kayhan.ir

رمز الخبر: 159630
تأريخ النشر : 2022November04 - 20:20

ماذا عن نتنياهو ولبنان والاتفاق؟ برسم الذين قالوا «إن اتفاق الغاز تطبيع»!

 

ناصر قنديل

ــ لأن الحكي ببلاش، ولا جمرك عليه، ولا حساب للذاكرة، استسهل البعض بداعي الخصومة والكيد مع المقاومة، أو مع الرئيس ميشال عون أو مع الرئيس نبيه بري، أو جميعهم، توصيف الاتفاق غير المباشر الذي صاغه الأميركيون لتقاسم المناطق الاقتصادية الخالصة في البحر المتوسط، بأنه تنازل عن الحقوق اللبنانية، ووصل البعض للقول بأنه تطبيع مع كيان الاحتلال، واعتراف يمنح الشرعية لوجوده، ولأن المسؤولية الوطنية تستدعي طرح السؤال حول مستقبل تطبيق الاتفاق، خصوصاً لجهة قدرة لبنان على نيل ما نص عليه الاتفاق لجهة التنقيب في البلوكات الواقعة شمال الخط 23 ومعها كامل حقل قانا، مع وصول بنيامين نتنياهو الى رئاسة حكومة الاحتلال، وهو الذي سبق وهدد بالانسحاب منه إذا فاز في الانتخابات، وهذا يستدعي بالنسبة للذين قالوا إن لا فضل للمقاومة في إنجاز تحرير الثروات البحرية، الإجابة عن ماذا سيفعل لبنان إذا تعرضت هذه الثروات للخطر؟ وبالتوازي سؤال الذين اتهموا المقاومة بتغطية التطبيع، عن كيف ستتصرف المقاومة في حال حدوث هذا الانسحاب أو ما دونه، تحت سقف تعطيل تنفيذ البنود التي تتضمن ما يعتبره لبنان حقوقاً خالصة؟

ــ الواضح أولا أن المصلحة الوطنية التي يفترض أنها وراء كل قصد الذين انتقدوا أو حرضوا او شهروا، انتهى مفعولها بانتهاء فرصة الاستثمار في إعلان الاتفاق، فلم يناقش أحد منهم ما تفرضه المصلحة الوطنية، حول مصير الثروات البحرية بعد وصول نتنياهو إلى الحكم. وهنا لا بد من ملاحظة تراجع نتنياهو عن تهديده بالانسحاب من الاتفاق قبل يومين من الفوز، ومع ظهور إشارات باحتمالات الفوز، فقال إنه لن ينسحب من الاتفاق لكنه سوف يتعامل معه كما تعامل مع اتفاق أوسلو. ورغم أن التراجع يجنب نتنياهو السؤال الفوري القانوني عن موعد الانسحاب، إلا أن المضمون الفعلي للتعامل على طريقة اتفاق أوسلو يعني عدم الوفاء بالتعهدات الإسرائيلية، رغم عدم الانسحاب. وهذا يعني في ثروات النفط والغاز، أن يقوم الإسرائيلي خلافاً للاتفاق بالتنقيب في المناطق التي يعتبرها ضمن المناطق الاقتصادية الخالصة التي كان يطالب بها وثبت الاتفاق حصرية الاستثمار فيها للبنان، وهذه المناطق تتضمن البلوكات الجنوبية 8 و9 و10 كما تتضمن كامل حقل قانا، وأن يقوم بالتوازي بمنع أي محاولة لبنانية للتنقيب في هذه المناطق.

ــ ما يمكن للبنان فعله هو ما قاله عدد من المسؤولين الحكوميين اللبنانيين، خصوصاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، أن لبنان يستند الى ضمانات أميركية بعدم المساس بالاتفاق، وهو كلام يشبه كلام قيادة السلطة الفلسطينية في أيام الرئيس الراحل ياسر عرفات ومن بعده مع الرئيس محمود عباس، لكن نتنياهو تعامل مع أوسلو كما وعد، واكتفت واشنطن لسنوات بتكرار البيانات التي تدعو حكومة الكيان إلى احترام التعهدات في ما يخص المناطق المصنفة أ و ب، وتؤكد تمسك واشنطن بحل الدولتين، ومع مرور الزمن سقطت الدعوات للالتزام بالتعهدات وتحول الحديث عن حل الدولتين الى جملة انشائية فاقدة لأي معنى، بينما كانت المستوطنات تنهش المناطق المنصوص عليها في اتفاق أوسلو كمناطق فلسطينية، وتم تهويد الأحياء العربية في القدس، وعندما وصل دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية تمت شرعنة كل الخطوات الإسرائيلية، وصولاً الى اعتماد القدس عاصمة موحدة لكيان الاحتلال، واطلاق رصاصة الرحمة على حل الدولتين. وجاءت ادارة الرئيس جو بايدن، وعادت الى نغمة حل الدولتين لكنها لم تجرؤ على اتخاذ اي خطوة عملية لإلزام حكومة الاحتلال بوقف الاستيطان والتراجع عن تهويد القدس، بل إنها لم تجرؤ على اعادة النظر بالموقف من القدس كعاصمة للكيان ومقراً للسفارة الأميركية لديه.

ــ واقعياً لن يجرؤ نتنياهو على التعامل مع تقاسم ثروات الغاز والنفط كما تعامل مع اتفاق أوسلو، إلا من زاوية عدم الانسحاب والالتزام بحال التساكن، لكنه على الصعيد الإجرائي لن يجرؤ على المساس بالشق المنصوص عليه لبنانياً خالصاً في الاتفاق، ليس مراعاة للموقف الأميركي، فالعلاقة بين واشنطن وتل أبيب ستكون بعكس ما يظن الكثيرون، لأن واشنطن بايدن لن تجرؤ على إغضاب نتنياهو في مرحلة تنافس مع دونالد ترامب على مستقبل الرئاسة الأميركية، ونتنياهو يراهن على عودة ترامب والحصول على تطابق أميركي إسرائيلي في السياسات، لكن نتنياهو وبايدن وترامب، لن يتجرأوا على المساس بما يخص لبنان، للأسباب التي قال الوسيط الأميركي الملتزم إسرائيلياً عاموس هوكشتاين، أنها فرضت الاتفاق، وهي الخشية من اندلاع حرب تشعل البحر المتوسط وتوقف حركة الملاحة الدولية فيه وتجمد حركة تدفق الطاقة بين الخليج وأوروبا. وهذه الخشية مستمرة فوق رأس نتنياهو اذا حاول العبث مع لبنان. وهذا مضمون كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ختام كلمته الأخيرة، «ضمانة الاتفاق قوتنا، ولن يستخرج أحد الغاز من المتوسط ما لم يفعل لبنان».

ــ تطبيع التساكن مع إشهار حال الحرب فوق رأس الاحتلال، وتطبيع التسليم بالخطر الدائم في عقل الاحتلال، هو التطبيع الوحيد الذي تجيده وتلتزم به المقاومة، ومَن يعش يرَ!