الجسد الشيعي ... ذاك هو !
غالب حسن الشابندر
الجسد الشيعي بآهاته، بحزنه، بانفعالاته، برغباته، بعاطفته، بغرائزه، بكل تجلياته هو نتاج التاريخ، ونتاج بعض العقائد المتمخضة من التاريخ، ان حب الشيعي للتاريخ هو التنغم بدمه المباح وغير المباح منذ حادثة السقيفة التي لا اؤمن بكثير من تفاصيلها التاريخية .
هل يمكن ان تتشبّح دماء شيعة الشام والشيخ نوح الحنفي يفتي بأن من لم يفت بكفرهم من الأئمة فهو كافر، حيث يُقتل في صلاة الصبح مئات بل آلاف من شيعة الشام ؟
هل يمكن ان تتشبَّح دماء شيعة الشام حيث كانت سيوف صلاح الدين وحرائقه بالشيعة تحصد الآلاف منهم، التي يبررها الكاتب المصري شبه الاخواني محمد عمارة بانها كانت ضرورية لتمتين الجبهة الاسلامية الداخلية في مواجهة الافرنج ؟
هل يمكن ان تتشبّح دماء شيعة العراق تُسفك بالنيابة على حدود الوهم الوطني، تتشرب ذراتها ترائب الكرخة، وتمضي معانقة ذبذبة امواج نهر وكان اسماكه ( المجوسية ) تنتظر رحمة العدو اللدود ؟
إن هذه الدماء وهي تُسفك علنا وسرا، بسبب أو غير سبب، بحق او باطل، كانت ترسم لونا خاصا من الأنين الشيعي، ولونا خاصا من السهد الشيعي، ولونا خاصا من الشعر الشيعي، اي الجسد الشيعي بشكل عام.
الجسد
عصارة تاريخ،
تتجمع الاحداث والفواجع والافراح والاتراح والانتصارات والهزائم والسجالات والمعاناة في
اللاشعور ثم تزحف على الجسد لتضفي عليه ظلالها عليه بشكل وآخر ...
المنبر الحسيني،
الاحتفالات الشيعية، الردات الشيعية، الاغنية الشيعية، الدعاء الشيعي، طريقة ترتيل وتجويد القرآن
الكريم على لسان
القارئ الشيعي، اللون الاسود، ما يبدأ به الخطاب الشيعي وما ينتهي به، اسماء الشيعة، القسم الشيعي،
مبدأ الشهادة الشيعي ... كل هذه المفردات تأسست تاريخيا، وتتطور تاريخيا، هل العزاء الحسيني
الذي كان قبل قرن
هو ذاته بالشكل والمضمون اليوم؟ هل الضرب بالزنجيل على المتون قبل ثلاثين سنة كما هو اليوم حيث
هناك مدارس مخصوصة لتعلم ضرب الزنجيل وادائه بشكل جيد متقن يتناسب مع جلال الذكرى، ومقام صاحبها ؟
كل هذه المفردات وتطوراتها وما تمر به من مستجدات تؤثر في تأسيس الجسد الشيعي، وهو يؤثر بها، اي هناك تقريبا علاقة جدلية بين العالمين.
الاغتراب
الشيعي عميق جدا،
الإنسان الشيعي يعاني من الاغتراب الحاد المزمن، اغتراب فكري وروحي، والغريب ان دوائر الاغتراب كلما
مر الزمن تزداد عددا وحدة وتطويقا .
هناك اصرار علني وسري على تكفير
المسلم الشيعي، ومهما بذل من دم في سبيل العقيدة العامة للمسلم، يبقى غريبا، لأن عقيدته فاسدة، لا
تتماهى مع أصول
العقيدة كما يطرحها الكتاب الكريم والسنة النبوية واجماع الامة، إ نه خارج عن اجماع الامة، وبالتالي،
هو عبارة عن رقم شاذ، يغرد خارج السرب، يشكل خطرا على وحدة الامة المسلمة، يحمل بذور التشقيق والتصديع
والتقسيم والتشظيظ،
وبالتالي، يجب عزله شعوريا على اقل تقدير، والشيعي يواجه هذه التهمة اين ماكان، وفي اي زمان، مسطرة في الكتب، وتتناقلها
الالسن جيلا بعد
جيل، حتى صارت سبة يتقاذف بها صغار المسلمين في اشتجارهم وحتى مزحهم!
هذا الاغتراب له
تأثيره على الجسد الشيعي، سوف اتطرق له لاحقا بأذن الله .
الاغتراب العقدي ليس هو الاغتراب الوحيد
الذي يعاني منه المسلم الشيعي، هناك أيضا الاغتراب الفقهي، فذبيحة المسلم الشيعي حرام، وارتضاع الطفل
السني من ثدي شيعي
حرام، والصلاة خلفه حرام، والائتمان به على الحج حرام، وهكذا تجد الجسد الشيعي بكل ممارسته في
دائرة الحجز والابعاد، ومثل هذه الحجز والابعاد يولد حالة من الاغتراب القاسية، لان الشيعي في مثل
هذه الحالة هدفٌ
مشخَّص، مشخص بالخطورة والفساد العقدي والحرمة الفقهية، هناك دائرة قاسية تحاصر هذا الشيعي، واعترف
أن الاصل عقدي قبل أن يكون فقهيا، ولكن الحصار الفقهي اشد قسوة من الحصار العقدي، لان الاول يتصل
بالممارسة الحياتية
مباشرة .
الشيعي خارج على
اجماع الامة، سواء على الصعيد العقدي او الفقهي، بل حتى على صعيد التاريخ
...
كيف ؟
هذا الشيعي ضد التاريخ، فهو الذي سهل للمغول احتلال بغداد، وهو الذي خان الامانة السياسية، فهو ليس بوطني، ولا يحب الوطن، وها هو يتبع ايران في المواقف السياسية، وليس له موقف وطني مستقل !
هكذا يقولون، وبالتالي، هو غريب عن الوطن، والوطن لا يتحمله ابدا، عليه ان يخرج من الوطن، عليه ان يفتش عن وطن خاص به، يجمعه مع بقية الروافض، وبالتالي، ليس هناك عزلة اشد واقسى من هذه العزلة القاسية، ومن هنا يتولد الاحساس بالاغتراب، انه اغتراب الوطن .