kayhan.ir

رمز الخبر: 161423
تأريخ النشر : 2022December04 - 20:21

قراءة إسرائيلية لتداعيات اليوم التالي لحكومة بن غفير وسموترتش

 

وسام أبو شمالة

يقدر العدو أن قضية القدس المحتلة والمسجد الأقصى ستكون أكثر النقاط قابلية لتفجير الموقف برمته في ظل توجهات حكومته اليمينية الفاشية، كما ستؤدي إلى توتر العلاقات مع الأردن، ومصر والمجتمع الدولي.

أعلن حزبا الليكود والصهيونية الدينية، التوصل إلى اتفاق بينهما لتشكيل حكومة جديدة للعدو الإسرائيلي، وستحصل الصهيونية الدينية على وزارة المالية بالتناوب، إضافة إلى وزارة الهجرة والاستيعاب، ووزارة جديدة تسمّى "المهام الوطنية" مسؤولة عن الاستيطان في الضفة، وأيضاً وزارة في وزارة "الجيش" ستكون مسؤولة عن الإدارة المدنية في الضفة الغربية، وستتبع لرئيس وزراء العدو المكلف بنيامين نتنياهو.

وسيتولى حزب "القوة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير، ثلاث وزارات هي: الأمن القومي، وتطوير النقب والجليل، والتراث.

كما سيحوز بن غفير، وزير الأمن القومي المكلف، صلاحيات موسعة، سيجري بموجبها نقل مسؤولية الشرطة و"حرس الحدود" في الضفة الغربية إلى عهدته، كما سيُعمل على توسيع وزارة تطوير الجليل والنقب، ونقل مسؤولية تنظيم البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية إليها.

حجم الصلاحيات المرتفع للمهام التي سيتولاها كل من بن غفير وسموترتش، والسياسات والتوجهات التي يتبنيانها، دفعت أوساطاً إسرائيلية متعددة إلى طرح عديد من التساؤلات على المستويين الرسمي والنخبوي، والتي عكست التخوّفات وحالة القلق الإسرائيليين من اليوم التالي لحكومة اليمين المتطرفة، خصوصاً عندما يتسلم بن غفير وسموترتش مواقعهما في الوزارات التي حظيت بصلاحيات واسعة، وأبرزها ما يتعلق بالتأثير المستقبلي في الصراع مع الشعب الفلسطيني بساحاته المختلفة، والتأثير في البيئة الداخلية الإسرائيلية، والتداعيات على العلاقة بالولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي.

فلسطينياً، يخشى العدو أن تؤدي سياسات بن غفير وسموترتش، إلى إشعال الجبهة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وغزة والداخل المحتل.

ففي القدس المحتلة، ستؤدي توجهات حكومة العدو القادمة إلى رفع مستوى الجرائم والعدوان على القدس، وزيادة وتيرة الاعتداءات على بيوت المقدسيين، لا سيما في حي الشيخ جراح وسلوان وحي بطن الهوى، والعمل على إخلاء الخان الأحمر، وتنظيم مزيد من الاقتحامات للمسجد الأقصى والمساعي لتقسيمه مكانياً، بعد المضي في خطوات تقسيمه زمانياً، وإقامة الصلوات والشعائر التلمودية في باحاته.

يقدر العدو أن قضية القدس والمسجد الأقصى ستكون أكثر النقاط قابلية لتفجير الموقف برمته في ظل توجهات حكومته اليمينية الفاشية، كما ستؤدي إلى توتر العلاقات مع الأردن، ومصر والمجتمع الدولي.

في الضفة الغربية المحتلة، يعتقد العدو أن الخطوات المزمع تنفيذها مثل رفع وتيرة الاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية، مثل أفيتار وحومش، ونيات الثنائي سموترتس وبن غفير بضمّ الضفة الغربية المحتلة، ومنح جنود العدو صلاحيات أوسع في فتح النار على المواطنين الفلسطينيين، ستؤدي إلى تمدد عمليات المقاومة وتوسعها من جهة، واستنزاف قوات العدو من جهة أخرى، كما ستتراجع مكانة السلطة الفلسطينية، الأمر الذي قد يدفعها إلى نوع من الاستجابة للضغوط الشعبية بإنهاء التنسيق الأمني، وانخراط مزيد من عناصرها في العمل المقاوم، وربما التوجه إلى عقد مصالحة مع حركة حماس.

أما في الداخل الفلسطيني المحتل، وفي حال نفذ بن غفير وعوده الانتخابية، مثل تدمير القرى البدوية الفلسطينية في النقب، وتجريم رفع العلم الفلسطيني، وتكثيف عمليات مصادرة السلاح، واعتقال ومحاكمة كل من شارك في أحداث معركة "سيف القدس"، وغيرها من الخطوات، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة مستوى التوتر وربما تتطور إلى مواجهات شعبية بين فلسطينيي الداخل والمستوطنين اليهود، لا سيما في النقب والمدن المختلطة المحتلة.

في قطاع غزة، يخشى العدو من أن تؤدي تطورات الموقف الميداني في الساحات الفلسطينية الأخرى، لا سيما في القدس والمسجد الأقصى، إلى تقليص هامش الخيارات للمقاومة الفلسطينية، التي تمكنت من فرض معادلة الربط بين الساحات في معركة "سيف القدس"، الأمر الذي سيدفعها إلى الرد عسكرياً، واشتعال مواجهة عسكرية ستكون تداعياتها أكثر خطورة من معركة "سيف القدس".

