ماكرون يدعو أوروبا لـ"الإستيقاظ" ورفض التبعية لأمريكا.. ماذا يجري؟!
"أسوأ شيء هو الاعتقاد أننا يجب أن نكون أتباعا.. أولويتنا ألا نتكيف مع أجندة الآخرين في مختلف مناطق العالم.. لماذا علينا اتباع الإيقاع الذي يختاره الآخرون؟، في مرحلة ما، علينا أن نطرح على أنفسنا سؤال أين تكمن مصلحتنا..علما أننا لا نريد الدخول في منطق الكتلة مقابل الكتلة".
هذا الكلام هو للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قاله لصحيفة "ليزيكو" الاقتصادية الفرنسية، نُشرت يوم أمس الأحد، اي فور عودته من الصين ولقائه نظيره الصيني شي جين بينغ، واللافت ان ماكرون دعا في المقابلة مع الصحيفة الفرنسية، اوروبا إلى "الاستيقاظ"!، و"تقليل اعتمادها على الدولار الأميركي خارج الحدود الإقليمية".
هذه الدعوة لرئيس دولة تقود الى جانب المانيا، الاتحاد الاوروبي، للانعتاق من هيمنة أمريكا السياسية والاقتصادية، وتشجيعها أوروبا على ان تبحث عن مصالحها لا عما يريده الآخرون، وان كانت غير مسبوقة، الا انها اثارت عاصفة من الجدل، بسبب توقيتها، والتي جاءت بعد زيارة ماكرون للصين مباشرة، وفي ظروف في غاية الصعوبة تواجهها اوروبا، بسبب الحرب في اوكرانيا، والازمة في تايوان.
دعوة ماكرون الى تقليص اعتماد اوروبا على امريكا ورفض التبعية لها سياسيا واقتصاديا وعدم الانخراط في تكتل ضد تكتل أخر ورفض التحرك وفق ايقاعات الاخرين ، تأتي في الوقت الذي يجب ان يظهر قادة اوروبا، على انهم على قلب رجل واحد، بوصفهم اعضاء في حلف الناتو، ويخوضون حربا ضد روسيا في اوكرانيا، ويستعدون ايضا لمواجهة محتملة مع الصين على خلفية ازمة تايون.
تصريحات ماكرون في هذا التوقيت الحرج، تؤكد على ان وروبا بدأت تستشعر خطر التبعية العمياء لامريكا، وهي تبعية لا تحرم اوروبا استقلاليتها فحسب، بل تحرمها إستقرارها الامني والسياسي ايضا، كما يحدث الان في تجربة اوكرانيا، فامريكا استدرجت اوروبا الى حرب لا ناقة لها فيها ولا جملا ، وكان بالامكان تجنبها، عبر الابقاء على اوكرانيا بعيدة عن الناتو، كما هو حال السويد وفنلندا، الا ان امريكا كانت تخطط الى استفزاز روسيا ودفعها الى الحرب، لاستنزافها على امل تفكيكها، وميدان هذه الحرب هو اوروبا، بينما تبقى هي تتفرج على بعد الاف الكيلومترات.
دعوة ماكرون، اوروبا الى "الاستيقاظ" من التبعية لامريكا، وان كانت متأخرة، الا انه في حال تحققها، ستقلص من خسائر اوروبا في اقتصادها وامنها وحتى جغرافيتها، فامريكا جعلت من الناتو، أداة للدفاع عن مصالحها غير المشروعة في العالم، على حساب مصالح الدول الاخرى، حتى تلك التي تدعي امريكا انها حليفة لها، وهذه الغطرسة الامريكية، هي التي دعت قوى مثل الصين وروسيا وايران و..، للوقوف في وجه الجنون الامريكي، والعمل على بلورة نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب يسوده العدل، وهو نظام شجع ماكرون ليحجز مكانا لاوروبا فيه من الان.
العالم