kayhan.ir

رمز الخبر: 16079
تأريخ النشر : 2015March03 - 20:52

ليبيا.. فوضي تحت السيطرة الأوروبية

علاء الرضائي

الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمرالقذافي أثر ثورة ١٧ فبراير ٢٠١١ وما تلاها من تدخل الناتو، تحولت مؤخراً وبعد دخول "داعش” الإرهابي على الخط، الى مستنقع تآمري جديد يراد منه تدمير دول الجوار الجغرافي الليبي بالدرجة الاولى او استنزافها.

وأما الحديث عن تهديد التطرف والارهاب لجنوب أوروبا التي لاتبعد في أقرب نقاطه عن الساحل الليبي الممتد لنحو ١٩٥٥ كيلو مترا، سوى ٣٠٠ كيلومتر مجرد ضجة، لابأس ان ننفخ فيها نحن أيضاً من باب انقلاب السحر على الساحر!.. لكن أعذروني فلايزال عقلي تسيطر عليه نظرية المؤامرة!

فلماذا تحولت ليبيا الى دولة فاشلة.. واين كانت أوروبا من مسار الفشل الليبي.. وكيف عجز التحالف الدولي الذي يضم أكثر من ٦٠ دولة عن مواجهة "داعش” الإرهابي.. وما هي حقيقة "امارة درنة” الداعشية في الشرق الليبي وعلى ساحل المتوسط قبالة جزيرت "كرت” الايطالية؟؟!

بداية، لابد من تأكيد هذه الحقيقة.. وهي ان الاوضاع الجارية في ليبيا نتيجة تلاقح ووليدة سياسات الغرب وخاصة اوروبا وبلدان الارتهان العربي (الدول الخليجية ومصر والاردن والمغرب) فهم من صادروا الحراك الشعبي الليبي وهم من جاءوا بالناتو وشاركوه في حربه.. وهم من جعلوا من ليبيا قاعدة سلفية أساسية مدعومة لمآرب في نفس السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وبريطانيا وهلم جر.. سلفية تتفق عليها تركيا العلمانية وقطر والسعودية الوهابية التقليدية وحليفتاها الامارات والبحرين!

وقد أجادت ليبيا دورها المرسوم لها من قبل "هنري ليفي” ومن وراءه على أتم وجه، ولعبت دوراً مهماً في استراتيجية الفوضى الخلاقة ونشر التطرف والارهاب القاعدي (ومن ثم الداعشي) في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، ولاتزال نتائج هذا الجهد الاستخباري الغربي - الخليجي - التركي لم تظهر بأكملها، لارتباط المخطط بأكثر من دولة عربية، رغم ما شاهدناه منها في سوريا ومصر.

لقد أريد لليبيا والى جانب مصادرها البترولية السيطرة على احتياطياتها التي تزيد عن ٤١ مليار برميل.. أريد لها أن مستنقعاً يستنزف مصر والجزائر والسودان وحطة رئيسية في دعم الارهاب بسوريا والعراق واليمن ودول الصحراء.. وهو ما تم على أرض الواقع.

ومن يتصور أن الغربيين كانوا بعيدين او غافلين عن ذلك فهو مخطئ، لانه ليست هناك اية دلائل تشير الى خروج اللعبة من يد الغربيين او تضرر حقيقي في مصالحهم او تهديد جدي يطالهم.. وكما قلت من صالحنا ان ننفخ في ذلك لكنه لايمثل الواقع!

لان جميع القوى الأساسية المتقاتلة في ليبيا موزعة على حلفاء أميركا وأوروبا الاقليميين والتي يمكنها من خلالهم السيطرة عليها وترتيب الوضع، لو كان هناك تهديد حقيقي يطال الغرب.. اما المجموعات المتمردة فيمكن محاصرتها من خلال القوى المحلية والاقليمية والدولية.

والمربع الليبي معروف للجميع:

١. الحكومة المؤقته المعترف بها دوليا والمنبثقة عن برلمان طبرق بزعامة عبدالله الثني، وذراعه العسكري المتمثل بقوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، والتي يؤيدها محمود جبريل ومحمود شمام، وهذه تدعمها كل من: الامارات، السعودية، مصر والاردن.

