأي الجنرال تيلفورد تايلور الذي كان المدعي العام الرئيسي في محاكمات نورمبيرغ الشهيرة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي حوكمت أمامها قيادات ألمانيا النازية. ويقول تايلور إنه لو طبقت نفس معايير محكمة نورمبيرغ ومحكمة مانيلا التي حوكم بموجبها, عقب إنتهاء نفس تلك الحرب، القادة العسكريون اليابانيون, على المسؤولين الأميركيين الذي كانوا وراء حرب فيتنام فإن نتيجة الحكم سوف تكون غالباً نفس نتيجة الحكم التي أصدرتها محاكم نورمبيرغ ومانيلا .
هذا الكتاب هو لائحة ادعاء جريئة ضد هنري كيسنجر, وزير الخارجية الأميركي الأسبق في عهد نيكسون ومستشار الأمن القومي آنذاك. ويطالب المؤلف, كريستوفر هيتشنز, بمحاكمة كيسنجر كمجرم حرب بسبب جرائمه ضد الإنسانية خلال فترة خدمته في الإدارة الأميركية.
هناك من يرى ان اعتقال ومحاكمة أوغستو بينوشيه, رئيس تشيلي السابق, ومحاكمة سلوبودان ميلوسوفيتش تعنينان أن القانون الدولي يشهد الآن تحولاً بإتجاه جلب مجرمي الحرب الذي دأبوا على الاختفاء خلف مناصبهم الرسمية والدبلوماسية الرفيعة, وأن هذا التحول يجب أن ينطبق على كل مجرمي الحرب سواء أكانوا من الدول الصغرى والضعيفة أم من الدول الكبرى والقوية, وكيسنجر يمثل نموذجاً من مجرمي الدول الكبرى.
العالم