kayhan.ir

رمز الخبر: 15666
تأريخ النشر : 2015February24 - 20:07

قوى الهيمنة هي المستفيد الوحيد من ممارسات بوكو حرام

عقيل الشيخ حسين

ما نعرفه عن داعش يعطينا فكرة صادقة عن جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد المعروفة باسم "بوكو حرام”. فالتسميتان مختلفتان لكن التنظيمين ينطلقان من أسس عقائدية واحدة، ويعتمدان العنف بأشكاله الأشد قسوة وهمجية كأسلوب في الإرهاب والترويع.

تجمع بين هذين التنظيمين وبين سائر التنظيمات المشابهة، فكرة تطبيق الشريعة وإقامة دولة الخلافة. مع كل التشوش الذي يكتنف هذين المفهومين: تطبيق الشريعة على يد هذه التنظيمات يفتقر إلى الحد الأدنى من احترام شروط التطبيق وأشكاله. وتاريخ دول الخلافة المشحون بالخلافات والحروب والمجازر المرتكبة بحق بعضها البعض، لا يصلح كمرجعية موحدة يمكن أن ينبني عليها هذا المفهوم.

تستر بالإسلام خدمة لمشاريع الهيمنة

والواقع أن هذا التشوش المقترن بغياب البرامج السياسية يبرر، إلى جانب معطيات الواقع، الأطروحات القائلة إن هذه التنظيمات تتستر بالإسلام وتعمل، أقله على مستوى قياداتها، بتوجيه ودعم من واشنطن وحلفائها بهدف تعميم الفوضى والاقتتال بين أصحاب المصلحة الواحدة كشرط ضروري لتمرير مشاريع الهيمنة.

بالنسبة لبوكو حرام، فقد تأسست عام 2002 في مايدوغوري بشمال نيجيريا على يد محمد يوسف. وبين العام 2002 و2009، وقعت صدامات عديدة بينها وبين قوى الأمن النيجيرية، لكن هذه الأخيرة لم تحمل خطورة هذا التنظيم على محمل الجد. وقد اعتقل محمد يوسف مرات عديدة من قبل السلطات النيجيرية التي كانت تسارع في كل مرة إلى إخلاء سبيله قبل أن يقتل، في ظروف غامضة، على يد الشرطة النيجيرية، في العام 2009. وهذا يضع علامات استفهام إضافية حول حقيقة الأهداف التي تسعى بوكو حرام إلى تحقيقها.

بوكو حرام تضرب في شرقي تشاد وتخوف من تسلل عناصرها إلى دارفور وسائر السودان

ومنذ تأسيسها وحتى العام 2009، ظلت بوكو حرام عبارة عن تنظيم مغلق يضم بضع مئات من الناشطين، خصوصاً في مجال الدعوة إلى تحريم التعليم الغربي، على ما يدل عليه اسم التنظيم.

توسع دائرة النشاط إلى البلدان المجاورة

وفي العام 2009 تحديداً، تم إعلان الجهاد من قبل ساني أومارو الذي طرح نفسه كخليفة لمحمد يوسف. وبهذا، تحول حراك التنظيم إلى انتفاضة شاملة عمت مختلف المناطق الشمالية في نيجيريا واستمرت لمدة عام كامل قبل أن تتعرض لعدد من الهزائم التي أجبرت الآلاف من أفرادها على الهرب نحو النيجر وتشاد حيث واصلوا أنشطتهم العنفية وتمكنوا في غضون شهرين من العودة بقوة إلى مسرح الأحداث في نيجيريا. دون أن يعني ذلك تخليهم عن أنشطتهم في تشاد والنيجر ثم في الكاميرون ومالي.

وفي هذه الأثناء ظهر أبو بكرالشكوي، المعروف باسم أبو بكر شيكاو، وأعلن نفسه قائداً للتنظيم ومناصراً، في وقت واحد، لكل من أبي بكر البغدادي وأيمن الظواهري، والملا عمر. وبعد أشهر، أعلن عن عقيدته المتمثلة بالولاء لخط ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب.

قوة إقليمية مشتركة لمحاربة بوكو حرام لكن الأمل ضعيف في قدرتها على تحقيق هدفها

يتراوح عدد مسلحي بوكو حرام بين ثمانية آلاف وستين ألف مقاتل بينهم مئات النساء الجاهزات لتنفيذ العمليات الانتحارية. أما مصادر التمويل فتتكون، بحسب معلومات المصادر الغربية، من الضرائب التي تفرض على سكان المناطق الخاضعة للتنظيم، ومن الأموال التي يؤمنها خطف الرهائن، إضافة إلى أعمال التهريب والأموال المرسلة من أشخاص خليجيين. لكن مستوى التسليح والمعدات الحديثة التي يمتلكها التنظيم تشي بوجود مصادر تمويل ذات قدرات أكبر.

أما العمليات العسكرية التي ينفذها التنظيم فتتمثل بمهاجمة الثكنات والسجون (بهدف تحرير الأسرى) والمدارس والكنائس، وينجم عنها مقتل آلاف الأشخاص سنوياً. والجدير بالذكر أن أكثر من 90 بالمئة من ضحايا بوكو حرام هم من المسلمين الذين يعتبرهم التنظيم "فاتري الإيمان”. أما سبب ذلك فيعود إلى أن أنشطة التنظيم لا تكاد تتجاوز المناطق التي تسكنها أكثريات إسلامية في البلدان المحيطة ببحيرة تشاد.

وفي العام 2014، خصوصاً، وسع تنظيم بوكو حرام دائرة نشاطه لتشمل شمال الكاميرون والجنوب الغربي من تشاد، وشارك في عمليات ضد القوات الفرنسية في مالي. وبعد تنفيذ أول هجوم لبوكو حرام جرى قبل أسبوعين في شرقي تشاد، على مقربة من الحدود السودانية، هنالك مخاوف جدية من تحول منطقة دارفور المضطربة إلى تربة خصبة لنشاط الجماعات الإسلامية المتطرفة.

وفي ظل فشل حكومات المنطقة في ضرب بوكو حرام أو الحد من توسع دائرة نشاطها، استغرب الرئيس النيجيري غودلاك جوناثان عدم قيام واشنطن بأي تحرك ضد هذا التنظيم على غرار ما تفعله في إطار الائتلاف الدولي ضد داعش.

والأكيد أن غياب الاهتمام الدولي هو ما دفع حكومات نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر، في وقت سابق من الشهر الحالي، إلى تشكيل "قوة إقليمية مشتركة متعددة الجنسيات” من 8500 رجل لمحاربة بوكو حرام، مع وعود بشن هجمات جوية وبرية اعتباراً من أواخر آذار / مارس القادم.

إلا أنه من غير المنتظر أن تتمكن هذه القوة من إضعاف بوكو حرام ووقف عملية الزعزعة التي تضرب بلدان إفريقيا الغربية والوسطى والتي لا تفعل غير تهيئة الأجواء للمزيد من أعمال السطو على خيرات المنطقة من قبل معسكر الهيمنة.