٢. المؤتمر الوطني العام وحكومة الانقاذ الوطني بزعامة عمر الحاسبي وهو بقايا الثوريين والاسلاميين الذين شاركوا بالقتال ضد قوات العقيد القذافي، وذراعه العسكري قوات فجر ليبيا، وهؤلاء مدعومون من قطر وتركيا والاخوان.

٣. بقايا نظام القذافي وبعض زعماء القبائل المرتبطين بهم، ومن ابرز قادتهم أحمد قذاف الدم المقرب من السلطات المصرية وهو يقيم في مصر!

٤. المجموعات السلفية والمتطرفة الصغيرة مثل”انصار الشريعة” و”داعش” الإرهابي.

وفيما يجمع المراقبون على ان الصراع الأساسي يدور بين برلمان طبرق (قوات حفتر) والمؤتمر الوطني العام (فجر ليبيا)، تتضح امكانية محاصرة النزاع القائم.. فأن عدم محاصرته او السعي الجاد لايقافه يشكل هدفاً أوروبيا أميركياً لزعزعة أمن الدول المجاورة لليبيا والتي من مصلحة أوروبا وأميركا والكيان الصهيوني اضعافها وتدميرها..

أما الخطر الذي تشكله المجموعات المتطرفة وفي مقدمتها "داعش” الإرهابي علي أوروبا فلعلي لا اتفق مع الكثيرين في هذه القضية، لانه من السهل محاصرتها داخل اليابسة ودفعها نحو دول الصحراء الافريقية، خاصة وان هناك حليفاتها السمراء بوكوحرام في نيجريا والشباب المسلم في الصومال.

لقد أدت ليبيا الدولة الفاشلة دوراً مهماً في الاستراتيجية الغربية الصهيونية التي لعب الصهيوني الفرنسي "برنار هنري ليفي” دوراً كبيراً في صياغتها وربط مساراتها في اكثر من بلد:

١. تدمير القوي العربية الأساسية التي تشكل خطراً - ولو ضمنياً علي الكيان الاسرائيلي - مثل سوريا ومصر والجزائر والسودان ولبنان.

٢. ما يؤدي بطبيعة الحال الي ظهور وبروز الأنظمة العربية المرتهنة للغرب وفي مقدمتها بلدان مجلس التعاون والأردن والمغرب.

٣. ارساء جذور تقسيمات جديدة في المنطقة العربية والاسلامية وفق أسس دينية او قومية او مذهبية او قبلية وعقدية.. نجح الامر في العراق الي حدّ ما وقبله في السودان (طبعاً السودان مرشح للمزيد) وقد يحاولون اثارته لاحقاً في الجزائر فهي المرشح الاكثر هذه الايام!

٤. اعادة الكيان الصهيوني الي سيناء أمنياً علي الاقل من خلال فتح جبهتين تكفيريتين أمام مصر، علي أن تغرق القوات المسلحة المصرية في الجبهة الليبية وتتولي "اسرائيل” معالجة جبهة سيناء - وغزة - بالتنسيق مع مصر!

وفي كل هذه المشاريع تلعب ليبيا دوراً أساسياً في تجميع وتصدير الارهابيين وتزويد مواقع الارهاب بالسلاح والعتاد، بالضبط كما جري في سوريا وشحنات الاسلحة التي ارسلت الي الارهابيين هناك بالتعاون مع تركيا وبعض القوي اللبنانية والاردن.. فهناك اكثر من ٥٠ مليون قطعة سلاح في ليبيا ومنها حسب بعض التقارير أسلحة كيماوية!

ولو حدث أن جري تدخل عسكري بري أوروبي في ليبيا ولا أضنه يحدث، فأعلموا أن هناك مشروعاً جديداً، هدفه مصر والجزائر بالدرجة الاولي.. أما روما فالتنام هانئة حالياً.. ولا تخف الاّ اذا تحولت الي جزء من مشروع الاقتتال المسيحي - الاسلامي الذي قد تحتاجه الرأسمالية - الصهيونية لاحقاً، كما كانت بحاجة الى غزوة نيويورك وغزوة لندن وغزوة شارلي ايبدو.. وما ذلك عن منطق القوم ببعيد!