ليخرج الاوروبيون من عباءة اميركا
مهدي منصوري
ماذا يمكن ان يتوقعه العالم من دول تفقد ارادتها واستقلال قرارها السياسي وترهنه خاضعة ذليلة بيد اميركا وخير مصداق على ذلك هو موقف دول الاتحاد الاوروبي الذي لا يملك أية مصداقية لانه ينساق وكالاعمى وراء ما يخرج من تصريحات من البيت الابيض. وقد بدأ هذا الامر واضحاً للجميع عندما تم الاتفاق والتوقيع على الاتفاق النووي مع ايران الا انها وعندما اعلن المخبول ترامب خروجه من الاتفاق فقد تضعضع القرار الاوروبي وبصورة بقي عاجزا من الثبات على موقفه ليضغط على واشنطن من ان قرارها بالانسحاب سيكون وبالدرجة الاولى كارثيا عليهم وانهم سيكونون قبل غيرهم المتضررين من قرار ترامب لان ايران قد مرت بتجربة العقوبات وغيرها وخرجت منها بنجاح مما لا يضيرها خروج اميركا او بقائها في موضوع الاتفاق النووي.
ولكن الاستغراب الذي لف العالم كيف هو الموقف الاوروبي غير المستقر والمتزن والذي يتغير بين لحظة واخرى بل وفي الاحرى وكما ذكرمراقبون للمباحثات التي جرت مع مندوبي دول الاتحاد الاوربي التي وقعت على الاتفاق النووي فانها اخذت تراوغ وبصورة انها وضعت قدما في طاولة المفاوضات الا ان اذنيها ترنوا الى ما يقوله المبعوث الاميركي خارج قاعة الاجتماع، مما ادى الى استخدام اسلوب الاستنزاف المتعمد من خلال تغيير مواعيد الاجتماع والذي خرج عن المعقول خاصة وان المفاوضات لم تكن عسيرة او معقدة الى هذا الحد بحيث استدعت اطالتها لان الامور كانت واضحة لكل الاطراف خاصة وبعد ان تم التوقيع عليها عام 2015.
الا ان المفاوض الاميركي الذي يرى ان الموافقة على الاتفاق النووي هو نصر سياسي كبير لطهران وانه يعطيها امتيازا كبير وموقعا جيدا في المنطقة والعالم. فلذلك لابد ان تضع العراقيل الواهية والتي ليس لها اي علاقة او رابطة بالشأن النووي من اجل التنصل والهروب الى الامام كما يقولون.
واخيرا والمعلوم للجميع ان اميركا تحمل حقدا تاريخيا للجمهورية الاسلامية ولذلك فان الذي يحركها هو ذلك الحقد. والملفت للامر الموقف الاوروبي الذليل الذي ساير اميركا في حقدها والذي اوصلها اليوم الى حالة مزرية خاصة بعد وقوفها الى طرف واحد في الازمة الروسية الاوكرانية من دون التفكير بالعواقب والنتائج التي ستترتب عليها. واليوم قد وقع "الفأس في الرأس" على اوروبا بحيث اخذت تبحث عن الفحم للخروج من حالة البرد القاتلة القادمة اليهم بالاضافة الى اقتصادياتهم التي اخذت بالانهيار التدريجي.
اذن فعلى الدول الاوروبية وهي في هذا الوضع المزري ان تكف عن تهديدها لايران الاسلام لانها لم تملك هذا الامر ما دامت تحت عباءة اميركا والذي اعتبره المراقبون ان تهديد اوروبا لايران لم يكن قرارها بل هو قرار اميركي بامتياز بحيث اصبحت اوروبا طبل اجوف وصدى لاميركا مما افقدها مصداقيتها امام شعوبها وشعوب العالم. والاوروبيون يعلمون جيدا ان طهران لن تخيفها التهديدات او القرارات الجائرة بل ستزيدها عزما اكثر في الثبات على موقفها لان قرارها هو بيدها ولن يخضع لارادة الاخرين.
ومن المؤكد ان اوروبا ستندم على متابعتها لاميركا وستعود تستجدي طهران للجلوس على طاولة الحوار من اجل الخروج من ازمتها الخانقة.