على صعيد جبهة العدو الداخلية، طرحت داخل أروقة العدو تساؤلات، تحولت إلى هواجس داخلية، على خلفية الاستقطاب المتزايد في مجتمع العدو، وانعكاس سلوك الحكومة الجديدة على المناخ السياسي في "إسرائيل" والانقسامات داخلها، وتأثيرها في الحصانة الاجتماعية للعدو، والآثار المترتبة على مؤسسات الكيان الرسمية، وإمكانية المسّ باستقرارها، لا سيما مؤسسات القضاء والشرطة و"الجيش"، والتي كان ينظر إليها في "إسرائيل" قبل تكليف حكومة زعران المستوطنين، بأنها الدرع الحامية للكيان ولديمقراطيته "الزائفة" ولتماسكه الداخلي، والآن أصبحت محل شك في ظل حكومة فتيان التلال "بن غفير وسموترتش".

تساؤلات اليوم التالي لحكومة غلاة اليمين الإرهابية، عبّرت عنها تصريحات قادة المستويين السياسي والعسكري للعدو، والتي عكست القلق والتخوف من المستقبل على أكثر من مستوى، فقد حذر رئيس أركان "جيش" العدو، أفيف كوخافي، من تدخل السياسيين في قرارات قيادة "الجيش"، وقال: " لن نسمح لأي سياسي، لا من اليمين ولا من اليسار، بالتدخل في قرارات القيادة واستخدام الجيش للترويج لأجندة سياسية، فالتدخل السياسي في الجيش الإسرائيلي يضر بشكل مباشر بقدرة الجيش على القيام بمهامه".

وقال وزير "جيش" العدو، بيني غانتس، إن "هناك من يحاول تحريض الجنود ضد القادة" في إشارة إلى إيتمار بن غفير، وأتت التصريحات بعد قيام جندي إسرائيلي بالاعتداء على أحد ناشطي اليسار الإسرائيلي في مدينة الخليل المحتلة، وعبّر جندي آخر أنه يؤيد الاعتداء بناءً على دعم بن غفير، وليس بناءً على تعليمات قيادة "الجيش".

وفي مقال افتتاحي للكاتب الإسرائيلي، ناحوم برنياع، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رأى أنه بعد أن سيطر على جهاز الشرطة مجرم مدان بالإرهاب، (بن غفير)، ستسيطر حكومته على المحكمة العليا والنيابة العامة، ثم جهاز الشاباك، وسيكون أحد المطالب الرئيسية لبن غفير وسموترتش في اليوم التالي لممارستهما صلاحياتهما الوزارية، فرض حكم الإعدام على عناصر المقاومة الفلسطينية، وبعد ذلك فرض أجندتهما الخاصة على "الجيش"، الأمر الذي قد يؤدي إلى تمزيقه من الداخل، واعتبر أنه منذ اليوم، أصبح "جيش" الشعب "جيش" نصف الشعب ولن يكون "جيشاً" منتصراً.

واعتبر الكاتب عوفر شيلح من "يديعوت أحرونوت"، أن "إسرائيل" أمام حكم توجد فيه قوة غير مسبوقة لعناصر غير مسؤولة.

حالة انعدام اليقين والقلق الإسرائيلي الداخلي دفعت أحد أشهر المغنين في "إسرائيل" عومر آدم، إلى تصفية جميع أعماله وإلغاء جدول حفلاته الموسيقية للعام القادم، ومغادرة الكيان.

وحسب موقع "ماكو" الإسرائيلي، فإن آدم اتخذ هذا القرار بعد اقتناعه بعدم جدوى استثماراته الفنية في الكيان بعد نتائج الانتخابات الأخيرة.

دولياً، أشارت علامة استفهام أخرى، طرحها قادة سابقون وحاليون ونخب للعدو، على القلق المتصاعد، بشأن إمكانية تراجع مكانة العدو الدولية بما يشمل موقف الإدارة الأميركية من حكومة إسرائيلية تضم بن غفير وسموترتش، والعلاقة بيهود الولايات المتحدة.

تساؤلات العدو وقلقه المتصاعد، ما بعد حكومة قطعان المستوطنين قد يؤشران إلى أن نهاية هذا المشروع الاستيطاني الإحلالي تكمن في تطرفه، فقادة العدو السياسيون والعسكريون يحذرون من المستقبل المجهول لكيانهم في ضوء السياسات المتوقعة للزعيمين الجديدين بن غفير وسموترتش، على الصعيدين الداخلي والخارجي، وفي ضوء تغليب مصالح نتنياهو الخاصة، على مصالح الكيان، ويرون، أن المؤسسات كافة معرضة لهزات عنيفة، بما فيها مؤسسة "الجيش"، بالإضافة إلى منظومات القضاء والشرطة، كما أن صورة الكيان العالمية ستتأكل، وأن مزيداً من الضغط على الشعب الفلسطيني سيؤدي إلى اندلاع مواجهة شاملة، قد تتطور إلى حرب متعددة الجبهات، لن تقدر "إسرائيل" على مواجهتها.