اعيدوا الحجاب الذي استُلب!
حسين شريعتمداري
1ـ لا شك ان نزع الحجاب من قبل الكثير من السيدات المتبرجات منشأوه عدم الاطلاع والخداع، ولكن هذه الظاهرة بمجملها تعتبر قضية امنية تم التحضير لها من قبل اجهزة المخابرات العاملة للعدو المناهض للاسلام والثورة، فنزلت ساحة المواجهة، وكما قال سماحة قائد الثورة "ان نزع الحجاب حرام شرعاً وحرام سياسياً؛ فهو اضافة لحرمته الشرعية، يستبطن الحرمة السياسية، وان الكثير ممن تبرجن لا يعرفن ذلك، واذا ما عرفوا اي اشخاص وراء هذا العمل الذي يرتكبنه، فمن المسلم لا يفعلن ذلك. وانا على اطلاع ان الكثير منهن ملتزمات بالدين، والدعاء، يصمن شهر رمضان بحالة من الخشوع والبكاء، والمفارقة تكمن في عدم العلم من وراء هذا الامر ويعمل لتسيس قضية نزع الحجاب واتخاذ موقف من الحجاب. ان من يقف خلف ذلك هم عناصر تجسس العدو، ومؤسسات العدو التجسسية فان عرفن ذلك فمن المؤكد لا يقدمن على نزع الحجاب".
2 ـ ان هذه الفئة تعتبر ضئيلة مقارنة بفئات الشعب المليونية الملتزمين بدينهم واعتقادهم، واعتماداً على بعض الاستقصاءات الميدانية ومعطيات الاحصاءات بالامكان تقسيم هذه الجماعة المنتهكة للقانون الى ثلاث مجاميع.
المجموعة الاولى من لهم ماض امني ولذا فهم يلجأون لنزع الحجاب كمهمة كلفوا بها! ولذا فان كشف هؤلاء ومن يقف وراءهم هو مما يختص بوظيفة مراكز الامن والمخابرات، وينبغي ان لا يتم التهاون معهم وصدهم بقوة وهم قليلو العدد مقارنة للمجموعتين الاخرتين.
ان نزع الحجاب من قبل هذه المجموعة له دوافع سياسية ولذا فهو "حرام سياسي".
المجموعة الثانية وتضم بعض من ساء فهمهم جراء معطيات ابتدائية ويعانين من عقدة عرض الذات. وينخرط ضمن هذه المجموعة الفنانات اللواتي تبرجن ونشرن صورهن على قنوات التواصل وهن نازعات الحجاب.
المجموعة الثالثة، السيدات والفتيات اللواتي يجهلن حقيقة التعاليم الالهية بخصوص الحجاب، كما ينبغي ويحملن تصوراً ليس بالحقيقي حول الحجاب ومن الضروري تبيين وتوضيح الامور لهذه الفئة، وان لا تترك هذه المجموعة في ضبابية ويفهمون المسألة بشكل خاطئ. فهؤلاء حسب التوجيه الابوي لسماحة القائد "لا يعلمون من وراء هذه السياسة سياسة التبرج ومناهضة الحجاب".
3 ـ وبالرغم من ان كشف الحجاب يُقدم عليه من قبل المجاميع الثلاث الآنف ذكرها بدوافع مختلفة، إلا ان جميع هذه المجاميع الثلاث سواء عن علم ام عن جهل قد وظفوا في مؤامرة واحدة خطط له من قبل الاعداء وتتم ادارته كذلك. من هنا فان المواجهة الجادة مع قضية نزع الحجاب تكليف شرعي، وقانوني واخلاقي يتحمله المسؤولون ومن البديهي ان لا يعتبر الجهل والخداع بالدليل المقنع والمقبول يتذرع به لتجاهل هذه الظاهرة المقيتة والمسيئة. لماذا؟! لنقرأ؛
4 ـ على سبيل المثال ان نضع في الحسبان ظاهرة توزيع المخدرات المدمرة للعوائل. اذ من البديهي ان نفصل حساب المهربين بالجملة عن الباعة المتجولين والمنخدعين الذين ابتلوا بالاعتياد، وان حكمهم يختلف، ولكن ينبغي ان لا يسمح لهؤلاء بالمضي في عملهم، اذ مع ان جريرة الباعة المتجولين والمدمنين اقل مقارنة بالمهربين الكبار واحكامهم اسهل، ولربما بعضهم لا يتحمل ادانة محددة، الا ان جميع هذه السلسلة تنخرط في معزوفة واحدة متسقة تعلو عبر المهربين الكبار للمخدرات اصداؤها. وان جميعهم يتحملون عبء خطيئة توزيع المخدرات وانزال البلاء على رؤوس الناس والعوائل. ولكن اي منها يتحمل الاثم الاقل او من المنخدعين واي منها من العناصر الاساس، كل هذا يعود الى حكم المحاكم اذ لا يمكن السماح بالاستمرار باي منطق شرعي او قانوني! اليس من السخرية ان يقال للمدمنين والموزعين للمخدرات ان استمروا في عملكم الآن كي نضع برامج ثقافية ونعلم اي منكم قد خُدع واي تحمل المسؤولية ويعتبر مقصرا؟...
