kayhan.ir

رمز الخبر: 157867
تأريخ النشر : 2022October03 - 21:02

الامام العسكري (ع) وملحمة الكفاح السياسي لمواجهة الظلم والارهاب

 

 

 

قال الإمام الصادق عليه السلام: "احيوا أمرنا رحم الله من احيا أمرنا"

يصادف الثامن من ربيع الاول ذكرى استشهاد الإمام "الحسن بن علي" العسكري وهو المعصوم الثالث عشر والامام الحادي عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله سلم.

وهو الإمام الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

كانت ولادته في ربيع الثاني سنة 232 وشهادته سنة 260 مما يعني أن عمره 28 سنة فقط، فهو وجدّه الإمام الجواد من أقصر الأئمة عمرا، فقد استشهد الإمام الجواد وعمره 25 سنة. سمي بالعسكري نسبة إلى محلة العسكر في سامراء - شمال العراق - التي سكن فيها مع ابيه الامام الهادي عليه السلام. نشأ في ظل أبيه الذي عرف بالعلم والزهد والجهاد والعمل، فاكتسب منه مكارم الاخلاق وغزير العلم، وروح الايمان وشمائل أهل البيت عليهم السلام. وصحب أباه وعاش معه ثلاثا وعشرين سنة وأشهرا، استوعب خلالها علوم آل محمد صلى الله عليه وآله وتلقَى ميراث الامامة، فكان كآبائه في العلم والعمل والجهاد الدعوة الى الاصلاح في أمة جده محمد صلى الله علية وآله وسلم.

تحمل الإمام الحسن العسكري عليه السلام، مسؤولية الإمامة بعد والده عام 253 هـ في عصر المعتز العباسي الذي عزله حواشيه من الاتراك عام  255 هـ وحبسوه حتى مات بعد ايام. وولى الخلافة بعده المهتدي العباسي الذي واجه نفس المصير فهجموا عليه وجرح ودعوه الى ان يخلع نفسه ومات بعد يومين في عام 256 هـ. في ظل هذه الاوضاع المأساوية، لم تنس السلطة العباسية الإمام الحسن العسكري عليه السلام، واحاطته بالرقابة الدقيقة والمستمرة، وأحصت عليه تحركه، لتشل نشاطه وتحول بينه وبين ممارسة دوره القيادي في أوساط الامة، وهداينتها ورعايتها ... لذلك فقد لجأ الامام الى العمل بكتمان بعيدا عن أعين العباسيين وبناء جهاز من الاتباع والوكلاء واحكم تنظيمه وتفصح الوثائق التاريخية المتوفرة بين ايدينا عن ذلك الاسلوب الدقيق بوضوح كامل.

لقد خاض الإمام الحسن العسكري عليه السلام كآبائه الكرام عليهم السلام ملحمة الكفاح السياسي لمواجهة الظلم والارهاب، ولحفظ المبادىء والقيم والرسالة الاسلامية المقدسة كمهمة أساسية من مهام القيادة والامامة والتي شاء الله سبحانه ان يتحملوها. وقد كلفهم هذه المهمة الصعبة ثمنا باهظا ومعاناة طويلة فتحملوا السجون والملاحقة والقتل والتهم والتضييق عليهم.  وقد عاصر الامام في البداية المعتز والمهتدي والمعتمد من خلفاء بني العباس، وقد لاقى الإمام العنت والتضييق والارهاب والملاحقة من الخلفاء الثلاثة كما تعرض للاعتقال عدة مرات من قبلهم.

كان آخر الذين عاصرهم الامام هو المعتمد، وكان خليعا ميالا الى اللهو واللذات منصرفا الى العزف والغناء واقتراف المحرمات مما اوجب كراهية الناس له. لاقى الإمام عليه السلام على يدي المعتمد صنوفا مرهقة من الخطوب والتنكيل كما احاطه بقوى مكثفة من الامن تحصي عليه أنفاسه وتطارد كل من يريد الاتصال به. وكان مما يدفع العباسيين الى ذلك حسدهم من مكانة الإمام العسكري عليه السلام في الامة وخوفهم من ولده الامام المهدي المنتظر عليه السلام، والذي كان معلوما لديهم انه من ولد الامام العسكري عليه السلام وقد أشار الامام العسكري (عليه السلام) الى ذلك في رسالة جاء فيها:(زعموا أنهم يريدون قتلي ليقطعوا هذا النسل، وقد كذب الله قولهم والحمد لله).

ودسَ المعتمد له سما قاتلا تسمم على أثره بدن الامام عليه السلام ولازم الفراش عدة ايام يعاني آلاما مريرة وهو صابر محتسب حتى استشهد وعمره ثمان وعشرون عاما وكان ذلك في سنة 260 هـ.

 

من آخر وصاياه عليه السلام قوله:

(اوصيكم بتقوى الله والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الامامة إلى من أئتمنكم من بر أو فاجر، وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد (صلى الله عليه وآله)، صلوا في عشائركم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم فإن الرجل اذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى الامانة حسن خلقه مع الناس قيل: هذا شيعي فيسرني ذلك، اتقوا الله وكونوا زينا ولاتكونوا شينا وجروا الينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح فانه ما قيل فينا من حسن فنحن أهله وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك. لنا حق في كتاب الله وقرابة من رسول الله وتطهير من الله لايدعيه احد غيرنا إلا كذَاب. اكثروا ذكر الله وذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فان الصلاة على رسول الله عشر حسنات، واحفظوا ما وصيتكم به واستودعكم الله وأقر عليكم السلام).  - تحف العقول - .

فسلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي العسكري، مظلوما حيا وشهيدا.