مأساة سورية تستدعي رفع الحصار وإعادة البناء…
سارة السهيل
إنّ المآسي الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والدمار الشامل للعديد من الأبنية السورية وموت الآلاف من الشعب السوري تدمي قلوب الإنسانية جمعاء، خاصة أنّ كارثة الزلزال المدمّر حصلت وسط حصار اقتصادي أميركي يستنزف قدرات شعب سورية ويحول دون النهوض من كبوتها بمفردها.
نعم، سارعت الدول العربية لمدّ يد العون وتقديم المساعدات العاجلة لإنقاذ الشعب السوري الحبيب، كذلك قدّمت بعض الدول الغربية مساعدات عاجلة، غير أنّ هذه المساعدات لن تغني او تسمن من جوع، في ظلّ كثرة الضحايا والمشرّدين والعائلات التي أصبحت بلا مأوى من الشيوخ والأطفال والنساء.
هذه الكارثة الإنسانية تستدعي فوراً سرعة تدخل المجتمع الدولي، وقبله المؤسسات العربية والإسلامية مثل منظمة العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية للمطالبة برفع الحصار المفروض على الشعب السورى منذ سنوات.
إنه من العار على مؤسساتنا العربية والإسلامية أن نجد دولة مثل الصين ـ وهي مشكورة طبعاً ـ تحث الولايات المتحدة الأميركية، على رفع كلّ العقوبات أحادية الجانب المفروضة على سورية للحؤول دون المزيد من الكوارث الإنسانية بعد الزلزال، وليس تخفيف العقوبات بشكل مؤقت كما أعلنت أميركا.
كان الأجدر بالعالم العربي والإسلامي ان يتبنّى مثل هذه الدعوة لرفع العقوبات وممارسة الضغط السياسي والاقتصادي على أميركا ودول الاتحاد الأوروبي الذين ما زالوا مصرّين على استمرار العقوبات في الوقت الذي يقدّمون فيه المساعدات للضحايا والمنكوبين بسورية بشكل بطيء، وهذا موقف غريب، خاصة أنّ الغرب يمنع تصدير سيارات الإسعاف والإطفاء والإنقاذ والدفاع المدني الى سورية في ظلّ هذه العقوبات، فأيّ مساعدات تلك يمكن ان تنقذ شعب منكوب فقد بالموت آلاف الأرواح وجعل ما يزيد عن 5 مليون مواطن سوري بلا مأوى في لحظة واحدة؟
سورية بلد عربي تكالبت عليه المؤامرات من كلّ حدب وصوب، واستمرار تطبيق «قانون قيصر» في ظلّ هذه الظروف القاسية إنما يعني استمرار نكبة الشعب السوري.
الدعم بالمساعدات العربية لسورية جميل ومشكور لكنه لن يحقق أهداف حماية وإنقاذ شعب مكلوم، الأمر الذي يتطلب سرعة إعادة سورية الى جامعة الدول العربية، لكي تتبنّى الدعوة لإعادة إعمار سورية، وسرعة إمدادها بعربات الإسعاف والإطفاء، وإعادة بناء المستشفيات التي دمّرها الإرهاب، وإعادة بناء مصانع الأدوية والجسور والمعابر المدمّرة.
انّ الحصار على سورية يجب ان يُرفع فوراً، وأن يبدأ عملياً الانفتاح العربي عليها، وتتعاون الدول العربية وتتكاتف مع سورية وتقديم المساعدة لها على أكثر من صعيد وقد أصبح ذلك مطلباً أساسياً وملحاً، وبموجبه فلن يتآمر الكون على بلد عربي شقيق، ونظلّ صامتين.
أقول لكلّ المنزعجين من الضيوف السوريين في بلادهم إنهم مجبورون على الاستضافة، لأنّ الجميع ساهم بشكل أو بآخر في خراب سورية او تشجيع الفوضى فيها، سواء عن قصد أو من دونه، وبدلاً من انزعاجكم من استضافتهم، كان من الأوْلى تركهم يعيشون باستقرار في بلادهم وليس تحريضهم على العصيان و»الثورة».
سبق وكتبت عدة مرات في صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوت الدول العربية والمجتمع الدولي لإعادة بناء البيوت المدمّرة من الحرب، وإنشاء مدن متكاملة وتوفير فرص لكسب العيش من زراعة وصناعة وحرف حتى يستطيع الإنسان السوري من خلالها استعادة حياته واستقراره في بلده، فذلك أنفع له من أية مساعدات مؤقتة من طعام وأسرَّة وأغطية ومخيمات في العراء.
هذا الكلام قلته من سنوات وقبل الزلزال الحالي، فما بالك الآن، وأصبح هذا الأمر أكثر ضرورة بأن يشمل أيضاً المتضرّرين من الزلزال، بحيث يكونون من المشمولين في حصة هذه المساكن.
أظن انه من الضروري إقامة منصة للتبرّعات لإنجاز مشروع البناء، ومن هذا المقال وهذا المنبر أدعو وأطالب بسرعة إلى إغاثة الشعب السوري المنكوب، عبر خطة عربية وإنسانية عاجلة لمواجهة آثار الزلزال وتأمين الإيواء وتأسيس صندوق عربي دولي لإعادة إعمار المناطق المتضررة تساهم في تمويله شعوب وحكومات العالم.
فكم يؤلمني رؤية فتاة صغيرة أهلها يملكون أراضي زراعية ومنزلاً ريفياً جميلاً، بينما هي تبكي من الجوع والبرد في الغربة لماذا؟ هذا أمر لا يجوز أبداً، فهي ملكة في بلدها، فليعد السوريون الى بلادهم، بشرط أن يساعدهم العالم كله لاستعادة ما خسروه، فسورية غنية بالزراعة والصناعة والخيرات وشعبها مبدع ومنتج على كافة الأصعدة، ولم تكن عليها أية مديونية فأصيبت بالحسد والتآمر نعم التآمر…