kayhan.ir

رمز الخبر: 163931
تأريخ النشر : 2023January17 - 20:21

حسابات مساعي التقارب السوري التركي الميدانية تدخل مرحلة جديدة

 

حسام زيدان

دخلت الحسابات الميدانية في الشمال السوري مرحلة جديدة، بعد مساعي التقارب السوري التركي، والإجراءات التركية على الصعيد الأمني والميداني، التي تعيد البحث عن عناوين في مساحة الميدان السوري والاشتباك الإقليمي والدولي.

هذه الحسابات تشكل سياقا طبيعيا بعد تعرض سوريا للعدوان وفرض الفوضى عليها، والتي لم تحقق أهدافها، ما دفع الإقليم والدول الفاعلة للتوجه نحو منظومة استقرار تتجاوز المنطقة الى مساحة الإقليم، محملة على رافعة امنية سياسية وبغطاء اقتصادية، الا ان كل ذلك يتوقف عند نقاط يجب حلها، والتي تنطلق أصلا من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة السورية والشعب، المبنية على إنهاء الاحتلال التركي ووقف دعم الإرهاب، ما يجعلنا نسأل كيف يمكن لتركيا ان تتجاوز فخ ادلب الذي وقعت فيه، نعم هو فخ ادلب الذي دفعت الدولة السورية تركيا والمجاميع المسلحة له، بعد ان استطاع الجيش السوري تفكيك الكتل الكبيرة من حجم المجموعات المسلحة، عُمل على ترحيل من تبقى من مسلحين والدفع بهم الى ادلب، وباتت تلك المحافظة مسرحا واسعا لعمل أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية، واصبحت مركزا لصراع الحلفاء من داعمي المجموعات المسلحة، واضحت التحالفات المتناقضة هناك في مواجهة وبالذات الخليجية منها مع التركي، بمعنى اخر تم جمع فائض العنف والارهاب في إدلب، وتم تحميله على كتف اردوغان، الذي استفاق متأخرا على ما جمع له هناك.

هذا المشهد المعقد في ادلب وحلب، يشكل تحديا حقيقيا لأنقرة في مسار التقارب مع دمشق، ما استدعى حراكا تركيا في مسارين متوازيين، الأول، تؤكد المعلومات ان ما ترتبه الاستخبارات التركية هو إعادة انتشار لمجموعا ت النصرة في الحدود الشمالية لمحافظة ادلب، بعد ان اقنع الاتراك جبهة النصرة بالانتقال الى الشريط الحدودي مع تركيا، ونشر عناصرها كحرس حدود، للاستفادة من الإرهابيين لضبط الشريط الحدودي، ومنع أي موجة هجرة قد تنطلق من تلك المناطق، وأشارت مصادر محلية ان النصرة نشرت منذ أيام الإرهابيين في مناطق محددة ضمن نقاط مراقبة ثابتة في 22 نقطة، بالتنسيق الكامل مع حرس الحدود التركي والاستخبارات التركية، في شريط جغرافي يمتد من بلدة زرزور الحدودية شمال جسر الشغور في ريف إدلب الغربي وحتى مدينة حارم إلى الشمال الغربي منها شمال غرب ادلب، والتي تضم بلدتي الحمامة ودركوش، فيما تستمر التحضيرات لنشر نقاط مراقبة وارهابين في المنطقة التي تصل حارم ببلدة أطمة عند أقصى الحدود الشمالية الشرقية لادلب.

في الوقت نفسه بدأت جبهة النصرة بإعادة الانتشار في ريف حلب الشمالي، عبر الانسحاب من مناطق عديدة في ادلب، والتمركز في منطقة عفرين وريفها، حيث تؤكد مصادر محلية ان النصرة بدأت بنقل أسلحة ثقيلة، من بينها آليات ودبابات، من إدلب إلى ريف حلب، توجهت الى المناطق التي توسعت فيها الجبهة مع حلفائها في تلك المناطق.

اما المسار الثاني يتلخص في استبعاد الإرهابيين الأجانب، ومن يرتبط بتنظيم القاعدة، حيث مازالت تركيا تحاول إيجاد مخرجا مناسبا لفك الارتباط بمجموعات إرهابية كانت حليفة لها، عبر ضبط ترحيلهم وفق الية منظمة، ومنع ارتداد خطرهم الى الداخل التركي ان تحركوا بهجرة معاكسة عبر الحدود السورية التركية، ودون ان تضع جيشها المنتشر في ريف حلب وادلب تحت خطر ردة الفعل، فهي عملية معقدة وتسير بشكل بطيء، والانباء تشير الى ان الوجهة الجديد هي أوكرانيا، بعد توفير طرق اخلاء امنة من قبل المخابرات التركية، ومن الذين وصلوا الى أوكرانيا، بحسب المعلومات، عبد الحكيم الشيشاني القائد لما يسمى بأجناد القوقاز، تلك المجموعة التي كانت منتشرة على جبهات عدّة أبرزها ريف اللاذقية، وهو يتمتّع مع جماعته بخبرة عسكرية كبيرة، كوْنه شارك في حروب عديدة منها، من بينها حرب الشيشان الثانية، قبل أن يَخرج مع مجموعته عام 2009 إلى تركيا، ويَظهر لاحقاً في سوريا، ويخرج من سوريا اثر مواجهات مع جبهة النصرة، اخرجته من جبال اللاذقية، وانتقل عبر تسوية هو وجماعته الى تركيا، ليظهر في أوكرانيا.

إن الحراك التركي في هذا الملف يجب ان ينطلق من أساس واضح، لإتمام مسار التقارب السوري التركي، وهو انهاء تواجد المجموعات المسلحة بكافة اشكالها، وهو ملف لا يقبل التسويف والتأجيل والحلول الموضعية، وهو أولوية حقيقية بالنسبة لدمشق، وانا إعادة تدوير او تمركز او رسم خرائط سيطرة جديدة، لا يكفي، فالحراك التركي يجب ان يتحرك بمسار متلازم بين انهاء تواجده العسكري في سوريا مع انهاء المجموعات المسلحة في ادلب، كمقدمة حقيقية وفعلية لاي تقارب سوري تركي، وقبل الانتقال لاي ملف اخر.