وبالطبع فانه خلال العمل على الجانب الثقافي للحؤول دون انتشار المخدرات او اشاعة التبرج فانه بالتزامن مع ذلك وهو ليس محالاً ومن السهل القيام به.
أليس كذلك؟ ! وكما قال سماحة الامام ـ رضوان الله تعالى عليه ـ "اذا ما تراجعنا خطوة واحدة فان اعداءنا سيتقدمون عشرة اقدام".
5 ـ وبالنظر لشكل القضية وما سيلحقه التبرج من اضرار على العفاف عموما، فلا يمكن ولا ينبغي، بتبرير ان بعض المتبرجات مخدوعات، تجنب مواجهة هذه المجموعة وعدم مواجهتها! اذ كيف يمكن التمييز بين تلك المتبرجة المخدوعة وبين تلك التي لها قصد سيئ؟!
فكما جاء عن سماحة قائد الثورة من قول حكيم، "ان الكثير من هؤلاء من المتدينين ملتزمين بقراءة الدعاء، وممن يصومون شهر رمضان متضرعين الا انهم ليسوا ملتفتين من وراء سياسة التبرج ومناهضة الحجاب".
من هنا فان تبيين الامر لهذه الفئة من المخدوعين امر ضروري، وينبغي ضمن حضهم على اهمية حفظ الحجاب، ان نعلمهم بما وراء الكواليس، وفي هذه الحالة وكما فصل قائد الثورة الحكيم، انه اذا علموا يقينا "ان جواسيس الاعداء واجهزة مخابرات العدو وراء هذا الامر فمن المؤكد ان لا يقدموا على ذلك". الا ان التبيين كيف يتم ومتى يصح الاقدام بتنفيذه؟
6 ـ ان تبيين القضية من قبل وسائل الاعلام امر ضروري الا انه غير كاف بالدرجة الاولى، وثانياً فان هذه الايام نشهد تحرك عشرات وسائل الاعلام التابعة للاعداء او اذيالها في الداخل وهي تلقي الايهام فلا يمكن ترك المخدوعين على حالهم بامل ان يتمكنوا في سوق المكاره ان يحصل التبيين بتحرق وابعاد الاعداء، ليشخصوا الماء من السراب والحقيقة عن المجاز، وانما هي وظيفة النظام الاسلامي ان يعينهم في كشف الحقائق ودرك الواقع. فان اول خطوة ضرورية لامناص منها في هذاالمسار التحرز الجاد عن نزع هذه المجموعة لحجابها. فكما لا يترك المدمن على المخدرات المخدوع على حاله، كي يبرأ من حالته بالنصح والبلاغ المبين، وانما لابد في البدء ان يمنع من تناوله للمخدرات، ومن ثم يتم السعي لنصحه وتحذيره من العاقبة الخطرة للادمان، وضرورة الاقلاع عنه.
7 ـ وبالتالي نقرأ حادثة بهذا الخصوص تصب في فك العقدة!
كان المرحوم "اعتمادزادة" باسمه المعار "به آذين" احد الاعضاء المرموقين في حزب "توده" صاحب قلم ساحر واديب مقتدر، ترجم اثر "ميخائيل شولوخوف" الكاتب الروسي المعروف وهو من ادباء القرن الماضي، ترجمة رائعة، حتى اعتقد الكثير ان ترجمته قد اضفت على كتاب "ميخائيل شولوخوف" قيمة جديدة.
وبعد اعتقال اعضاء حزب "توده"، توجهت باشارة من سماحة الامام (ره) وبمعية عنصرين من حرس الثورة الاسلامية، لفتح صفحة نقاش وحورا مع بعض اعضاء هذا الحزب لاسيما "احسان طبري" الذي كان الامام قد اكد عليه والتقينا بهم. وبعد ان عاد المرحوم "احسان طبري" لاحضان الاسلام العزيز وهو يعود للطف إلهي لا غير، توجهنا الى "به آذين".
كان سؤاله الاول انه لماذا جئتم؟! فقلت؛ نحن [واعني النظام الاسلامي] كنا نملك بضاعة ثمينة وقد سُرقت منا. فجئنا لاستعادة بضاعتنا! فتساءل مستغربا؛ وما علاقتي ببضاعتكم المسروقة؟! قلنا؛ اليست تلك البضاعة الثمينة شخصكم! إلا ان مشكلتنا انك تثق باعداء وطنك الذين سرقوك منّا اكثر مما تثق بنا وبالنظام الاسلامي وبالشعب الذي تنتسب إليه... فطال الحوار مع المرحوم "به آذين" لعدة جلسات وبالتالي، تلاشت الصورة الخاطئة التي كان يحملها في ذهنه عن الاسلام العزيز والثورة والنظام المنبثقتان عنه. فيما كان آخر سؤال له؛ لما كان النظام الاسلامي ولا سيما سماحة الامام ـ والتاكيد منه ـ الى هذه الدرجة يهتم بمصير اشخاص اضاعوا الدرب مثلنا، ويتحرق لذلك، فلماذا قمتم باعتقالي؟ فكان جوابنا انه لو لم نعتقلك لكنت تمضي على نهجك الخاطئ الذي اخترته من قبل. فاطرق راسه متأملا، فقال بعد لحظات وقد تسارعت قطرات الدمع على وجنتيه:
ان اعتقالي كذلك من ألطاف الله، وهو فصل من قصة يقظتي...