مناورات إيران العسكرية… ورسائل القوة والسلام؟؟
هشام الهبيشان
لاول مرة بتاريخ المناورات العسكرية الايرانية تشهد المناورات تدمير مجسم ضخم يحاكي نموذجاً لحاملة طائرات ,,فمع أعلان القوات المسلحة الإيرانية عن أنطلاق مناورات عسكرية كبيرة في جنوب شرق البلاد، في مضيق هرمز” نقطة التقاء الخليج الفارسي بخليج عدن و الذي يعبر من خلاله35%من حركة النفط البحرية العالمية”، تحت تسمية "الرسول الاعظم 9″ ستستمر لمدة 3 أيام ستختبر خلالها عشرين صاروخًا جديدًا بما فيها طوربيدات "الطُوربيد صاروخ يستعمل لمحاربة السفن ويمكن إطلاقه من غواصة أو من طائرة”,,وسيتم إطلاق أربعمائة صاروخ من على قطع بحرية حربية متطورة ,,وأنواعا من الصواريخ، و ستمتد على مساحة بحرية واسعة ،، وهذه المناورات تأتي استكمالآ للمناورات”التاريخية " التي أطلقتها الجمهورية الاسلامية الايرانية بآواخر العام الماضي ,,وشملت بحر عمان، ومضيق هرمز حتى خليج عدن، تحت تسمية "محمد رسول الله” واستمرت لمدة 6 أيام وأختبرت خلالها أنواعا من الصواريخ والطائرات من دون طيار ، وأمتدت على مساحة 2.2 مليون كلم مربع.
فهذه المناورات التي جاءت بعد ظروف أقتصادية صعبة نوعآ ما عاشتها ومازالت الدولة ألايرانية بسبب حصار اقتصادي منذ ثلاث عقود ونصف بالتزامن مع "حرب النفط -التي تقودها السعودية وامريكا” ،، وبالتزامن مع هذه الظروف هناك أيضآ مسار ضغط سياسي وامني كبير يخص ملف أيران النووي، ، فهناك مجموعة من ألاخطار المتولدة عن هذا الملف قد تتعرض لها أيران مستقبلآ، أن لم تنجح مفاوضاتها مع دول 5 + 1، بخصوص ملفها النووي ،، بألاضافة الى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة ،، كالصراع في سورية واليمن والعراق،، وتهديدات أسرائيل العسكرية المتكررة للدولة ألايرانية ومحاولة عرقلة اتفاقها النووي مع قوى 5+1،، وعلاقة الدولة الايرانية مع بعض دول الخليج الفارسي المتوترة بهذه الفترة تحديدآ، وتكرار حديث بعض الدول الخليجية عن ضرورة تشكيل جيش خليجي موحد جزء من أهدافه كما تؤكد بعض ألانظمة الخليجية التصدي للتمدد ألايراني بالمنطقة.
ومن هنا يمكن قراءة أن هذه المناورات جاءت بهذه الفترة تحديدآ لتحمل عدة رسائل داخلية وخارجية ،، فهذه المناورات وفق حجمها الهائل ومساحتها الشاسعة وتطور عملها، وتوسعها بالعمل البحري "تحديدآ” ،، ومع بروز حجم التطور الصناعي العسكري ألايراني ،، وقدرة الجيش ألايراني الواسعة والمحكمة بالقيام بعمليات هجومية بحرية واسعة ،، ومع تطور عمل وتقنيات السلاح العسكري البحري -الجوي -البري -الناري للجيش ألايراني ،، فكل هذه العوامل تدفع لقراءة أن مضامين الرسائل الايرانية من وراء هذه المناورات تحمل عدة ابعاد والمقصود بها عدة أطراف داخلية وخارجية اقليمية ودولية ،، وتحمل عدة رسائل رئيسية.
أولى هذه الرسائل هي موجهة ألى الداخل ألايراني وخصوصآ الى الشعب ألايراني وجزء منه بعض الجماعات المعارضة بالداخل الايراني ،، فبعد أن حاولت بعض القوى الاقليمية والدولية ،، الضغط على صانع ومتخذ القرار الايراني من خلال مسار الضغوطات الاقتصادية والسياسية وألامنية ،، وكان رهان هذه القوى على أستثارة الشعب ألايراني على السلطة الرسمية ألايرانية، وهذا جاء واضحآ بعد أن أعلن وصرح بعض المسؤولين الاقليميين "السعوديين” بأن هبوط أسعار النفط سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإيراني وسيتبعه ضغوط داخلية واسعة من الشعب الإيراني ضد الحكومة ،، ومن هنا برز واضحآ أن الدولة ألايرانية قد انتبهت لهذا الموضوع مبكرآ وأستطاعت مؤخرآ أن تتبنى استراتيجية أقتصادية وأمنية بناءة ،، فمؤشرات الاقتصاد تحسنت رغم الحصار الاقتصادي الكبير المفروض على الدولة الايرانية اقليميآ ودوليآ منذ ما يقارب الثلاث عقود ونصف لاسباب متعددة ليس اخرها العقوبات الدولية التي فرضت عليها بسبب ملفها النووي ،، ومن جهة أخرى برز بهذه المناورات مدى تطور القوة العسكرية ألايرانية التي تجري ألان مناورات عسكرية كبيرة في جنوب شرق البلاد، وبحر عمان، ومضيق هرمز حتى خليج عدن ،، ومن هنا وصلت الرسالة ألاولى للشعب ألايراني وجزء منه بعض الجماعات المعارضة بالداخل الايراني، ولبعض ألاطراف التي راهنت على الشعب ألايراني ، ومضمونها ان الدولة ألايرانية ما زالت تتمتع بقوة كبيرة ،، وهي بحالة تتطور مستمر ،، وان العقوبات الدولية والاقليمية وحروب النفط لن تثني الدولة ألايرانية عن أستمرار مسيرة البناء بالداخل ألايراني ،، ولن تحد من قوة أيران الاقليمية.
