kayhan.ir

رمز الخبر: 156190
تأريخ النشر : 2022August30 - 20:21

تركيا.. بين ترسيم مسارات جديدة في المنطقة والتقارب مع دمشق

 

حسام زيدان

كثيرة هي التصريحات التركية تجاه دمشق، تصريحات من خارج سياق الدور التركي في الحرب المفروضة على سوريا، تشكل محاولة جديدة  تزيد من خلط الأوراق المبعثرة في كل زوايا الاقليم، فتركيا التي تحاول ترتيب تناقضاتها، وترسم من جديد مساراتها، وهي المحتضنة لقاعدة انجرليك الاطلسية ولأحلام بهوية أوروبية. تقارب مع دمشق، ولكن ماذا عن كل فتائل التفجير المتصلة بساعات الحرب التي فرضت على سوريا، والدعم المفتوح على شتى المجالات، والتدخل عبر اعلى الرتب والأسماء.

منذ قمة استانا اضحى واضحا الاندفاعة التركية، تجاه دمشق، حتى بات يظن المرء ان طاولات الحوار السوري التركي قد جهزت، ومنابر المؤتمرات الصحفية أصبحت مستعد لاستقبال التصريحات، ما يشير الى ان عامل الوقت هو الضاغط في انقرة، لنقل التصريحات التركية من حيز وسائل الاعلام، الى الحيز الفعلي العملي، بعد تخفيض مستوى السقوف التركية، في محاولة لتجاوز مربع الحذر السياسي السوري مع الاتراك.

نقاط كثيرة تدور حول هذه الاندفاعة التركية، تحتاج إلى بعض إن لم نقل إلى كثير من الوقت للإجابة عليها. أما الوقت الذي يحمل كل اجابة بكل وضوح، فهو ذاك النصر على العدوان على سورية، والذي وضعت أساسه تضحيات وبسالة السوريين، والقدرة الخلاقة في هذه المواجهة، ما خلق نظاما إقليميا صاعدا، عطّل الحضور الأمريكي فيه، وهنا يجب ان نقف عند نقطة هامة، وهي محاولة منع الإدارة الأمريكية من السيطرة على تركيا، ما دفع حلفاء سوريا، الى استجرار تركيا إلى موقع تتعاون فيه أمنيّاً لتبريد الجغرافيا السورية، ويؤمّن لسورية إمكانية استعادة فرض سيطرتها على كامل أرضها الطبيعية، وفي الوقت ذاته، يخلصون تركيا من فخ ادلب الذي اعدت زواياه القيادة السورية، وكانت تركيا من وقع فيه، لتكتشف بعد ذلك انها وقعت في شباك فخ معقد جدا، وصل فيه اردوغان الى جدار مسدود، ولم يترك له مخرج ولو على مساحة ثقب ابرة، ما دفع الرئيس التركي لمراجعة المشهد الكلي في المواجهة، فبدأ بدفع رسائل ودية للرئيس الأسد والدولة السورية، والى الان لم يكترث بها احد، كون الدولة السورية الاقدر على استخدام نتائج صمودها السياسي والعسكرية والاقتصادي من خلال نفوذ جديد في المنطقة، سيؤسس لتخليص حقوقها الوطنية كاملة.

هنا وجد اردوغان انه سيكون خارج إطار هذه المنظومة الإقليمية الوليدة، فكان واضحا استغلاله فرصة سياسية هامة، تعوضه عن اغلاق الأبواب الاوربية في وجهه، ويعمل جاهدا ان يكون لاعبا في مشروع الشراكة الاوراسية، لإنقاذ تركيا سياسيا واقتصاديا، عبر تليين خطوط الخلاف السياسي مع روسيا وايران والصين، وكان للجبهة السورية النصيب الأكبر في هذا الشأن، وهنا نتحدث عن ضرب اردوغان لاكثر من عصفور بحجر واحد، عبر الدخول في الحلف الإقليمي الصاعد، وسحب البساط من تحت اقدام المعارضة التركية، وخصيصا قبل الانتخابات، وانهاء قضية اللاجئين السوريين بتركيا، والحصول على مكاسب فيما يتعلق بالملف الكردي شمال وشمال شرق سوريا.

لكن في ميدان السياسة، من يضمن البراغماتية التركية، والقلق في الإقليم لم تهدأ رياحه، وان موجات الدبلوماسية التي تثب عن الانعطافة التركية، لا تمنح الثقة، ولا تزيد منسوب الشعور بالطمأنينة لنظام في انقرة، شكل رأس الحربة في الحرب على البلاد، واعتقد ان كان هذه الاندفاعة التركية تكتيك مرحلي، يشبه ما مارسته تركيا تجاه مصر، عبر العمل معها حتى الوصول الى نصف حل، نصف انهاء توتر وخلاف، يجعل من المنطقة تعود لدوامة اضطراب سياسي وامني وعسكري، اعنف من قبل، وان اردوغان يخطط بوضوح عبر هذا الحراك في التصريحات تجاه سوريا، لابعد الغضب الأمريكي عنه، وان يحصل على الرضا الروسي، وهنا تكمن المعضلة، ويجب الحذر من انتظار الموافقة الامريكية على هذه الخطوات، فالتركي سيستغل هذا الملف، للضغط على الأمريكي لتحصيل مكاسب اقتصادية في ظل تردي الوضع المالي في بلاده، ما يفسر الانفتاح التركي على الروس، الذي يهدف اردوعان منه تحريض الأمريكي لانتشاله من ازمته.