تجربة المعارضة السورية درس وعبرة
قدّمت تشكيلات المعارضة السورية خلال عقد ونيّف، نموذجاً فريداً لجملة اختبارات وافتراضات، تنتهي اليوم دورتها الكاملة مع القرار التركي بالسير بخط عنوانه التفاهم مع الدولة السورية وإعلان نهاية زمن الاستثمار في المعارضة.
خلال عقد ونيّف زعمت المعارضات السورية أنه من الممكن أن تنادي بالديمقراطية من حضن خارجي لا يعرف الدستور ولا الانتخابات، ومن الممكن أن تنادي بالاستقلال من حضن اجنبي، وأن تنادي بالعروبة من دولة التتريك، وأن تنادي بالدولة المدنية من تحت سيطرة جحافل الإرهابيين المتطرفين، والاختبار اليوم يبلغ خط النهاية.
بدأت المعارضات السورية بالتخلي تدريجياً عن مزاعمها، ولم يبق لها سوى زعم إسقاط النظام، فالديمقراطية كانت أولى الضحايا بتسليم مناطق سيطرتها لجماعات داعش والقاعدة، والعروبة صارت مهزلة مع تغيير أسماء الطرق والأحياء والبلدات لحساب أسماء تركية وكردية واستبدال مناهج التعليم العربية بالتركية والكردية، وفقاً لمناطق السيطرة، والاستقلال لم يعُد له لزوم لأن المطلوب المناداة بالتدخل الأجنبي وقد تلقت المعارضة هزائم مرّة، والدولة المدنية مسألة فيها نظر لعدم استفزاز جماعات التطرف الإخوانية والوهابية.
إسقاط النظام يستجدي تدخلاً تركياً أو أميركياً، حسب منطقة السيطرة، وسيناريو اليوم يقول إن التركي استدار وصارت طريقه نحو دمشق عبر بيع رأس المعارضات وترحيلها وإغلاق مكاتبها ومؤسسات إعلامها، وعندما يكتمل التفاهم التركي السوري بدعم روسي إيراني، سيبدأ العد التنازلي للكانتون الكردي سلماً أو حرباً، وسيكون على الأميركي البدء بحزم الحقائب استعداداً للرحيل ما لم يسبق التركي على الخطوة العملية الأولى.
سيرة المعارضات السورية نموذج ومثال لما يحصده الانتهازي والوصولي، وهما أفضل من في المعارضات، لأن الباقي عميل مأجور، وقد رأينا فلولهم تتنقل من جبهة ليبيا الى جبهة أذربيجان كمرتزقة، لكن حتى الانتهازي والوصولي لم يقدم إلا وصفة الفشل المؤكد، ولن يهنأ الذين راكموا أموالاً وثروات، فغدا يبدأ تشكيل لجان التحقيق في الدول التي تبنت هذه المعارضات بحثاً عن ملفات سوداء لاسترداد الأموال تحت عناوين جرائم التبييض والفساد، كما حدث مع الذي قبلهم في معارضات جرى تشغيلها واستئجارها بلا تعويض نهاية خدمة.
البناء