ثاني هذه الرسائل التي تحملها هذه المناورات ،، هي موجهة الى بعض دول ألاقليم وتحديدآ بعض دول الخليج الفارسي بألاضافة الى الكيان الصهيوني "اسرائيل” ،، فهذه الدول التي تحيط بالدولة ألايرانية ،، والتي حاولت وما زالت تحاول بالفترة ألاخيرة، أن تضغط على الدولة ألايرانية أقتصاديآ وسياسيآ وحتى أمنيآ ،، من خلال تلويح هذه الدول بأنشاء جيش خليجي، أو ضربات عسكرية صهيونية تستهدف قواعد المفاعلات النووية ألايرانية، بالتزامن مع اشعال حرب النفط ،، ومن هنا جاءت المناورات العسكرية ألايرانية لتثبت لهذه الدول أن أيران حاضرة وحاضرة بقوة في ألاقليم ككل كقوة أقليمية، فقيامها بمناورات عسكرية كبيرة في جنوب شرق البلاد، وبحر عمان، ومضيق هرمز حتى خليج عدن، واستخدام صنوف أسلحة متطورة، يعني أن الدولة ألايرانية ما زالت حاضرة وبقوة بالمشهد ألاقليمي، وأنها لم تتأثر بالعقوبات ومسار هذه العقوبات ،، وأنها قادرة على التكيف مع هذه العقوبات، بالتزامن مع أستمرار تطوير وبناء الدولة ألايرانية، وأنها قادرة على الرد على أي عمل عدواني من أي جهة كانت ،، فالواضح هنا ان هذه المناورات من خلال طريقة عملها تثبت ان المناورات ذات طابع هجومي وليست ذات طابع دفاعي.
ثالث هذه الرسائل موجهة ألى كل دولة ونظام وهيئة دولية تحاول الضغط على الدولة ألايرانية ،، أقتصاديآ وسياسيآ وامنيآ ،، وبالخصوص هي موجهة الى واشنطن -باريس -لندن -برلين ،، ومضمون هذه الرسالة أن الدولة الايرانية بمقدروها ان تتكيف مع عقوبات الغرب عليها ،، وأن تستمر بمسار بناء وتطوير قدرات الدولة الايرانية بمختلف المجالات ،، رغم حجم الضغوط والحصار الاقتصادي التي تفرضه بعض ألانظمة والهيئات والمنظمات الغربية على الدولة ألايرانية ،، وأنه لايمكن لايران ان تقدم أي تنازلات تخرج عن مصلحتها الوطنية العليا بخصوص ملفها النووي ،، وهي جاهزة لكل الخيارات بحال تعثر الحلول بخصوص ملفها النووي ،، ومنها الخيار العسكري، فهي هنا أبرزت حجم قدراتها القتالية والعسكرية ،، كدليل على انها قادرة على التكيف مع مسار الحسار المفروض عليها غربيآ، والاستمرر بتطوير وبناء الدولة ألايرانية.
رابع هذه الرسائل ،، وهي موجهة الى حلفاء الدولة ألايرانية، أقليميآ ودوليآ، دمشق -موسكو -بكين "تحديدآ” والى بعض فصائل وقوى المقاومة بلبنان وفلسطين، وألى بعض القوى بالداخل اليمني والبحريني، ومضمون هذه الرسالة هو ان ايران ما زالت تمتلك من أوراق القوة ولديها الكثير من ألامكانيات والمقومات التي ستوفر لها ولحلفائها بالاقليم تحديدآ نوعآ من التوازن العسكري والامني، مع حلف اخر يسعى لا سقاط تحالف ايران ألاقليمي ،، وبذات ألاطار هي تبعث رسائل طمأنة ألى "موسكو - بكين” وهي أن ايران ما زالت حاضرة وبقوة، ولم ترضخ ولن ترضخ للضغوط ألاقليمية والدولية، وانها قادرة على التكيف مع مسار هذه الضغوط، وانها قادرة بالامكانيات العسكرية المتطورة لديها على تدعيم وتمتين قوة التحالف مع حلفائها الاقليميين والدوليين ،، للتخفيف من أثار وحجم الضغوط، الذي يحاول المحور الاخر فرضه على أيران وحلفائها.
وبالنهاية ،، فأن هذه المناورات الواسعة والشاملة ،، والتي شملت وستشمل مناورات عسكرية كبيرة في جنوب شرق البلاد،، ومضيق هرمز حتى خليج عدن، تؤكد أن الجمهورية ألاسلامية ألايرانية، كانت طوال الفترة الماضية وألى ألان قادرة على التكيف مع مسار الضغوط ألاقتصادية والامنية والسياسية المفروضة عليها أقليميآ ودوليآ، فهي أثبتت بهذه المناورات بأنها مازالت قوة اقليمية كبرى، وأنها مازالت قادرة على الحفاظ على مصالح الشعب ألايراني داخليآ وتطوير وبناء مؤسسات الدولة ألايرانية دون ألارتهان لمسار الضغوط وبجهود وقدرات ذاتية، وأنها بذات الاطار قادرة وباستمرار على المحافظة على مكانتها ألاقليمية والتصدي لكل من يحاول التعدي على هذه المكانة الاقليمية ،، واخيرآ فقد أثبتت للحلفاء وللاعداء أنها مازالت حاضرة وبقوة ولن ترضخ لأي ضغوط تحاول بعض ألاطراف فرضها عليها، وانها حاضرة وبكل خياراتها للتصدي لهذه ألاطراف.